السبت، 20 نوفمبر 2010

الفأر.... قصة قصيرة... بقلم: عزة جبر



الفأر

قصة قصيرة




بقلم:

عزة جبر






اكتشفنا أن في بيتنا فأر، فأر صغير لا نعلم كيف دخل البيت، لكنه دخل، حين علم أهل البيت بوجوده قامت الدنيا ولم تقعد فهذا يلعن الفأر وذلك يتهدد بقتله، وتلك تصعد فوق الكرسي خشية منه، وصار الهرج والمرج، لكن الفأر الصغير اختفى لم نعد نعلم أين ذهب....

كنت وحدي بعد أن نام الجميع صوتٌ صغير قريب يبدو أن صديقنا الفأر قرر الظهور ثانية، ايقظت غيري لكي أخبره بأن الفأر ما زال في البيت يعيش معنا وها صوته قد ظهر، عاد المرج للبيت من جديد وعلى صوت البشر واختفى صوت الفأر، وبدأ البحث: _ انه هنا

- انه هنا

- ربما هناك

- سأنتقم منه

- سأحضر السُم بالغد

وفي اليوم التالي حين عدت كان البيت عبارة عن حقل للالغام ينتشر السم في كل مكان، هنا مصيدة، هناك قطعة جبن سامة، وصحون لاصقة، والفأر مختبئ....

في الليل عاد صوت الفأر من جديد قررت هذه المرة أن لا افتن عليه ربما كان يرغب في صداقتي لذا يظهر حين يشعر أن الكل قد نام عداي.. أو ربما شعر بأمن لأنني لم اشتمه ولم أهدد بقتله ولم أحضر إلى البيت أي لغم...

بدأت أتخيل مشاعر هذا الفأر ما ذنبه أنه خلق فأر ما ذنبه أنه وجد بيتنا مأوى له، مسكن ومطعم، ربما اعتقد أن بيتنا من حقه وأننا دخلاء، ابتسم وأنا اتخيل شكل الفأر وهو يخطط لطردنا من المنزل كما نخطط لقتله، أو ربما يعمل الآن على جمع أوراق اللجوء لاصدقائه وعائلته الفئران الذين لا مأوى لهم..

اتسع فمي بالابتسام وأنا اتخيله يحضر مصيدة كبيرة بحجم أخي وصحن لاصق كبير بحجم اختي، اعتقد أن من حقه ذلك فله أن يدافع عن نفسه وهو يستمع ويرى كل يوم آلات القتل ويرى الموت في كل ظهور له..

اعتقد أن الفأر يحمد الله على احجامنا الكبيرة التي لا تسمح لنا بالانزلاق داخل اماكنه الصغيرة، المثير أن كل ادوات القتل البشرية لم تفلح في قتله أو حتى أسره، يبدو أن هذا الفأر شديد الذكاء، بتنا لا نراه لكننا نرى أثره فإذا أخطأ أحدنا ونسي طعاماً خارج الثلاجة نرى أثر اسنانه الصغيرة عليه، خزانات المطبخ لم تسلم من قرضه ايضاً وخاصة خزائن المونة وفي كل يوم تزداد وتيرة التهديدات واللعنات ضد الفأر الصغيرة، ويزداد اعجابي بذكائه وتبريري لموقفه فهو لا يصنع شراً بل يبحث عن رزقه كما البشر تماماً وإن اختلفت الطرق والقرض...

في اجتماعنا العائلي الذي أصبح يعقد بشكل يومي للتباحث في شأن التخلص من الفأر ويزداد التشدد والتهديد واللعن، في هذا الاجتماع قررت أن اتحدث فهي المرة الأولى التي اعطي رأياً في قضية الفأر صمت الجميع ليستمعوا إلى فكرتي، قلت: يبدو أن الفأر يسمع ما تقول ويعلم بكل خططكم ويُستفز من تهديدكم ولعنكم وشتائمكم، لما لا نتعامل مع الأمر بشكل مغاير ونحترم ولو قليلاً شعور الفأر.!

ازداد صمت الجميع وتعجبهم لكنهم لم يعترضوا ربما هو اليأس الذي جعلهم يوافقونني فكرتي المجنونة، قلت بحزم: من اليوم سنتعامل مع الفأر بادب واحترام ارجو منكم ازالة حقل الالغام من البيت، ومخاطبة الفأر بشكل أقل حدة ودون لعن أو شتم..

وقد كان لي ما أردت، أخي صاحب الكرش الكبير والذي كان اكثرنا حرصاً على طعامه من أسنان الفأر أصبح يترك بعضاً من طعامه على الارض ويهمس: هي لك أيها الفأر الصغير،، واختي التي كانت تشتم بصوتها الحاد كلما سمعت باسمه أصبحت تتغزل بأسنانه البيضاء وذكائه الحاد وتدعو له بالحفظ من عين الحساد،، وامي التي كانت تدعو له بقطة كبيرة تنهشه أصبحت تدعو له بزوجة صالحة ترعاه..

أسبوع انتهى على هذا الحال بعض من المونة اختفت وكثير من الجبن الذي وضع له (دون سم طبعاً) وخبز وقليل من الأخشاب في البيت قرضت لكن الفأر اختفى يبدو أنه اخذ حاجته التي جاءت به إلينا ورحل، أو ربما شعر بأن الحرب بيننا قد انتهت واحترامنا له جعل عناده في البقاء واغاظتنا يتلاشى.. رحل الفأر لم يصنع شراً وصنعنا معه خيراً.....

أصدقائي لا تلعنوا الفأر حين يأكل قليلاً من خبزكم فلولا حاجته إلى الطعام لما فعل، بل العنوا من يسرق قوتكم كل يوم دون حاجته إليه...

ملاحظة: ما كتبت سيثير حفيظة من افتى بقتل ميكي ماوس، وسيلقى اعجاب كل متابعي توم وجيري...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى