الخميس، 7 أكتوبر 2010

المتعة والإقناع والتأثير قراءة في قصة ( الماء نبض الحياة ) للشاعر بهاء الدين رمضان..بقلم الناقد: محمود رمضان الطهطاوي


المتعة والإقناع والتأثير


قراءة في قصة ( الماء نبض الحياة ) للشاعر بهاء الدين رمضان




الشاعر بهاءالدين رمضان

بقلم الناقد: محمود رمضان الطهطاوي

Mahmood Altahtawi

الروائى والناقد محمود الطهطاوى


وسط القليل من كتب الأطفال ومجلاتهم ، نجد النادر الفاعل والمؤئر تأثيرا أيجابياً في شخصية الطفل العربي ، وما يقدم من مطبوعات بكل أشكالها ماهي إلا مجرد تسلية للطفل ، والتي تقدم لنا قيماً نجدها متأثرة بما هوغربي ، بعيدة تماما عن واقع الطفل العربي –بإستثناء القليل النادر - ، ولاقيمة للأدب مالم يمتع ويقنع ويؤثر ،هذه الثلاثية لابد من وضعها أمام أعيننا ونحن نكتب للطفل ، فالطفل يبحث أولا عن المتعة ، تلك المتعة التي تشده وتجذبه ولو كان بناء العمل الأدبي جافا وغير جاذب لأبتعد الطفل عنه ، ثم تأتي مرحلة الإقناع التي لابد أن تتفهم جيدا المرحلة العمرية للطفل ، وتقدم له مادة تتناسب ومرحلته العمرية ، فالطفل لن يقتنع بما يقدم من قيمة إلا إذا اقنع بها ، ثم تأتي مرحلة التأثير وهي المرحلة الأهم فالقالب الذي يقدم للطفل مالم يؤثر فيه ويغير من سلوكه وقيمه ومفاهيمه أصبح قالبا عقيما لا فائدة منه ، وسقط العمل الفني / الأدبي .

ولعل من أسباب تخلف المنظومة التعليمية العربية ، تلك المادة التي تقدم للطفل بطريقة الحشو دون مراعاة تلك المنظومة (المتعة والإقناع والتاثير ) ، فاصبح الهم الأوحد حفظ الدرس لينجح آخر العام ، واستمرت هذه الفكرة حتى يتخرج من الجامعة ، فوجدنا أمامنا شبابا لا يستطيع أن يقدم شيئاً جيدا وجديدا ومبتكرا لأننا لم نعوده على التفكير ولم نقنعه بما نقدم له من مادة تعليمية ولم نؤثر فيه ، فأصبح مجرد دمية تحركها المادة التعليمية وتلقنه أفكارا بدون أن يفكر هو ، وتمده بمادة لاتساعدة على التفكير والمشاركة الإيجابية .

لقد أدرك رفاعة رافع الطهطاوي رائد التنوير أهمية أدب الطفل في تنوير مدراك الطفل وبناء شخصيته ، فأصدر في القرن الفائت مجلة ( روضة المدارس ) لتكون مجلة رائدة في وقتها ، وسابقة تحسب للطهطاوي .

تقول سمر إبراهيم : (أن الهدف الحقيقى لكافة الفنون المقدمة للطفل هى المتعة وخلق شخصية مبتكرة تطور وسائل المعرفة وتنظمها ) ([1])

من هذا المنطلق فإن أدب الطفل أحد روافد الثقافة ، وأحد روافد منظومة التغيير ،وأحد روافد استقاء القيم ، وتكامل الشخصية ، لابد أن يقوم بدوره المنوط به بعيدا عن الرطانات الغربية ، مستقي تجربته من واقعنا المعيش ، آخذا من الطفل ذاته دور الفاعل لا المفعول به ، حتى يتعود الطفل على المشاركة الإيجابية الفاعلة ، وأن يستقي المعرفة بنفسه حتى تترسخ في ذهنه ،ويشعر بقيمة ما وصل إليه ، بعيدا عن التقلين العقيم الذي يعتم شخصية الطفل .

يقول (فاروق مواسي) : (من أهم ما يميز أدب الأطفال أنه يتمثل في كشف جوانب معرفية للطفل وإضاءتها ، وتقديم مادة ما بمستوى أدبي مع التركيز على كيفية عرضها ، وكذلك في التوجيه والإيحاء من خلال النص بأسلوب ميسر . إنه يعمد إلى إشباع حب الاستطلاع لدى الطفل، وإلى تنمية خياله ، وإلى مخاطبته حول طبيعة الإنسان والإنسانية عامة وإنجازاتها، وصولاً إلى استكشاف العوالم المختلفة حوله .

هذا الأدب عليه أن يوفر المتعة والفهم ومحاولة ترك الأثر- أثرٍ ما في نفسية الطفل وفي أفعاله). موقع القصة السورية

ومن هذه الرؤية نقدم قراءة تطبيقية لقصة (الماء نبض الحياة) للشاعر بهاء الدين رمضان ، الصادرة عن " مكتب التربية العربي لدول الخليج " عام 1427هـ/ 2006م للمرحلة العمرية الأولى ( من سن الثامنة إلى سن الثانية عشرة ) .

والمطالع للقصة يلحظ مدى الجهد الذي بذله المؤلف ،وهويحاول أن يقدم لنا قصة تربوية ، تعليمية ، علمية ، حشد لها كم هائل من المعلومات استطاع أن يصهرها في قالب قصصي ، ويبسطها للطفل ليستطيع هضمها ، بل ليتشوق لمعرفة المزيد ، من خلال رحلة تشوف ومشاركة في البحث والتعرف على المعلومة ، ولاشك إن هذا الأسلوب الجاذب لتقديم المعلومة ، نفتقده كثيرا في وسائلنا التعليمية النمطية .

والكاتب يقسم القصة إلى مجموعة عناوين ، لا تفصل سياق الحدث بقدر ما هي مجرد وقفة / محطة لمواصلة الرحلة ، رحلة التشوف والإكتشاف لمعرفة المزيد عن " الماء " البطل الحقيقي للقصة ، الذي يلهث خلفه ويتسابق الجميع لمعرفة كل شئ عن عنصر الحياة ، بدءا من السطر الأول للقصة حتى النهاية ، بشكل متنامي ، واستطاع الكاتب أن يشد القارئ بهذا التسلسل والسلاسة في طرح المعلومة ، ومحاولة الربط بين ما يقدم من معلومات بطريقة جاذبة ومحببة للطفل .

ولا يكتفي بأن يكون رب الأسرة هو الشارح والموضح ، والمسيطر على جوهر ولب العمل والعارف لكل شئ – كما نجد في معظم القصص – ولكن يشارك الأولاد في طرح المعلومة ، ولا يكتفي الأب بتقديم المعلومة نظريا ، بل يمارس عمليا ويذهب بالأولاد إلى البحر ، ومحطة المياة ،ويقدم تجارب حية / تطبيقية لترسخ المعلومة في الذهن ،من خلال المشاهد في البيت ، وينجذب الأطفال وهو يشاهدون التجربة والبرهان ، ويشاركون في صنع الحدث وتحويل المعلومة إلى واقع معيش . كل هذا نجده في سياق الأحداث التي تتوالى وهي تقدم المعلومة بسلاسة ، ورغم جفاف المادة العلمية وصلابتها ، إلا إن الكاتب استطاع أن يصهرها في سياق الحدث ويبسطها فتصبح سهلة طيعة ، تتماشى مع الحدث وتجدب الطفل وتمتعه وتقنعه وتؤثر فيه ، وهذا هو المطلب والمقصد المنشود .

فنجد في النهاية قد خرجنا بكم كبير من المعلومات عن الماء من مصادر مختلفة بالإضافة إلى تلك القيم التي تبثها القصة بشكل غير مباشر ، والذي يحاول الكاتب أن يوزعها مع الحدث ، وان يوجدها أثناء طرح المعلومة دون أن تخل بسياق القصة ، وبناء العمل الأدبي .

وحتى نخرج من الإطار النظري نحاول أن نقدم تطبيقا لبعض ما طرحناه ، ورغم طول القصة الذي تأخذ مساحة (40) صفحة من الحجم المتوسط إلا إننا لم نشعر بطول القصة رغم بنط الخط الصغير الذي لا يتماشى مع هذه المرحلة العمرية ، والذي يجمع فيها الكاتب بين مراحل عمرية مختلفة ، فالمعروف بأن قصص الأطفال تنقسم إلى ثلاث مراحل عمرية : المرحلة الأولى وهي المبكرة من 3 : 6 سنوات ، والمرحلة الثانية المتوسطة من 7 : 9 سنوات ،والمرحلة المتأخرة من 10 : 12 سنة ، وكل مرحلة من المراحل تحتاج إلى لغة خاصة ، وصياغة للحدث تختلف عن الأخرى ،وخطوط معينة ، ورسومات إيضاحية خاصة ، والكاتب هنا جمع بين المرحلتيين المتوسطة والمتأخرة واستطاع بأسلوبه وسرده أن ينجح في ذلك ، ويقدم لنا قصها يفهمها ويدركها ويتجاوب معها الأطفال في هذه السن (8 :12) .

ولا نستطيع أن نلخص القصة ، فتلخيصها يخل كثيرا بما تقدمه من طرح .

فالقصة رغم طولها مكثفة جدا ، ورغم هذا الكم الهائل من المعلومات إلا إننا لم نشعر بأي خلل ، أو ممل ونحن نتابع سياق الأحداث . لأن الكاتب استطاع أن يربط هذه الأحداث بالمعلومات ، بتلك العناوين الفرعية التي تنقلنا من معلومه إلى أخرى دون أن تخرجنا عن الإطار العام المنشود ، فلا نستطيع أن نتوقف عن متابعة الأحداث حتى النهاية .

لقد استطاع " بهاء الدين رمضان " أن يقدم لنا كتاب شامل عن الماء يضم بين أوراقه الكثير من المعلومات في قالب قصصي جاذب وهادف حقق الهدف المنشود .

لقد استطاع الكاتب أن يوجد مساحة كبيرة من الألفة بين أبطال القصة والماء ، وأن يوجد تلك العلاقة الحميمة بين الطرفين ، وأن يوجد الأستعداد النفسي لتلقي المعلومة ،وأن يجعل الطفل فاعلا ومشاركا في البحث عن المعلومة بمشاركته وتقديم التجربة أمامه ، ووضعه في مكان الحدث ليتشوف ويستمتع باللحظة المعيشة ، ويندمج مع الواقع ويتفاعل بكل كيانه مع الحدث كما قلنا –مشاركا – كل هذا هو الذي صنع الألفة والعلاقة الحميمة ، التي انصهرت في بوتقة الحدث وتجاوب معها الطفل مغامرا ومشتاقا لمعرفة المزيد .

التشويق

التشويق أحد العناصر الهامة لجذب الطفل للقراءة ، بدءأ من اللغة المستخدمة والصور الموضحة ، وطريقة السرد ، والبساطة في العرض ، وقد يتصور البعض أن البساطة سهلة ويسيرة ، ولكنها أشد وعورة للكاتب من التعميق ، لأنك تنزل إلى المرحلة العمرية للطفل ، وتتحدث بلغته التي يفهمها ، وتشده إلى عالمه الذي يفهمه ، ومن هنا فإن الكتابة للطفل من أصعب من الكتابة للكبار ، وإن كان لكلٍ فنيات لابد أن تتوافر .

ونلج إلى القصة :

تبدأ القصة بهذا الجو العائلي الذي تسوده لمسة حب وألفة بين الجميع ، ونلحظ أن الكاتب يحاول أن يستفيد من سياق الحدث ويدخل في الموضوع بدون مقدمات ، فالجو شديد الحرارة ، وسالم يأخذ كوب ماء من الثلاجة ، فيبتسم الأب وهو يردد الآية الكريمة بعد أن يسمي بأسم الله : ( وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون ) سورة الأنبياء الآية (30) ، و يبدأ الحوار بين أفراد الأسرة ، فيذكر سالم بأننا لا نستطيع أن نصبر على الطعام وأي شئ آخر ولا نستطيع الصبر عن شرب الماء ، فيؤكد الأب أن الحياة تنعدم بغير الماء ، ثم يذكر سالم أنه قرأ كتابا عن الماء ورد فيه ذكر الماء في القرآن الكريم في 63 آية ، ثم تدخل الأم لتقدم لهم أكواب العصير وتبدو فيها قطع الثلج ، فينتهز الأب الفرصة ليشرح لسالم الصور التي يوجد عليها الماء ، فالثلج هو الصورة الصلبة والعصير هو صورته السائلة ، وهكذا تدور الأحداث وتصنع المواقف لحظة خروج المعلومة في سياق الحدث ، ويشارك الجميع الأب والأبن ( سالم ) والأبنة ( هند) والأم ، في تنامي طرح المعلومات التي تتدفق في القالب القصصي بصورة مشوقة ، وبناء محكم ، ولو حاولنا تتبع الحدث والوقوف على ما طرحه الكاتب وسط السياق ، وداخل هذا البناء المحكم لأحتاج الأمر لأضعاف عدد صفحات القصة ، ولكن نكتفي بهذا المثال.

يقول عبد الفتاح أبو مِعال([2])«ولما كان الإحساس بالحاجة إلى المعرفة عند الأطفال جزءاً من تكوينهم الفطري لأن غريزة حب الاستطلاع تنشأ مع الطفل وتنمو معه، ومحاولة الطفل التعرف على بيئته تعتبر من العوامل الهامة التي إذا عولجت بحكمة؛ فإن ذلك يؤدي إلى تنمية ما يمكن أن يكون لديه من إمكانات وقدرات».

منظومة القيم

وندلف إلى شئ آخر ، وهو تلك القيم التي حاول الكاتب إبرازها وطرحها في سياق الحدث ، وتنقسم القيم / الأهداف عند الكتابة للطفل إلى مناحي عدة ، فمنها القيم العقدية ، والقيم التعليمية التربيوية ، والقيم الترفيهة ،ولاتقل قيمة عن أخرى ، فكل قيمة من هذه القيم لها دورها الفاعل والمؤثر، فنجده يقدم لنا بصورة خاطفة بعض القيم التربوية التي تتماشى مع الأحداث بصورة غير مباشرة ، ونضرب بعض الأمثلة :

فعندما تقول هند لسالم بأن لديها معلومات كثيرة عن أهمية الماء ، يعترضها سالم ويقول لها : لا أريد أن أعرف منك شيئا فقد أوضح لي أبي الكثير ، وعندما يسمع الأب ذلك يغضب ويقول لسالم : لا يا سالم ، يجب على الإنسان ، ألا يتكبر عن العلم ، بل يأخذه من الصغير والكبير ،وما يدريك ؟ لعل عندها من العلم ما لم نتحدث عنه ، وعندما يسمع سالم من أخته المعلومة يعتذر لها في خجل .

تلك قيمة تغرسها القصة في عقل الطفل بصورة غير مباشرة ، وبعيدا عن الوعظ والإرشاد ، بل جاءت ضمن تسلسل الأحداث وسياق الحدث وبناء القصة وجوهرها .

بالإضافة إلى قيم المشاركة التي تزخر بها القصة ، تظهر جليا وبوضوح من خلال مقطع ( رحلة مع قطرة ماء ) التي تتكئ على حلم لسالم الذي رحل مع قطرة ماء وينزل مع المطر في قرية ، كل أهلها مرضى ليكتشف أنهم مرضى نتيجة ما فعلوه بالنهر ولوثوه بفضلاتهم ، فيقوم بمساعدتهم بتوعيتهم ، ويجمع أطفال القرية لمحاولة صنع مستقبل مشرق بالجد والعلم والعمل .

وأيضا من القيم التربوية التي تطرحها القصة في سياق الحدث ، نجده في مقطع ( رحلة إلى البحر ) ، فبعد رحلة ترفيهية ، تثقيفية إلى البحر ، شكلها الكاتب في حوارية رائعة أضافت للقصة الكثير من أهدافها المنشودة ، وبعد أن جلسوا وتناولوا الطعام ، يقول الكاتب ( أخذت هند تجمع بقايا الأطعمة والعلب الفارغة في كيس ثم مضت نحو البحر فجرى سالم وراءها يستوقفها ويأخد الكيس منها ويمضي به نحو صندوق مخصص لجمع القمامة على بعد مسافة منهم ووضعه فيه ) ، ويؤده والده ويشكره لأن هذه المخلفات تلوث المياه ، ويعدد مصادر التلوث مسترشدا بحديث نبوي شريف .

لقد استطاع الكاتب أن يقوم بعمل توعية ، وأن يطرح مخاطر تلوث الماء بهذا البناء ، بعيدا عن الشكل الوعظي ، ودون أن تخل بالقالب العام للحدوتة ، ومن خلال أنسنة الجمادات وهو شكل محبب عند الطفل ويتفاعل معه وينجذب إليه .

وأيضا تظهر روح المشاركة في المقطع التالي ( جماعة ترشيد المياه ) فنجد هند تقوم بتلك الجماعة ، ويشاركهم الأب ، والأم التي تؤكد بأنها ستقوم بإرشاد ربات البيوت صديقاتها إلى أهمية الماء ولزوم الاقتصاد فيه .. الخ .

أما القيم العقدية فتزخر بها القصة من الأسطر الأولى ، ويظهر هذا جلياً بالأستشهاد بالآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، وبث بعض القيم الدينية في سياق الحدث .

القصة في مجملها رحلة علمية ، تربوية مشوقة ، استطاع الكاتب من خلالها أن يقدم لنامادة علمية في قالب قصصي ماتع ، دون أن يشعر الطفل بكثافة والمعلومات وكثرتها لأنها قدمت له بسلاسة وعذوبة وشارك في طرحها من خلال أبطال القصة ، وبل وشاهد تجارب حية لترسخ المعلومة في ذهنه ، بالإضافة إلى متعة الحدوتة التي انصهرت واندمجت في سياق ما قُدم من معلومات استطاع الكاتب أن يبسطها للطفل بمهارة وجهد المتمرس.

الخيال

نتوقف عند نقطة هامة وهي الخيال ، لقد توقف المحللون لأدب الطفل عند هذه النقطة كثيرا ، وأنقسموا إلى طرفين نقيضين ، الطرف الأول يرى في الخيال بأنه يشد الطفل ويخرجه من عوالمه إلى عوالم رحبة تذهبه بعيداً عن عالمه المكبل بالمشاكل ، وبالتالي يتحرر الطفل ويصبح أكثر إبداعا وتألقا .

والبعض يرى أن الخيال المطلق ، يجعل الطفل يعيش حالة من الإنفصام ، والخروج عن واقعه ، وبالتالي يفقد القدرة على مواجهة مشكلات الواقع .

وقد أميل كل الميل للرأي الثاني ، فالخيال ضروري في أدب الطفل ، ولكن لابد من تحجيمه وربطه بالواقع المعيش ، وكاتبنا في هذه القصة ، ومن خلال مقطع ( رحلة مع قطرة ماء ) حلق في عالم الخيال ، دون الإغراق والجموح والخروج من أرض الواقع ، فمزج بين الحلم والواقع بما يخدم الحدوتة دون الخروج إلى عالم الخيال الأسطوري الذي قد يكون مردوده التربوي عكسي في كثير من الأحايين كتلك القصص التي تقدم للأطفال وتجمح في الخيال وتأسطر البطل ( السوبرمان ) ، وتسهب في العنف والقسوة والصراع الدامي .. الخ .

نجد الكاتب في هذا المقطع ، من خلال حُلم كما نكتشف في نهاية المقطع ، تأخذ قطرة ماء الأبن (سالم ) وتهطل به في قرية أهلها كلهم مرضى من جراء تلويث الماء ، ويقوم بمساعدة أهل القرية مع طفل آخر ، وعندما العودة يصحو نومه .

بساطة الفكرة التي أضاف إليها الخيال المنمق ، والذي يتمزج بالواقع ، أضافت كثيراً إلى جماليات القصة ، وهدفها .

إنه الخيال الذي يصب في أرض الواقع ، ليصنع المتعة ،ويحقق الفائدة المرجوة .

وبعيدا عن التحليل النفسي الفرويدي الذي يذكر بأن الأحلام هي في الحقيقة محاولة لإشباع رغبات حقيقية متخيلة ، نجد الكاتب ينجح في من خلال الخيال أن يزرع في الطفل كثير من قيم المشاركة والتعاون ، ومن خلال أنسنة الجمادات وهو أسلوب محبب ومشوق للطفل .

وبعد :

إن ما قدمناه مجرد إطلالة على قصة ( الماء نبض الحياة ) وهي قصة زاخرة بالمعلومات والقيم التربوية ، استطاع الكاتب أن يقدمها للطفل العربي بصورة تتناسب ومرحلته السنية ، وما احوجنا في نظامنا التعليمي إلى الأدب ليعالج مناهجنا التعليمية العقيمة التي تحجر العقول ، وتقف عثرة في وجه الإبداع .

المرسل

محمود رمضان محمد حمودة

إدارة شباب طهطا

رمز بريدي 82621

سوهاج - مصر

[1] -١٣ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦ ، بقلم سمر إبراهيم ، موقع ديوان العرب ، شبكة الإنترنت .

[2] - مجلة التوثيق التربوي، وزارة المعارف السعودية، عدد 36، ص 86. نقلا عن عن مقال ( لمحات في أدب الطفل ) إبراهيم بن سعد العقبل ، موقع ( صيد الفوائد ) .

هناك تعليقان (2):

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى