السبت، 26 فبراير 2011

الأبنودي للإبراشي: جمال مبارك مسكين وسأموت مرتاحاً محيط – رهام محمود قال الشاعر الأبنودي أن جمال مبارك نجل الرئيس السابق عجل بالنهاية






الأبنودي للإبراشي: جمال مبارك مسكين وسأموت مرتاحاً








محيط – رهام محمود



قال الشاعر الأبنودي أن جمال مبارك نجل الرئيس السابق عجل بالنهاية المأساوية للنظام ، ولم يكن يرى مصر أو يهتم بمحبة الناس، وقد وزع الثروات العامة على أصدقائه بشكل تآمري، وكان يعتقد أنه يمكنه ببساطة حكم مصر لأن شعبها بلا إرادة ، ولكننا اليوم ننظر إليه كمسكين .

جاء ذلك خلال لقاء الإعلامي وائل الإبراشي بالشاعر الكبير في حلقة من برنامج "الحقيقة" على فضائية "دريم 2" أمس .

وقال الأبنودي أنه لم يتوقع قيام الثورة، ولكن المفاجأة أن من قاموا بها ببدايتها هم الشباب بمختلف الطبقات وليس أبناء العشوائيات فقط ، وقد خلفوا ظن الكبار فيهم، وكانت النظرة لهم أنهم شباب لا يعرف قيمة الوطن ولا يقرأ .

وعن بداية كتابته للشعر تذكر الأبنودي حينما فتحت حكومة صدقي كوبري عباس على الطلبة المحتجين في الأربعينات فأثاره المشهد وكتب قصيدة ، وقد تعرض بحياته للحبس بسبب كتاباته .

وكانت أشعار الأبنودي متلازمة مع أهم لحظات الأمة بما فيها نكسة 67 ونصر أكتوبر، ولعل أشهر ما غناه له العندليب عبدالحليم حافظ أغنية "عدى النهار" المحفورة بوجدان المصريين.




وائل الإبراشي إعلامي مصري

قرأ الأبنودي مقاطع من قصيدته "المد والجزر" وقد كتبها عام 1981 قبل شهور من اغتيال الرئيس السادات، وكان الأبنودي من معارضيه ويرى أن سياساته أدت لـ"جزر" أو انسحاب في المد القومي والوطني، وقد كتب القصيدة مستلهما غضبة الطلبة المصريين التي تأثر بها الشعب في عام 1946 احتجاجا على معاهدة صدقي بيفن "الخائنة" وسياسات الفساد ، ويقول بالقصيدة :

يا هذا اللون
إللى متشبّح فى أرجاء الكون
عروض الأعداء الأندال
وموافْقات الحكام.. الدُّون.
بحر الجثث الطافح..
جاىّ ورايح..
بروايح نِتْنة.. وفضايح.
ويعلا ف برلماناتنا/ الموت
أوسخ صوت
تتعبّى شعوبنا فى صفايح
تتْحزم الأوطان فى بالات
تندكّ فى شوالات
تترمى فى موانى المدن اللصة
وتخطفها القطورات
تتباع.. والعالم سوق
لا يسمع للشعب المخنوق
لا تسمح أصواته لأصوات!!
قلت له: «قد ما تبقى حقير
يحتفل العالم بيك
يكسيك
شهادات تقدير!!»






واصل الأبنودي: كتبت في القصيدة " الناس اللي ماشيين في الواطي .. حارساهم بدلة ضباطي" وألقيتها وسط الجماهير، ومصر منذ ثورة 1919 لم تسترد وجهها، فحتى ثورة 52 أقامها الضباط الأحرار ولكنهم تحكموا في البلد، أما ثورة يناير التي عشناها الآن فلا أحد يدعي نسبتها إليه ولهذا فهي ثورة ملك للشعب .

ولو كان شباب الثورة تابعين لأحزاب لضربت الخلافات بينهم ولم تتحد كلمتهم برأي الشاعر، ومعجزة الثورة أنها كسرت تقاليدنا الفرعونية التي تبجل وتؤله الحاكم بشكل ما .

يقول الابنودي : تعلمنا من هؤلاء الشباب معنى الوطن، وأعادوا كلمة "مصر" لمعناها فبهروا سكان العالم ، وجعلونا نزيح وجوها كرهناها وأجبرنا عليها في النظام ، وكانت تمعن في الفساد والنهب وتشويه التعليم.

ثم قرأ الأبنودي مقطع من قصيدته يقول :

"الحرايق فى اللوارى
الدِّما ع الأرصفة
والجموع الهادرة زاحفة من الحوارى
الغبار.. خلق الصفا.
مصر رعد.. نور غضب.. وتِتْرهَب
كل لحظة تتكتب..!!
الجامعة طالعة رايتها ضِلِّتها
هدّارة جبارة..
صادقة فى نيتها
بتتجه يمّ الوطن والموت..!! "



رجال النظام السابق

وأكد الأبنودي أنه بالفعل هناك محاولات للسطو على بطولات الشباب من بعض الاحزاب والقوى السياسية والتهام جزء من الكعكة ، ولهذا لابد من عدم تمكينهم من تنفيذ أغراضهم.

وقال الشاعر أنه كان يخشى الموت قبل أن تتحرر مصر ، ولكنه الآن يشعر بالإطمئنان عليها بعد الثورة لأنه تيقن أن النظام القديم لن يعود .

خلال الحلقة تذكر الأبنودي حينما طلبته جماعة الإخوان لقراءة قصيدة عن العراق، ولكنه لم يحب الموقف الذي وضع فيه، ورأى أن شباب الإخوان لعبوا دورا إيجابيا ضمن الشباب يوم الأربعاء المسمى بواقعة "الجمل" لصد البلطجية حتى الصباح، ولكنه فيما بعد كان لقياداتهم مواقف فردية لا تعبر عن المجموع .

ثم قرأ من قصيدته "مد وجزر" مقطع يقول فيه :

إلتفت صاحبى يقوللى:
«لسة نايم..؟
مش مظاهرات..
دى حاجات يفهمها شعبك.
إقفل العقل القديم وافهم بقلبك..
رقصة الزار القديمة.. الفرعونية
ع الخصيبة السندسية
لما يجتاحها الألم
لما تغمرها الإهانة.. والقدم..
تسحق الإنسان وتدهس القيم..»
ورأى الأبنودي بمعرض حديثه عن الثورة أن النظام السابق ليس تافها وستكون معركتنا معه شرسة، فقد كان طوال السنين يعمل بالظلام، يسرح البلطجية ويبيع الغاز، ويستهين بالناس، ولن يتنازلوا عن الأرض بسهولة كما قالها نجل القذافي " لن نترك الأرض" .

وعلى سبيل المثال تم حل البرلمان ولكن فتحي سرور مازال موجودا بالمشهد، ولهذا فوجود المصريين بأيام الجمعات التالية للثورة ضروري لأنه حماية لها طالما لم تتحقق مطالبهم، كما أنها وسيلة تهديد لأعداء الثورة .

ووصف الأبنودي النظام السابق بالتعفن قائلا أنه لم يعد يصلح لأي شيء آخر، وقد كان رئيسه معزولا عن واقع المصريين ولم ير حتى ميدان التحرير الغاضب ، وكان من حوله يقولون له أنه رب المصريين وإلههم كما كان يقول الفراعنة .

اعتبر الأبنودي أن كل رئيس كان يخفي إنجازات من سبقه، هكذا فعل مبارك مع السادات، والأخير مع عبدالناصر.

كما اعتبر الشاعر الكبير أن الخطاب الأخير للقذافي يشبه خطابات مبارك التي كان العالم ينتظرها، وهم يتحدثون وكأنهم لا يرون الواقع ولا الشارع .


يخاطب الأبنودي الرئيس السابق مبارك : من يحكم مصر كان عليه أن ينظر لحال شعبها لا أن يتركهم للجوع ويكسب وعائلته المليارات من حيث لا نعلم، وقد مات عبدالناصر فقيرا ولم يسمع بهذه الأرقام، ولم يترك الأموال تهرب للبنوك الخارجية.



شعب مصر

ولكنه في الوقت ذاته لم ينس الجانب الإنساني لمبارك ، وكان الرئيس يسأل عنه في محنة مرضه باستمرار، لكن فيما يتعلق بالعلاج على نفقة الدولة وهو قرار وقعه الجنزوري بأمر من الرئيس السابق مبارك، ولكن المستشار الطبي استحوز على أموال الدولة وأموال الشاعر، وأبلغ الأبنودي وزير الصحة بما جرى، فرد بأن أمواله لن تعود وخيره أن يحصل بهم على دواء ، وكانت تجربة قاسية .


يقول الأبنودي في قصيدته :

وحاقولك إيه همَس الصوت للصوت
فى البرلمانات/ الموت:
«أزكمها بريحتها
إوعى تمسّكها صحتها أو تدّيها راحتها.
إحقنها بحلم..
لو اتحقق.. إحنا اللى نموت
الحلم الأفيون الوهم
اللى بلا شحم ولحم
كلمها عن أموال جايّه..
وبنوك وبيوت
وصحارى خضرااااا
وازرع شجرة تطلع فى الكاميرا
وقبل ما تمشى.. تموت.

أما عن جائزة مبارك التي حصل عليها الأبنودي فقال: لا يعنيني الإسم المكتوب على الجائزة، لأن ستين أديبا من خيرة كتاب مصر رشحوه للجائزة دون أن يتقدم بطلب ، وهي أموال الدولة وليست أموال مبارك .

كما أبدى الأبنودي سعادته بالعدوى الثورية التي طالت الشعوب العربية، وخاصة بعد أن نجحت مصر في إزاحة الرئيس بعد تونس . وقرأ من قصيدته "الميدان" التي تحولت لميثاق الثورة .

قصائد للشاعرة: شادية الملاح

-شاديه الملاح-




صرخة أمل

شعر:

شادية الملاح
................

جوايا آه متعلقة ف خيط المحال

زى الوليد فى الشرنقة

لفاه حبال

يصرخ ينادى يخنقه صوت السكات

على أيه يفكر

فى اللى جاى ولا اللى فات

يفرح ساعات

يبكى اهات

ملفوف وليدنا بالحرير

وبرغم ذلك يستجير

أسكت بقى

واخرج خلاص م الشرنقة

و اعمل مظاهرة احتجاج

على صمت ملفوف بالحبال

و أسأل كمان أيه لزمتك

وعلى صوتك فى الفضا

حرر آهاتك فضفضه

و انسج حريرك كام وتر

واعزف امل

وابداْعمل

و اهرب كمان م المحتمل

وأمشى فى شعاع الشمس

دور على الدفا

دوب جليد صمتك

وعيش مليون سنه

دا مفيش فنا

لصرخة تخرج م الشقوق المظلمة

لسه الأمانى ممكنه

بعد الجراح المزمنة

افتح و دور فى الكتاب

و افرح بقى ليه لاكتئاب

واغزل حبال صمتك حجاب

واطلب حقوق بث الفضائى لصرختك

وعلى صوتك كلمتك

بآذان يدوى يكتمل

فينا الأمل

و أرفض تكون شئ محتمل

*****

جرأة


كانت بتسمع همسنا

وماعدش باقى من القدر غير كلمتين

كلمه بترسم ضحكتك فوق الجبيِِـــــن

والتانيه لقمه بتحدفيها تملاجوف الشقيانين

وانااللى بحصدمن هواكى سنين طوال

وقلبى ماشى فى سكته عايش على امل الوصال

كان نفسه مره تعرفى اجابة السؤال

لحظة ما كنا بنحتمى تحت الرصاص

وكنتى واقفه بتضحكى فى وش الزمن

لكنى بادفع التمن

ولقتنى واقع فوق دماغى كوم تراب

ولسه برسم ضحكتك فوق السراب

وبرغم كل الهم فى الزمن العجيب

شايفه البشاشه مابين ايديه

بيصرخ ويعلن عن وصوله

عاوز يشوف الهم فين

ويرمى وراه ..رموز بالحكم ياما اتكبروا.واتجبروا

فاكرين زماننا كان لهم

مع انه جاى يرمى بخيره فى حجرنا؛

وكلامه كان كله يقين . ساْل السؤال

ياولادى ليه متكتفين؟؟

واحنااللى من كتر الزهق جواناثورة الف عام

طب ليه ننام؟

اْوليه نسيبه لوحده يجمع شملنا ياااااااااااااغلبنا

حتى الحروف جوه كتاب الهم كات متسكنه

وكل الوجوه متلتمه مرسوم عليها الحزن

واغترابنا وحزننا

مع اننا لوعدناتانى لربنا

راح تعرفى اجابة السؤال والاقيكى طالعه للقمر

بجناح كبيييييييييييييييييييييييييييير

وبرغم كل الزمهرير

لسانى باحلم بالامل ونهار جديد

اماالعنيد؛

لساه بيسجد للوثن

ولاْنه رافض يوم يموت مع ناس بتتمنى الحياه

هايقوم يجهز للسفر

ولاْنه عاش عمره جبان

لملمت كل الجراْه فى القلب اللى مات

علشان يدوق منها الغشيم

مر السكات!!

-




الخميس، 24 فبراير 2011

حوار مع المبدعة اللامعة: فاديا عيسى قراجة حاورها : أ/ سعـــــــادة لعلــــــــى

حوار مع المبدعة اللامعة: فاديا عيسى قراجة حاورها : أ/ سعـــــــادة لعلــــــــى





الحوار ثقافة وتحضر

من صدى الوقت وعربدة الصمت وعراء الظلام.. أتت المبدعة فاديا عيسى قراجة، تحكي حنين الذات لمدى الحبر وكبرياء الأقحوان، تتلألأ نصوصها بصدق البهاء الإنساني وجراح كيانه..تعانق سؤال الألم وتبثه حزنها وشغفها العالي بوميض الكلمات.
جاءت المبدعة فاديا عيسى قراجة إلى رحاب الإبداع من مضايق الحكي وسراديبه ودهاليزه الغامضة ، حيث نايات الحروف أنواء موجعة، تحضن الأسئلة المغيبة والحاضرة في آن جارح، وتلاحق أقاصي الخداع اليومي لعالم لا نملك روحه، يفلت من بين أصابعنا.. وبيقين صادق ترى المبدعة "فاديا عيسى قراجة " الإبداع عزاء عن رماد الوقت و رمل الحياة.
كلما اقتربنا من عوالمها أدركنا كم هي شامخة، فتتبوأ مكانة أخرى داخل الحنايا .. كلما أصغينا لنبضات حروفها وحفيف كلماتها، وشخوص قصصها، أدركنا أن الشموخ لا يصنعه تلميع وجه كاتبة إعلاميا بقدر ما تفرضه أعمالها المتميزة جدا..
للأديبة فاديا أربع مجموعات قصصية : "مساحة للحياة " صدرت عام 1996،" رغبات بيضاء" صدرت سنة 2003م، " زقورة مريم صدرت سنة 2006م والقصة الأخيرة عام 2010 و المجموعة الأخيرة قيد الطبع .نالت جائزة اتحاد الكتّاب العرب بحمص 2000-2003م ، وفازت بجائزة المزرعة بسوريا عن مجموعتها القصصية المتميّزة "زقورة مريم" عام 2006م وآخر جائزة نالتها في مسابقة وزارة الداخلية في سوريا في القصة القصيرة فئة المخدرات عام2010.
* وهذه هي باقة الأسئلة التي أجابت عنها ـ مشكورة ـ برحابة صدر وبرشاقة الأنثى المبدعة॥



** : فاديا عيسى قراجة : تكتب قصصا قصيرة على مقاس " الوسائد الوثيرة" ، قصصا تعكس جنونها الذي ـ بقليل منه ـ نغير به العالم، كما قال " نيكوس كازانتزاكي ". كيف دخلت معبد الحكي؟


: أولاً شكراً على هذه المقدمة الجميلة .. ولكن دعني أختلف معك منذ البداية ، لعلك ستقول بداية غير موفقة ، لكن و للأمانة يجب أن أوضح فأنا لا أكتب قصصاً على مقاس الوسائد الوثيرة, ولو كان هذا التوصيف صحيحاً لما قرأت لعشرات الأقلام التي تهاجم وسائد الشوك إن صح التعبير التي أضعها فوق أسرّة من حجر لا همّ لها سوى دفن الروح والجسد بحجارتها الثقيلة ..أما كيف دخلت معبد الحكي وأشكرك على هذا التعبير فهذا شيء لم أدخله طواعية لأن هناك شيئا خاصا يسرقنا من أنفسنا ويقودنا بمغناطيسية حقيقية إلى حيث يريد ، والكتابة بدأت معي منذ الطفولة حيث لم أكن قد بلغت الخامسة من عمري , وفي سن أكبر بقليل قرأت كثيرا من الكتب لعل من أهمها كتاب "رحلة ابن بطوطة" الذي لا زال شكله ولونه الأزرق, وورقه الأصفر مطبوعاً في ذاكرتي، وسلسلة ألف ليلة وليلة المعدّة للأطفال.

** : الأستاذة فاديا.. ما الذي يحركك باتجاه القصة..؟ وما الذي يحرك القصة باتجاهك؟ وأين تلتقيان؟

: سؤال جميل ..قد تستغرب في جوابي الآتي:
أنا والقصة واحد لا يمكن أن أنفرد عنها أو تنفرد عني وهي كما أنا هاجسها الذي يقلق راحتي ويحد من علاقاتي الاجتماعية، فالقصة متطلبة طمَّاعة .. لا ترضى بالقليل وهي تحتلني , وتحكم سيطرتها على تحركاتي ، كم من مرة هربت كي أعيش لحظاتي الخاصة ولكنني كنت أكتشف بأنها تسافر معي وتختبئ في حقائب سفري وفي جيوبي , فأضحّي بكل شيء من أجل عيونها .. ولأنها مخلصة لي كان يجب أن أخلص لها وأبدل أثوابها في كل مناسبة تجمعني بها ، كي لا تشيخ وتهرم وتبقى شابة متجددة أفتخر بها .. لذلك أنا وهي في مركز دوران واحد لا نبتعد إلا لنلتقي.

**: هل يحدث لـ " فاديا " أن تطلب قصة فتتمنع عنها؟ بالمناسبة ، حدثينا عن مخاض الكتابة ووجعها؟

:هذا يحدث في كثير من الأحيان , وحضرتك كمبدع تعرف هذه الأشياء ..كم مرة أحسستُ بأن الفكرة جاهزة, والحبكة متينة , والمفردات متوافرة , ولا ينقصني سوى النقر على الحروف .. لكن كل شيء يتوقف في لحظة ميتة , أو غير متجاوبة , وأحس بأن هناك شيئا سيخذلني, ويتخلى عني, وأبقى أساهر همّ الولادة طويلاً دون فائدة وقد نصحني أحد كبار الكتاب وهو الأستاذ الناقد الحمصي محمد غازي التدمري على ألا ألح في طلب الكتابة لأن كل شيء في وقته حلو , ورغم ذلك لا أنصاع للنصيحة , وأبقى أعاقر الفراغ , وهذا شيء غير صحي لأن للقصة وكتابتها تسلسلا إبداعيا، فهي ستعلن عن نفسها دونما خجل عندما ترى أن كل أدواتها حاضرة.. فمثلاً قبل أن أكتب نص " قصيدة أندلسية " كنت أعده كي يكون قصة ، وكم من بدايةٍ وتصورٍ وضعت لها لكنها كانت حرونة ، وانقلبت عليّ وجاءت على شكل نص وجداني لا أكثر ولا أقل، ورغم فشلي في تحويلها إلى قصة لا زلتُ عند تعنتي ولا زلت أحاول أن أفعل ذلك .

** : هل تؤمنين بالإلهام ؟ أم أنك مثل "خوزيه ساراماغو " تجلسين على الكرسي ، ثم تأتي الكتابة " ؟

:الإلهام ككل تقصد ؟ إذا كان كذلك طبعاً, لأن تعريف الإلهام هو التحريض على الكتابة بطريقة ما, أو استحضار اللحظة المنفصلة عن الواقع .. فحضور شخص في حياتك يقلب كل المعادلات لديك ويحرّف اتجاهك 180 درجة، ويعلن دون أن يعلن بأنك وحروفك أسيره , وهذا يحدث في النصوص الشعرية والنثرية , لكن في القصة قلما يحصل الإلهام بمعناه الوجداني , ولكن يحدث بطريقة أخرى بما يسمى قدح فكرة تخدمها الظواهر الاجتماعية , والفكرية , والثقافية . القصة ـ أستاذ سعادة ـ مثل المخابرات العربية، لكن بطريقة مختلفة؛ فهي عين على الخطإ وعين على الجمال , وعين على الظلم، يعني هي رقيب جميل حنون.. أما الجلوس على الكرسي للكتابة عبر دفقات تأتي من الفراغ فلا أظن ذلك , لأن الأدب كقصة ورواية لا يتم إلا بعد النزول إلى الشارع وسماع نبضه .. عندها ستكون الكتابة هي الأكسجين الذي يطيل عمر الشارع والدواء الذي يخدر الوجع ولا يزيله , وهنا لا أقصد سوى القص الحقيقي صاحب الرسالة الحقيقية, بعيداً عن تجميل واقع لا وجود له أصلاً ..

** : من أين تستوحين الفكرة النواة للشروع في كتابة قصتك؟

:لعل جوابي هنا استكمال للجواب عن سؤالك السابق , افتحْ نافذتك وانظرْ إلى الشارع , ماذا لو دخلت في رأس كل من يمر أمامك , ماذا لو سمعت شكوى هؤلاء الناس , ماذا لو وضعت يدك على ما يقهرهم ؟؟ ألن تكتب طوال 25 ساعة دون توقف , وأعترف بأن مصادري القصصية أناس أغلبهم من لحم ودم دون أي مبالغة, بقليل من الخيال الذي لا يخدش الواقع..

** : المبدعة..فاديا، دعيني الآن أغوص في أعماق نصوصك لأقول: إن نصوصك خارج النصوص وهذا ما يهبها صفة التميز..كيف تشرحين لنا هذا التميز؟

: أتمنى أن يكون لنصوصي هذا التميز ولو بنسبة قليلة ..
سأكون صريحة وأدخلك إلى مشغلي القصصي إن جاز لي التعبير , عندما أكتب لا أفكر بالرقيب وهذا أهم رافع لنجاح القص وصدقه من جهة أخرى , كما أن الخطوط الحمراء ملغاة من قاموسي منذ زمن , فكل ما ينصبّ عليه القص لديّ هو أن أرسم الحالة بكل عريها وبشاعتها وأقصد هنا البشاعة الحقيقية للحالة وليس البشاعة الأدبية , ولا أتردد في رسم أي حالة مهما كانت مصنفة فيما يسمى "الطابو الاجتماعي أو الديني أو السياسي، وهذا ما ستنطق به قصتي التي سأنشرها قريباً وسوف تلاحظ إلى أي مدى أغامر في توريط قلمي.

** : نصوصك في ثنائياتها ، تقيم تحت ظلال القلق والتوتر ، فيها محاورة ومداورة على مستوى البناء واللغة والأخيلة .. لغة ترسم من الألوان لوحات..حدّثينا عن هذه العوالم الساحرة والمدهشة؟

:هذه شهادة أعتز بها وأتمنى أن أكون قد وصلت إلى مرحلة يشاركني القارئ في قناعاتي التي تتراقص فوق صفيح من نار القلق والتوتر ..
المبدع حتى يتمكن من امتلاك كل أدوات الإبداع يجب أن يكون قارئاً نهماً لا يشبعه شيء , فكلما ازداد رصيدنا المعرفي، ازددنا ثقة بامتلاك ناصية القص, ووصلنا إلى مرحلة "الاحترافية" ، وهذا لن يتأتى لنا إلا عبر ثقافة عميقة ودراسة واعية لحالات اجتماعية من لحم ودم بعيداَ عن الميثيولوجيا والفنتازيا ، فأنا أزعم بأنني قارئة جيدة، ربما هذا الذي يتيح لي مزاوجة اللغة بألوان من التجارب الشخصية والمعرفية فتأتي نصوصي تتدرج بين الشعر والقصة..

** : نصوصك لها طعم الشعر الذي يتدلى كعنقود عنب وأوراق الورد وكثير من رائحة البحر..البحر الذي يشبه الأصدقاء.. كيف دانت لك القطوف؟

: ها أنت تنطق شعراً يا أستاذ سعادة , وعند سماع الشعر ما على القاص سوى الصمت .. لكن لا مانع في أن يكون القص متوحداً مع أكثر من جنس أدبي ,ليُنتج نصاً غنياً بكل مفردات الإبداع، شرط أن يحافظ النص على كينونته ولا يغرق في الأجناس الأخرى لدرجة أن يفقد شرعيته كمسمى ..

** : لاحظنا حضورا دائما للمرأة في نصوصك القصصية، فهل تحتاج القصة دائما للأنثى كي تقول المختلف ؟

: في نصوصي يحضر الرجل كما تحضر المرأة ولكوني امرأة فأنا لدي فهمي الخاص للمرأة الأنثى التي تحارب كي تجد موطئ قدم , ولا يمكن لنص أن تغيب عنه هذه الثنائية , التي بها يعمر الكون وبها يخرب أيضاً .. وربما أكون منحازة للحقيقة الوجودية فيما يسمى رجل مهيمن وامرأة خاضعة , وأحاول عبر تسليط الضوء على كل منهما أن أُظهر كل ما يجعل تلك العلاقة البهية كلوحة نافرة بعيدة عن الجمال, وكما لاحظت ـ وحضرتك متتبع لنصوصي ـ بأنني لا أحمِّل الرجل فوق طاقته , ولا أرحم المرأة الخانعة التي تعمل حسب جدول يعدّ لها منذ ولادتها وحتى موتها.

** : أزعم أن صورة الرجل في قصصك توحي بالألم ، كما توحي بإعادة تشكيل هذه الصورة كي تستقيم الحياة ، ما رأيك؟

:أولاً دعني أقول لك ماذا يعني لي الرجل بكل بهاء حضوره وجماله , ورقيّه ..
الرجل هو أبي الراحل ,وابني البعيد , وأخي الذي لم يرزقن الله نعمة وجوده , وحبيبي الظالم , وصديقي الحنون ..فلكل هؤلاء أنحني بكل حرف أكتبه , وأتلوّى أمامه , وأبكي عندما أستحضر أي صورة تعبر عنه , ولذلك كله، ولأنني أعتبر الرجل فردوسي الضائع، أتعامل معه كما يتعامل صائغ الذهب مع قطعته النفيسة , لكن بفارق بسيط هو أنني لا يمكن أن أحابي الرجل إذا كان ظالماً , ولا أن أسدد إليه سهامي العشوائية بهدف الانتقام أو تصفية حساب، مثلاً ، بل أسعى إلى اجتثاث السبب الذي يورط الرجل في الغوص بذكورية غير مبررة , وذلك عبر قصّي الذي يلاقي الكثير من الجدل , والجدل لأي نص هو تأشيرة على نجاحه و عمقه, وبذلك أستخلص الروح العميقة التي تعتمل داخل الرجل وأحصل على سبيكة خالية من الشوائب .

** : ينزعج البعض من احتفائك بالجسد. بماذا تفسرين قلق هذا الانزعاج؟

: أحترم انزعاج البعض وربما أتفهمه ، لكن في ذات الوقت يدهشني هذا الانزعاج فأنا في النهاية أكتب نصاً قصصياً يمتلك كل أدواته الأدبية والفنية عبر جسر من اللغة يتراوح بين الجسد المهمل في عالمنا, و الروح المقتولة والمترهلة في نصوصنا , ولا أهمل أي شيء تحت أي ضغط , فالصورة يجب أن تظهر كاملة غير منقوصة , ولعل البعض يفضل أن يغطي الشمس بغربال , ولو سألتني , فأنا برجي ناري أعشق الاحتراق , حتى لو كان من الشمس نفسها .

** : " خيانة زوجة "، من أي مشتل نبع هذا العنوان المؤلم؟

: هي ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا شئنا أم أبينا , وكل ما فعلته أنا, أنني وضعت سمّاعة مكبِّرة في داخل تلك المرأة وسمحت لها أن تقول ما تشاء ,دون أن أسمح لنفسي بمصادرة أي كلمة مهما كانت خارج سرب النص الأدبي , وأعترف بأنني حقنت هذه القصة بجرعات زائدة من الجرأة ولكن لم تكن لتستقيم لو لم أفعل هذا , وتبقى هذه وجهة نظري الخاصة.

** : القصة العربية اليوم تشهد صحوة طيبة، غير أن العارفين بأسرار الأمور يرون أن المشهد مازال في حاجة إلى حركتين تصحيحيتين :
1. تحريض النقد الغائب على الإصدارات القصصية.
2. إرساء أسس حوار إبداعي حقيقي بين التجارب المختلفة بتنظيم لقاءات ومهرجانات لكتّاب القصة، وضمان مشاركتهم الجماعية قصد تطوير خطابها و تقويته.
* هل تشاطرين هؤلاء العارفين رأيهم ؟ وإلى أي حد تبدو القصة العربية في حاجة لهاتين الحركتين التصحيحيتين ؟

: سؤال في منتهى الروعة والدقة وأرجو أن أحيط بكل الملوثات التي تطرأ على المشهد الثقافي الذي يتشابه من المحيط إلى الخليج .. سأحكي عن الوضع الثقافي في حمص كأنموذج وأظنه ينطبق على كل البلدان العربية؛ فالمحسوبيات منتشرة في كل المفاصل الثقافية ، كما أن من يرعى المنابر لا علاقة له بالثقافة ..أما موضوع النقد فهو ميت منذ عهود ما عدا النقد الذي يأتي بالربح أو المركز أو ارتقاء لسلّم وظيفي ما .. وكم يحزنني عدد المجموعات القصصية التي تخرج من المطابع لتنام فوق الرفوف دون أن يفكر أحد بإزالة غبار النسيان عنها , وكما قلت فإن أي مهرجان تحت اسم القصة القصيرة لا نفع منه لأنه يكرس أسماء قد تأتي دعوة بعضها ضمن ما أسميته بالمحسوبيات . طبعاً، أشاطر من يقول بأن المشهد الثقافي ليس بخير ولن يستوي مالم يتم كنس كل هؤلاء المفسدين والفاسدين . .. ونحتاج إلى كثير من التصحيح حتى تقف الثقافة على أقدامها .

** : يتّسم المشهد الإبداعي العربي بغياب النقد الجاد والقراءة الواعية والتعاضد الإبداعي بين الكتاب والنقاد، ويسوده أحيانا تنابز خفي بين المبدعين قد يصل إلى تطاحن غريب حول أشياء تافهة .. ما تقييمك للمشهد الأدبي العربي من خلال منبر أصوات الشمال؟

: أشكرك على هذا السؤال، وكنت قد قلت في أحد حواراتي أن المشهد الأدبي العربي يشبه جلسة أنس لا شيء يميزها سوى المجاملات وشرب البيبسي ..
أما عن سؤالك فأرجو أن أكون في موقع يسمح لي بالتقويم , فمثلاً أصوات الشمال منبر محترم , القائمون عليه يحرصون على إرضاء كل الأقلام مهما كانت متواضعة العطاء وقد يكون هذا مأخذاً ليس لصالح المجلة , وقد ناقشت هذا الأمر مع الأستاذ رابح. أما النقد على صفحات موقع إلكتروني فأظن أن هذا ليس وارداً رغم أنه ليس صعباً أو مستحيلاً .. ولقد وقعت في جدال مع إحدى المبدعات لأنني كتبت نقداً تناول نصها، لم يكن من حقي ـ كما أفهمتني تلك المبدعة ـ أن أقول ما قلته، ولكن النصوص ليست كتباً مقدسة فهي معرضة للتصويب , والأخذ والرد . وكما تلاحظ حضرتك فإن لنصوصي حصة الأسد في النقد الذي قد لا يكون منهجياً ورغم ذلك أنا مؤمنة بأنه ما أن يخرج نصي من أدراجي فلم يعد ملكي وللجميع حق إبداء الرأي فيه مهما كان هذا الرأي صائباً أو مجحفاً , وقد يأتي النقد كتصفية حساب بين المبدعين، للأسف ، وهذا أقصى درجات الجهل بالإبداع.. وبالنتيجة لا نملك مدارس نقدية يُعتد بها كما أننا لا نملك الإيمان الكافي بنصوصنا .

** : ما هو الشعور الذي ينتابك عندما تقرئين لكاتب أو كاتبة ما نصا قصصيا جيدا، أو نصا لا تستسيغه ذائقتك؟

: والله يا أستاذ سعادة أنت تريد أن تورطني مع الأصدقاء , ولكن أقول بمختصر مفيد بأنني أحتفي بالنص الجيد الذي يترك بصمة رائعة , وأبتعد عن النص الرديء ,واسمح لي أن أذكر اسم كاتبة تترك دائماً أثراً جميلاً في نفسي بعد قراءة نصوصها وهي الكاتبة الأردنية السيدة رائدة زقوت وكلنا يعرف أن القص الأردني قد اجتاز مراحل شاسعة في التجديد .

** : أنت كائن إلكتروني، وكائن ورقي، أين تنصبين خيمتك وتستريحين؟

: سؤال مربك .. قد أظلم النشر الورقي إن قلت بأنني كائن إلكتروني فأول فرحة كانت على الورق , وإن قلت بأنني كائن ورقي فقد أظلم النشر الإلكتروني الذي أتاح لي هامشاً من الحرية لم أكن أحلم به , لذلك دعني أقول بأنني كائن يقبع في برزخ بين الورق والإلكترون..
س17

** : هل منحتك القصة القصيرة شيئا من الدفء للتخفيف من غربتك ؟

:القصة لم تمنحن فصلاً واحداً بل اخترعت لي فصولاً إضافية أفكك عبرها المفردات وأكتشف عالماً آخر حتى لو كان خيالياً , فأنا أعترف بأن القصة أخذتني من نفسي , وربما كانت السبب المباشر في فشل ما في إحدى محطات حياتي لأنني رفضت أن أساوم عليها , لذلك هي تحميني في غربتي كحبيب حقيقي.

** : ما هي المكانة التي تحتلها الكتابة في حياتك؟

: الأولى بالتأكيد، لأن لا شيء في حياتي أهم من الكتابة.

** : ماذا رأيت البارحة في منامك ؟

: أنا من جماعة (تعال يا نوم) لأنني في حقيقة الأمر مصابة بداء الأرق منذ أكثر من عشرة أعوام بسبب ظرف قاهر ألمّ بي ولم تنفع معي كل الاستطبابات الدوائية ولا حتى أعشاب الطب البديل .. لذلك قلما أرى مناماً، وإن رأيت فلا أذكره.

** : " فاديا" تنفق على جمالها ببذخ..فهل تسكنك روح كليوباترا؟

: المرأة في حقيقة الأمر هي كليوباترا، أي مزيج من سلطة وجمال وشهوة ونفوذ , وخيبة وقهر وجنون ودمار، ولن أكون خارج قوسين أبداً, لكن لم أعرف ماذا تقصد بأنني أنفق على جمالي ببذخ رغم أنني لم أعمل أي عملية تجميل وهذا لا يعني بأنني ضد عمليات التجميل كل ما أستعمله أدوات تجميل غير أوربية، يعني وطنية وعلى الغالب تكون مغشوشة, ولها تداعيات كارثية , وإذا قصدت اهتمامي بحضور لائق فهذا حرصاً مني على أن أظهر بمظهر جميل لأنني مثل أي امرأة يهمها بل يسعدها أمر الجمال ورأي الآخر (الرجل) بها وبجمالها.

** : المبدعة فاديا.. ماذا لو حدّثتنا عن الإنسانة فاديا؟

: بمعزل عن الكتابة و الإبداع، تنتابني حمى الحياة السعيدة التي أحلم أن أبنيها مع رجل حقيقي يتفهم حياتي الخاصة، ويشد من عزيمتي، ولا يكون هو والزمان ضدي، كما أعيش "هاجس":(ماذا لو فقدتُ أمي؟) كيف سأكمل حياتي من دونها، وهي محور حياتي.. وهناك أمنية كبيرة لرجل صغير يكبر بعيداً عني أتمنى لو أهبه روحي كي تغلفه بطبقات سميكة من الحب والحنان والحماية والرعاية. فما أصعب أن يكبر قلبنا بعيداً عنا.

** شكرا للمبدعة المتألقة فاديا عيسى قراجة على تقبّلها سيناتنا..

الأربعاء، 23 فبراير 2011

"أول النهار"* لسعد القرش : لماذا تم تجاهل هذه الرواية المهمة؟ هشام بن الشاوي




"أول النهار"* لسعد القرش :

لماذا تم تجاهل هذه الرواية المهمة؟



هشام بن الشاوي

· مدن تحلق في سماوات الخيال



تعودنا أن نتجول مع كتّابنا العرب في مدن القاهرة، الدار البيضاء، دمشق، بيروت، عمان وغيرها من المدن والعواصم العربية... نتسكع في شوارعها، ونتلصص على أزقتها و أحيائها الخلفية، لكن بعض الروائيين يميلون إلى "اختراع" مدن وهمية؛ مدن متخيلة، ستبقى خالدة في ذاكرة القرّاء الشغوفين بالسرد، ويجد الكاتب في هندسة تلك المدن متعة لا تضاهى؛ متعة لن يعرفها سوى من اكتوى بنار الحكي، لا سيما وأن الرواية - بخلاف باقي الأجناس الأدبية- فن حياكة التفاصيل وتفاصيل التفاصيل، فيحلق بخياله على بساط الريح فوق شوارع وبيوت مدينته، متأملا أحوال البلاد والعباد. ومن بين هؤلاء الكتاب نذكر على سبيل المثال لا الحصر : محمد البساطي في رائعتيه : "الخالدية"، تلك المدينة التي لا وجود لها إلا في خيال بطل الرواية، الممزق بين عالمين، ثم روايته : "دق الطبول"، التي لجأ فيها إلى خلق إمارة وهمية بالخليج، وهناك عزت القمحاوي في "مدينة اللذة"، وجمال ناجي في "مخلفات الزوابع الأخيرة"، وأخيرا وليس آخرا॥ سعد القرش بروايته الماتعة "أول النهار"।


· رواية المكان و الأجيال :

بخلاف باقي الكتّاب، لجأ القاص والروائي سعد القرش في محكيات "أول النهار" إلى بناء قرية "أوزير" على ضفاف النيل، في أوائل القرن العشرين، ونخمن أن صعوبات كثيرة قد صادفته، للإلمام بتلك الأجواء، في غياب كتابات أنثربولوجية عربية. و يشترك سعد القرش مع جمال ناجي في أنهما بنيا المدينة/القرية من الصفر، وبعدد محدود من الأهالي، ثم تطرقت الروايتان معا للعلائق الجديدة للأهالي بالمكان وتشابكها مع الأحداث والمصائر والأطماع الفردية، ثم تراتبية المجتمع عبر أكثر من جيل. ففي رواية القرش ثمة ثلاثة أجيال تتوارث سيادة القرية، حب المكان وحمايته من الأخطار الداخلية والخارجية، بينما أبطال رواية ناجي يتقاذفون كذبة ملكية أرض، ليبقوا سادة المدينة.

لقد استطاع الجد/ الحاج عمران، وهو اسم على مسمى، أن يعمر المكان مع الناجين من القرى الأخرى، فبنى "أوزير"، بعد أن محاها فيضان النيل، على أساس العدل والتسامح بين الأديان والأجناس، جعلها قرية حصينة، وسعى إلى مقاومة الظلم والاستبداد والعبودية، حيث صار بيته ملاذا للعبيد والفلاحين الهاربين من جور الأسياد، وفي ليلة زفاف حفيده سالم استعاد هيبته في القرية، بعد أن دبر مكيدة لرجال الباشا مع مروان ابن خليل الطوبجي، الذي سعى للانتقام لموت أخيه صفوان، فكان ثمن تطهير القرية حفيده سالم، الذي لقي مصرعه بعد ساعات من زفافه مثل أبيه مبروك، ولم يتحمل عامر موت أخيه، فهام على وجهه كالمجنون، بينما عمران اعتبر ابنة العبد الأرميني هوجسيان مسؤولة عن موت الحفيد والابن، في حديثه مع مربيته حليمة: " بنت العبد قتلتني مرتين.. قتلت ابني ودفعت ابنها للموت". بينما حليمة تعتبرها منحوسة، فكل من يرى عريها يموت؛ أمها ماتت بعد ولادتها، زوجها مبروك، سقط من فوق سطح البيت ليلة زفافه عاريا، وكذلك المملوك الذي رآها عند النهر، أثناء محاولتها الانتحار، إضافة إلى ذلك فقد بقيت هند ساذجة، حتى بعد أن صارت جدة، فتنهرها حليمة، كلما بدأت في الحديث عما حدث ليلة الزفاف : "خلاص يا مفضوحة".

· القلق الوجودي :

على عكس باقي شخوص الرواية، يشترك عمران وابنه مبروك في معاناتهما من الفقد وفي الاغتراب، فالأب عمران يظنه من لا يعرفه مجنونا، وهو يلعن الأشباح، ويقذف السماء بحجر، متذمرا من عبثية الأقدار، وتلك اللعنة الغامضة التي تطارده كل خمسين عاما. أما مبروك فينظر إلى السماء: " تساءل عن معنى الموت. عن ضياع بلد بكامله، في لحظات غضب لفيضان أحمق، يلتهم العابد والعاصي. عن غياب عروس في الطمي، قبل أيام من تحقق حلمها بالزواج. عن انطفاء فرح أمها بزفافها، بل عن عدم تمكن هذه الأم من الحزن، على عروس ماتت بلا عزاء. ولعن حياة تأتي في لحظة نشوة، وتذهب عبثا. يأتون من عدم، ويذهبون إلى عدم، فلماذا لا يُعفون من هذا العناء؟".

· الولي الحشاش:

بموت أخيه سالم، اختفى عامر من القرية، وعند لقائه بامرأة، (وقد كان زير نساء، لا تسلم من حبائله حتى العاملات في الحقل، بل يتفنن في إذلالهن)، وعند ممارسته الحب مع تلك المرأة، نفر البغل، وخلع أحد أوتاد الخيمة، فسقطت فوقهما، ولم يباليا بذلك... ثم باركته وليا، وأشاع عنه جيرانها الصلاح والتقوى، فزاد مريدوه، وتناقل الناس كراماته، وتهافتت عليه النساء يهبنه أنفسهن، ولكي لا تتعذب روحه لحظة خروجها، مثل روح أخيه الذي مات فوق ظهره، دون أن يدري.. لجأ إلى الحشيش، للإفلات من الألم، متمنيا أن يأتيه الموت وهو نائم أو سكران، حسب بوحه للقهوجي على الله، الذي كلف بالبحث عنه.

وبعودته إلى البيت، سيتحسر على السنوات التي ضيعها بعيدا عن صفية بنت الحلبي، وبعد خروجه أعلن زواجه بها، فاعترضت الأم هند لأن صفية بلا أصل، بينما الجد عمران بارك زواجه معتبرا رحلة الجنون قد بدأت مع ابنه مبروك، الذي اختار بنت العبد زوجة، أمّا الجدة حليمة، والتي تعتبر أروع الشخصيات النسائية بالرواية، (بل إنها تبدو لي مرسومة بنفس الروعة، التي رسم بها محمد البساطي شخصية الجدة في روايته "أوراق العائلة"). إنها شخصية آسرة في لحظات ضعفها وقوتها، ساحرة بأمومتها الفياضة، رغم أنها لم تتزوج، لاذعة بتعاليقها، وتزداد سحرا في شيخوختها.

توبخ الجدة حليمة الجدة هندا، فيقبل عمران يدها، كي تكف عن سباب أمه : "فدفعته بقوة لا يدري من أين لها بها:

ـ وأنت، يا سُخام الحلّة، كيفك حَبَك ساعة وصولك!

وأتبعت بشيء من الغيظ:

ـ وعلى الدقيق يا فاجر !

طمأنها:

ـ خير ربنا ما له حدّ يا جدّتي.

وابتسمت فأحس عامر بالراحة:

ـ لكنك يا جحش أقلقت نومي!".

بعودة عامر، تتنفس أوزير الصعداء، حيث سيتولى وأهالي القرية التصدي للجنود الفرنسيين، لكنه سرعان ما يقع في الأسر، ولن يتم الإفراج عنه إلا بتوقيع هدنة، مقابل إطلاق سراح الأسرى الفرنسيين، وبموت صفية وهي تنجب إدريس ويحيى، يعتبر عامر ابنيه قاتلين صغيرين، فرّقا بينه وبين زوجته، وسرعان ما سيغرق في ملذاته بعد زواجه بالأرملة زهرة، فتنقلب الأوضاع، ويتمكن منصور ابن على الله القهوجي (الذي وشى بعامر) من كسب ثقة عامر، ثم بسط نفوذه على القرية.

· تواطؤ النقد والإعلام:

تتميز رواية سعد القرش بلغتها الشاعرية، وانسيابها السردي الآسر، الذي يذكرنا بـ"أحمر خفيف" لوحيد الطويلة، و"ليلة عرس" ليوسف أبو رية. لكن ما يثير الاستغراب هو هذا التجاهل المتعمد لرواية رائعة كهذه، علما أن روايتي القرش والطويلة تتفوقان على "عمارة يعقوبيان" و"عزازيل"، اللتين تعتبران من الكتب الأكثر مبيعا...

ترى من المسؤول عن مثل هذه المذابح الأدبية، والتي لا تقل بشاعة عن جرائم إبادة الأقليات؟ لماذا تقابل "أول النهار" بكل هذا الصمت الكريه؟ هل يكفي أن يتم إقحام بعض الاكليشيهات السياسية أو الدينية في المتن الحكائي دون توظيفها فنيا، أو بمعنى أصح : دغدغة الثالوث المحرم لكي تتسلل - في غفلة من الزمن- إلى قائمة الكتب الأعلى مبيعا، بغض النظر عن المستوى الفني للعمل، وموهبة الكاتب، وهذا يكون على حساب نصوص متميزة لكتاب مكرّسين؟

رواية "أول النهار" تستحق- وهذا أقل تقدير لها- أن تترجم إلى فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني، لاسيما وأنها تتوفر على كل مقومات الفرجة البصرية.. من إثارة، وحالات إنسانية، ومشاعر متضاربة، وأحداث متشعبة، فضلا عن وجود جزء ثان للرواية، وهو رواية "ليل أوزير"، وربما كان سعد القرش يعكف على كتاب الجزء الثالث.. يكفي أن موت صفوان على يد شيخ البلد كان انتقاما من حركة الحمار العفوية، إذ حرك رأسه، فأصاب شيخ البلد في حجره، فضحك السادة الجالسون معه، وظنهم يسخرون منه، فضرب رأس الحمار بسوط، فنفخ من منخريه ما ازدرد من برسيم، ومال جلباب الرجل إلى الاخضرار.

-------------

*فازت هذه الرواية بالمركز الأول في جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي في مجال الرواية، وقد نشرت هذه القراءة في 11 /05 /2010م بصحيفة "القدس العربي"، وأعيد نشرها في عدة جرائد ورقية ومواقع إلكترونية.

السبت، 19 فبراير 2011

قرار شعر: شادية الملاح..... الاسماعيلية/ مصر ..............


-شاديه الملاح-


قرار


شعر:

شادية الملاح

الاسماعيلية/ مصر
..............

منيتى

افرح وادندن بالغنا

وارقص على حبال الهوا

بس القلوب متكلفته بتوب الفراق

وسنين بترسم ع الجليد

صورة لاحساسنا القديم

والقلب نايم ع الرصيف

عطشان لايام الدفا

ومابين حقيقتك والسراب

دخلانى حالة اكتئاب

حتى السمالابسه الحداد

والخوف بيحضن فى السكوت

وسنين عجاف

وخريف يقطع فى الورق

امتى ياموت تصبح حياه

الليل بينزف زكريات

رافض يكون لحظة ندم

كل الملامح تايهه منى فى الوشوش

والشمس يخنقها الحصار

مليت انااحلام الصغار

من يوم ماكنتى بتندهى

حبى اللى غاب

لكنى برضوايوم هاعود

وارقص على حبال الهوا

زى النسيم

ولانى عشمان فى النجاه

راح تبقى ضله لعشناالدافى الحنون

لساكى برضوابتلعبى بياالقمار

واناعمرى كان

مرهون فدا

حبى القديم

مات الحنين

وبرغم احساسى اللى شاب

فى عطر احلام العذارى

لازم يكون اخرقرار

انى احرق قلبى بيكى!!



الأربعاء، 16 فبراير 2011

*يونان والمعرض الأخير... قراءة فى لوحة يونان بقلم: شيرين خيرى




-
-

يونان والمعرض الأخير

-



  • قراءة فى لوحة يونان
بقلم:

شيرين خيرى
.................

كان يعرف منذ ان تم منحه حياة اخرى ان هناك اشياء يمكننا الهروب منها خلف ستائر الزمن وجدران الامكنة الوحيدة المتآكلة بالحزن....الا انه هناك اشياء لاتموت نلف دورة كاملة ودورات هروب رائعة ,,,,

ونعود اليها او تعود هى الينا انها اشياء بسعة هذا الكون وربما بشقاء الابد..

لازمه طوال عمره هذا الاسم "الذى يعنى حمامة" او متألم "كان لايهرب من الالم ..كان يستنشقه ..يرتشفه من سمائه المتمردة الحانية ..ولكنه احيانا كان يريد..كان يفكر هل سيكون سعيدا و لو لحظة لو اجيزت هذه الكأس عنه....!

كان يشربها كل لحظة وهى بعيدة عنه مسيرة ثلاثة ايام..

وكأنه حلم لو انه استيقظ ذات يوم ولم يجد نفسه مكلفا من الله برسالة لهولاء الذين يملأون الوجود.....

يتمردون عليه ويرتوى هو من تمردهم..او لايدركون الحقيقة,, ولكنه. يعرف يقينا ان الله ايضا ...لهم...كما يعرف انه يريدهم له ,,

تماما كما عرف ذاته وعبث هروبه من تلك الرحلة .....!ربما الاخيرة

كان ابنا للحق او الحقيقي" انه " امتاى" والده وهكذا كان تفسير اسمه .. فلابد له ان يفكر عميقا بما يليق بايمانه كيف له ان يهرب من وطأة الحقيقة..!!

كانت بلدته تبعد ساعة عن ناصرة الجليل ..وكانه ولد بنفس المكان الذى حوى الطفل يسوع فيما وهو يخبئ داخله كل شوق رؤية المعنى للمعنى البعيد..وتستعد روحه لاستقبال المقاومه الكبرى بشعور لم يدرك من قبل فى مثل حقيقته ولا بقائه,, يعرف ولكنه يبعدها عن الروح المفتته لحظة ان مرت الرسالة اول مرور لم يمضى من كيانه فذاب كأرض مشققة عند لقائه بحقيقتها " يعرف انه يعيش ليستنشق رائحتها السمائية ويقول امين لالمه العظيم .. يتدثر بزيف الهروب من وجه الرب

"""قم اذهب الى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها لانه قد صعد شرّهم امامي

فقام يونان ليهرب الى ترشيش من وجه الرب فنزل الى يافا ووجد سفينة ذاهبة الى ترشيش فدفع اجرتها ونزل فيها ليذهب معهم الى ترشيش ""من وجه الرب"

كانت نينوى عاصمة مملكة أشور. وهى على نهر دجلة مكان مدينة الموصل حالياً. وكان أهلها أغنياء ويعبدون الإلهة عشتاروت وكانت مدينة قوية فى الحروب ولكنها دمرت تماما فيما بعد عام 612 ق.م

كان لايخشى شيئا ولكن الحق كان ينمو فى داخله تاركا له بعض الوجع..كان

يرى من بعيد كل ما كانت ستفعله تلك المدينة يرى المسوح والتوبة والصوم الذى كانت ستقدمه.

.ويرى اذرع الله وقبوله لهم..بعد كل هذا فيغتاظ...

ولذلك حاول الهروب من ارسال رسالة السماء ..وهل هرب احد من قبل من الله,,؟؟!!

نزل الى يافا (وهو ميناء يقع على شاطئ البحر المتوسط ) ومن هناك ركب سفينة ليذهب هاربا الى ترشيش,,وهى مدينة فى جنوب اسبانيا قرب جبل طارق

وحدث ما نعرفه جميعا من ان الله اهاج البحر ,,,,

ورغم ان البحارة كانوا وثنيين" لكنهم ايقظوه طالبين له ان يصلى الى الهه ويعلمهم من هو.

فاعترف لهم انا هارب من وجه الله "" وقال خذونى واطرحونى فى البحر فيسكن البحر عنكم لانه بسببى هذا النوء العظيم.,,,

فطرحوه فى البحر ولكن الله ايضا لم يتركه ليهلك فهو دائما طويل الاناه ويريد ان الكل يخلصون,

,فأعد له حوتا عظيما ابتلعه واستقر يونان فى تجويف تنفس الحوت بفمه " وليس فى بطنة,, فالبطن بها عصارة هضمية كانت كافية بان تميته.. ولكنه كان فى حجرة التنفس.. وكأنه يتنفس لاول مرة معنى وجوده"

ومن هناك نادى يونان النبى باجمل صلاة بعد ان جازت فوقه تيارات الله ولججه واصعده من الغمر,,,

,وضم الحقيقة فى لحظة فاصلة بين حياة وموت,,

وامر الرب ايضا ويعرف هو معنى ان يامر الرب"

واتم رسالته ونادى فصامت المدينة كلها الشيوخ والاطفال والرضع وحتى دواب الحقل ..

وتابت المدينة وقُبلت توبتها ..

ظلل الرب فوق يونان بشجرة صغيرة ثم اعد الله دودة صغيرة ضربتها فيبست ,,وذبلت فتضايق يونان واغتم جدا,,

فعاتبه الله عتابا لطيفا وكأنه قال ما يعرفه منذ ولادته,,

هل اغتظت من اجل اليقطينة التى لم تتعب فيها ..ولا ربيتها ..التى هى بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت ..؟؟!!!!

افلا اشفق انا على المدينة العظيمة ,,,التى بها هذا العدد والذين لايعرفون يمينهم من شمالهم..ٍٍ..!!

كانوا هكذا مع انها كانت عظيمة ,,..!!

انتهت قصة يونان ولم تنتهى الاسئلة ..رسم القصة كل من شاء ....وعجائب من ذلك الفنان لايمكننا ادراكها .. اتذكر انه

,,فوق الارض انشأ المعرض باسمه

لم تفارقه صورة فتاة صغيرة مرت بلوحاته ووقفت طويلا امام لوحة ..كتب عليها.. اتمنى لو تتذكروننى ولو لحظة بنفس الدهشة والوجع الذى وقفتم به امام الوان غربتكم ..

يونان لم يعد هنا والحوت ماعاد يحفظ اجسادكم ..والبحر يهيج وليس من بحارة تسأل

بنهاية المعرض الذى لم يكن فيه اى بشر ..وزعت بطاقات ملونة مكتوب باحدى وجهها

...

كيف لم تروننى ,,والركن البعيد كان خاويا .....لم تكن هناك الا لوحة واحدة ......

ولم تكن هناك لوحات....!

لن اكتب موعد معرضى الاخير ....!

شيرين خيرى


الثلاثاء، 15 فبراير 2011

مرآة غجرية بقلم/ هند بنيس



-

مرآة غجرية

هند بنيس
...........



وستشهد العرافات

وكل الغجر الذاهلين

أن مرآتي الحجرية

من نار ودخان00

هل وصلك دخان

حرائق مراياي سيدي

هل أثارتك زوبعة

قصائدي

كم هي غجرية تلك المرآة

التي أقامت الدنيا ولم تقعدها

بغنجها واشتعالها

وحرائقهاالمتأججة

كم هي فاتنة بلهيب أنفاسك

المتراكمة فيها

مرآتي هاته هي لك

تجرفك رغم بعد المسافات

هل في فمك ماء سيدي

لا تبتلعه

اجعله إذن ماء الحياة

فوق خصري

فوق قبتي

لتطفئ جمري

فأستحيل عصفورة

تنتفض بين شفتين من لهب

هند بنيس


الأحد، 13 فبراير 2011

((يا عشاق العالم اتحدوا)) بقلم المبدعة السورية: فاديا عيسى قراجه




((يا عشاق العالم اتحدوا))





بقلم المبدعة السورية:

فاديا عيسى قراجه



لأن الثورة ملهمة الشعراء , ولأن مصر هي روحي وقلبي أستميحكم عذراً يا شباب الميادين في أن أستعير مفرداتكم وميادينكم, وأفرشها بياسمين الشام كي يمشي عليها حبيبي .. علني أحظى بما حظيتم , وأنجح كما نجحتم , وألوي عنق الكلمة ...فلعلّ حبيبي يسمعها ويستجيب ..
كنت قد وعدت حبيبي بكلمات لم يسمعها رجل من امرأة , وقد حل عيد العشاق , وحبري لم يجف بعد من مساجلة سياسية , وطنية كادت أن تتلف أعصابي وتطيح بتركيزي ..
ماذا أقول لحبيبي في عيد العشاق؟؟
ولأنه حبيب استثنائي لا يمكن أن أكرر أي حرف كتبته له , ويجب أن تخرج الكلمات الاستثنائية التي تليق به ..
وكما يصفني دائماً بأنني فطنة لن أخيب ظنه , وسأعرف من أين تؤكل كتف الحروف
لذلك قررت أن أشيد ميداناً للتحرير, تمتد حدوده من قارة النار إلى قارة الثلج , عماده الورود الحمراء , سياجه حروف اسم حبيبي , سقفه السماء العالية ..
سأهتف حتى يبح صوتي , سأجمع الطاقات البشرية التي تؤمن بالعشق مذهباً وكتاباً ..
سيتوافد الشباب والشابات من كل حدب وصوب وسنعتصم تحت الثلج والريح.. سأوزع طاقات الورود الشامية , وسترفرف حروف اسمك الأربعة فوق الرايات .. وسأشحذ الهمم كي نطوق قصرك المتغطرس .. وستسمع الحناجر تندد بظلمك , وجبروتك
سأعتلي المنابر وأردد , وعلى العشاق أن يرددوا معي :
عاشت النساء العاشقات .. عاش الرجال العاشقون
يسقط نظام طوارئ القلوب الذي يمنع امرأة عاشقة أن تعلن عن اسم حبيبها كي تبعد أشباه العشاق عنها ..
تسقط الحدود الطبيعية والاصطناعية
يسقط المسنجر, والمايك, والكام
يسقط البريد العادي والالكتروني
تسقط الرسائل النصية
تسقط الهواتف النقالة التي تلتهم صوت حبيبي القادم من جهات الأرض
تسقط المسافات التي تنخر في الروح مثل السوس
تسقط معاهدات احتباس المشاعر
يعيش آراغون .. يعيش السان فالانتين, وقيس بن الملوح , وديك الجن الحمصي#
يسقط ظلم الرجال وتعيش عدالتهم ...
تسقط الغطرسة ويعيش الدلال
عند ذلك لن تستطيع صبراً وستخرج من شرفة غرورك وتطل علينا كقمر أسمر جميل
ستندفع الحشود إليك, وتجتاح مخملك ,وتوصلك إلى ميدان العشاق محمولاً على الأكتاف وهي تهتف عاش الحب وعاش الحبيب , وسأخرج أمام هذه الجموع كي أقول :
- هذا حبيبي الذي أكتب عنه وله الحكايا منذ آلاف السنين .. هذا الذي جعل مني شهرزاداً لصلاة العشاق ..هذا الذي سحرني بجبته وبقيت فيها أتكاثر حروفاً وقصصاً وألحان ..
وفي الختام سأهمس فوق شفتيك بقبلة العيد ...
هذه هديتي ...
فهل يرضاها حبيبي ؟؟



هامش:
ديك الجن :شاعر حمصي من العصر العباسي واسمه عبد السلام بن رغبان
أحب امرأة بارعة الجمال اسمها ورد وهي نصرانية من سكان حمص فدعاها للإسلام فأسلمت , وتزوجها , وكان يغار عليها بجنون .. ثم قتلها بعد وشاية كاذبة وأحرق جثمانها وصنع من رماده دنان خمر, تستطيعون الاطلاع على حياته المثيرة للجدل عن طريق محرك البحث غوغل .


أزميل عفى ... مهداة للفنانه السورية سوزان العبود






أزميل عفى ...


........

مهداة

للصديقة النحاته .. سوزان العبود

.....

أيها البحر

هاهى العيون مأخوذة

تسير اليك

بوجد ضائع

هاهى الأقدام

تخلع أوجاعها

ترمح فوق الصخر

كأزميل عفى

ترمح كفراشة مخلصة

تركض نحو الشمس

نحو خلاص خصوصى

أيها البحر

ضمنى فى حنو

رتق جروحى الخبيئة

ولتكن أمواجك ...

بساط سحر شرقى

يأخذنى حيث سموات بيضاء

بيضاء كقلب أمى

أيها البحر

هاأنا

أضرب فرشاتى

كعازف ماهر

يضرب اوتار العود

لتخرج فى نزق مدهش

كل تصاوير الروح

والعتمة تنسحب رويدا .

** *** **



النحاته سوزان العبود



النحاته سوزان العبود..
والمشاركه الاولى لامرأه عربيه في النحت على الرمل...

منحوته للفنانه سوزاااااااااان العبود

منحوته للفنانه سوزاااااااااان العبود






صورة .. صورة مهداة: الى الثوار الشباب فى بر مصر المحروسة شعر: محمود مغربى

‪(


صورة .. صورة

مهداة:

الى الثوار الشباب فى بر مصر المحروسة

شعر:

محمود مغربى

……………..

صورة.. صورة
كلنا عايزين ص…
وقف ياعم جاهين ,
دا الصورة دبحوها فى الميادين..
بايد عسكر
واللى سرق قروش الشعب
بالقوة
وبالتزوير
وبيدبح الفقرا على الرصفان
وعافص برجله فوق رقاب الخلق ,

وقف ياعم جاهين
الصورة مفضوحة ع القنوات
وف الفيس بوك
تعال بص وطل
ياحبيب الشعب والثورة ,
الثورة طلعت شمس عفيه
وحراقة ف التحرير ,
حالفة مليون يمين
مايوقف قطارها ليوم الدين
عسكرى
أو مرتشى
طبطب ودلع ولاد ال…
سنين وسنين

مدد مدد
ياكل شبان البلد
ياكل شبات البلد
آدى السما بتمطر مدد

سبحانه ربك خلقنا
وطالع من صلبنا
جيل ورا جيل
قلنا وقالوا
جيل طنش وكبر
اعمل دماغ, روشن

ألله عليك ياجيل النت
ضحكت كتيرعلى بابا وماما
وع العلما
والشعرا
وأهل الفلسفة والدين ,
وطلعت وحدك الشاطر حسن
وع الفيس بوك
بتحوش من سنين وسنين
مهر ست الحسن مئات وألوووووف
وحدك كنت عارف مهرها الغالى
مرهون بقتل الخوف
قتل المخبر السرى
اللى عشش فى قلب أجيالنا.

الله عليك ..
ألله عليك ياعريس الدهشة والثورة
ألله عليك
نزفت كتير على الاسفلت ,
وطاله الروح مئات وألووووووف ,
طالعة بالشهادة لصاحب الملكوت ,
وكل الخلق واقفه تتفرج !

ألله عليك ياعريس
شمعتك قايده ليوم الدين
الثورة دى ثورتك
واقبلنا نكون طوعك
وأتباعك ..
الثورة دى ثورتك
واحنا أتباعك.

10 فبراير 2011