الأحد، 31 أكتوبر 2010

الصياد والجوع وأنا بقلم الاردنية : هيام خريسات




الصياد والجوع وأنا


بقلم الاردنية : هيام خريسات

..........................................................



بعد أن استهوتني فكرة الصيد يومآ عزمت أمري وانطلقت حيث يجتمع هواة الصيد صباحآ ,إبتعت سنارة صيد مزدوجه ,تجولت بعينيّ باحثه ومتفرسه متفائله بما في جعبة آنيتهم وقففهم من اسماك,وآخيرآ لمحت صيادآ عجوزآ تبدو على ملامحه بأنه ليس بعربيّ يشد سنارته بقوه وخفه ويلوحها في الهواء الى ان استقرت الى جانبه سمكة متوسطة الحجم تنازع السنارة للإنفلات بينما هو بكل خفة يحررها ويضعها بإناءٍ معدني بجواره,لم اتردد ومشيت باتجاهه وجلست قريبآ منه على صخرة كبيره,لم يلتفت اللي ولم يعرني انتباهآ,أحسست براحة نوعآ ما وبدأت بتلقيم السنارةِ بعد ان عجنت جميع ما لدي من طحين ,وقفت مزهوةً وبكل ما لديَّ من قوةٍ وبأس قذفتها بعيدآ في البحر ويا لي ولخياليَّ الجامح ,كم اعجبني انفلات الحبل وتحرره وانطلاقه لمسافة بعيده,جلست بعدها انتظر بعيونٍ محدقةٍ أن تغمز ليَّ السناره, ولمدةِ ساعتان قطعتها بغناءِ خافت وبعد ان افرغت ما لدي من اهازيجٍ عالقه بذاكرتي ولا زلت احفظها وبعد تكرار تلقيم السناره بلا جدوى حتى فرغَ ما لديَّ من عجين وبعد ضحكات العجوز الساخره هممتُ بالعوده وانطلقت أجرُ أذيال الخيبه الي البيت .ولأنني لا أؤمن بالفشل وبأن الحياةَ تعتمد على حظك منذ خُلقتَ جمعت العده بعدها بيومان وخرجت مسرعةً الى ذلك الشاطئ ,ويا لسعدي أن اكرمني الله بذلك العجوز الساخر ,التفتَ اللي وكأنه يدعوني لكي اجلس بجوارهِ لكي أبدد كآبته وأروح عن نفسه شيئآ وامتعه بفشلي لكي تبتهج اساريرهُ ويضحك,لم ارغب باحراج نفسي وجلست بالقرب منه وبدأت أُلقمُ السنارةَ وكررت ما فعلته بالمرة السابقه ولكني اضفت اغنيةً ساخره ابتدعتها تسخر من الهنود فما كان من العجوز الا أن قهقه ضاحكآ وحيّاني بلغة عربية فصيحه ,حاولت ان لا اخجل من اغنيتي واكملتها حسب ما ارغب ,لم يزعجه ما بدى مني من سخريه ,مضى وقت طويل وانا ارقب السناره والعجوز يحظى بالسمك ,بعدما امتلئ إنائه ألقى عليَّ التحيةَ ورحل ,وانا تبعته بعد ساعةٍ من اللا جدوى,اعتدت بوقت اجازتي على الذهاب لصيد اللاشئ,الصياد يحظى بالسمك وأنا بالخيبه,حتى جاء ذلك اليوم اللذي ملّني البحر وملّني الصياد,أو كأنه أشفق على حالي فاقترب يحدثني وكأن أحد احفاد المتنبي من يتحدث وليس ذلك الهندي أو كأن أحد اجدادنا وضع بصمته هناك يومآ فاستقرت وانجبت بعد أجيالٍ هذا العجوز,لم يُعرفني على نفسه ولا أنا كذلك واكتفى بسؤالي سؤالآ واحدآ ,هل انت جائعه ؟؟,اجبته بالنفي فقد تناولت افطاري قبل الحضور الى هنا,استقبلت سؤاله بسخريةٍ في داخلي فليس لديه ما يؤكل وليس هناك مكان قريب مطعم او ما شابه.بعد سؤاله هذا قام بشرح مبادئ الصيد باسهاب لكي يعلمني كيف أصطاد . ومما ذكره ولن انساه يومآ مبدأ اعتقدته خياليآ وقتها ولا علاقة له بحديثنا,أولهما أن اكون جائعه حين احضر للصيد وإن لم اكن لا بد لي من استحضار الجوع ,وثانيهما ان أؤمن بأن تحت سنارتي سمك ,اي لا ارمي السنارة بلا إيمان حتى في مكان تكثر فيه الاسماك

ترك الصياد البحر بعدها وذهبت انا في اجازةٍ طويله ,ثم عدتُ يومآ للبحر وانا لم انسى العجوز ولا نسيت نصيحته بأن أكون جائعه لشئ اريد تحقيقه ,أعددت عدتي وكلي ايمان داخلي بوجود اسماك هناك تحت السنارة حين قذفتها وبدأت أترقب وأترقب بهدوءٍ وبدون اهازيج ,بحرصِ المتسلل الجائع اللذي يبحث عن ما يسكت جوعه,وما هي الا دقائق قليله حتى اهتزت سنارتي وسمعت صرخة العجوز يأتيني من بعيد بأن ارفعها بقوةِ جوعي ,رفعتها كما قال العجوز ولم احس بفرحة ما تحمله من ثقل ,ويا لصبري وايماني اذ اكرمني الله بسمكتان,في ذلك اليوم فقط تعلمت الصيد,سنواتٌ مرت ولم أعد أرى العجوز ولم اعرف اسمه ولا كيف تحدث العربية بطلاقةٍ,لعله الايمان والجوع هو من علمهُ ذلك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى