الاثنين، 1 نوفمبر 2010

قلم الضيف أحمـد المريخـى «الشيخ عمار».. ومولد «عم سيد»








مقال للشاعر والكاتب الصحفى أحمد المريخى


بمجلة الاذاعة والتليفزيون عن الشاعر الكبير سيد حجاب

..............

قلم الضيف


أحمـد المريخـى

merekhy@hotmail.com

«الشيخ عمار».. ومولد «عم سيد»


.. ويضحك عمار الشريعى كى لا يبكى فى تكريم رفيق دربه.. يتخذ من السخرية مدخلاً ومهرباً حتى لا يسرقه الشجن الذى تغرقنا فيه تجليات سيد حجاب.. يتحدث وكأنه لا يعنى ما يقصد، وهو يقصد ما يعنى، فتأتى تعبيراته زى يمام فوق شجر سيسبان بينم ع البِنى: «حطيت بدلة احتياطى فى العربية.. قلت يمكن تكون الاحتفالية رسمية ومتنشية، لأنها فى مكان رسمى.. أصل أنا مابطيقش البدل والكرافتات، وكنت خايف يكون ده ضرورى أو مفروض ع الضيوف، وفضلت خايف لحد ما وصلت هنا، وكان أول واحد قابلنى سيد حجاب، أخدته بالحضن ولما حسِّست عليه لقيته من غير بدلة، فقلت: يا واد جالك الفرج».
كأن الشريعى يقول لنا إن سيد حجاب من الناس وللناس.. بسيط ومتجرد، ليس له برج عاجى.. هو زاهد متصوف، وفيضه الأمل.
يتحدث الموسيقار الكبير عن 33 عامًا من متلازمة «الشريعى ـ حجاب».. يتحدث بإيجاز وتكثيف حديثاً مُقطراً، وليته أطال.. يتحدث بلغة عذبه عن «عم سيد» العاشق المتيم فى حب الوطن، والرفيق الصديق الحبيب.. ينهل كلماته من تجليات المتصوفة: «أنا حبيبى، وحبيبى أنا».. فيقول عن صديقه: «أناه أناى.. وأناى أناه».
ومن خط الكف إلى خط الكف، من الوريد إلى الوريد، ومن القلب إلى القلب تجىء الكلمات همس حب، حيث لا وجود لفواصل بين سيد حجاب وأحبابه.. «سيد حجاب» الذى يستحق أعظم الألقاب بينما يستطعم هو ما يحلو لأحبابه أن ينادوه به: «عم سيد».. و«عم سيد» نقولها للزائر وابن السبيل، للضيف والمقيم، للعامل والبواب والفقير، وكل إنسان نزيه مترفع عن الزلات والشهوات وقابض على جمرة القيم.. نقولها فى البراح والضيق، فى السعادة والشجن، للتحية والمواساة.. بسيطة مثل بُساط صياد، وحاذقة كرمية صنارته، وعظيمة قدر دلالات الصيد فى بحر النيل وبحر السواحل.
وفى الأسبوع الماضى استقبل بحر إسكندرية، بالتحديد مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية، أحباب «سيد حجاب» للاحتفال بعيد ميلاده السبعين.. سبعون عاماً منذ ارتمى ابن مصر فى حضن مصر.. حَبَا ودَبَا ونما، واشتعل الرأس شيباً.. تساقط الشـَعر، وبقى الشِعرُ مطراً فى الجفاف وزوادة فى السفر، راحة فى البكاء وبلسماً فى الشجن.
«ومنين بيجى الشجن.. من اختلاف الزمن/ ومنين بيجى الهوا.. من ائتلاف الهوا
ومنين بيجى السواد.. من الطمع والعناد/ ومنين بيجى الرضا.. من الإيمان بالقضا».
يقف عمار الشريعى على اشتقاقات سيد حجاب.. على معجمه الخاص.. على موسيقاه الداخلية.. وعلى «انكسار الروح فى دوح البدن».. يتحدث كعازف استمسك باللحن فذابت فى لسانه الحروف.. ويضحك ليهرب من دموعه.. و«أصفى ضحكة تتوه فى بحر الدموع».
كنت أستمتع بحديث عمار بينما تمر فى خاطرى مقولة للشاعر اللبنانى أنسى الحاج: «الحب أعمى، لذلك يرى ما لا يرى المبصرون».. فأقول بصوت مدموع: بائس من لم ير سيد حجاب ببصيرة هذا الشيخ، وبائس من لم يستشعر تفاصيل أشعاره النابضة بالحب والعدل والخير والجمال بأحاسيس هذا الموسيقار العظيم الشاعر عمار الشريعى؛ «أناه وخط كفه وصديق دربه».
سنة حلوة يا «عم سيد».. بالصحة والعافية والإبداع..
وتبقى التحية كبيرة إلى مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية ومديره المايسترو شريف محيى الدين، وإلى كل من شاركوا فى مولد «عم سيد».



أحمـد المريخـى


16 أكتوبر 2010 مجلة الإذاعة والتليفزيون




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى