السبت، 11 سبتمبر 2010

محاكمة القدر مسرحية للمبدعة التونسية سلاف دالى




خلقت طليقا كطيف النسيم وحرا كنور الضحى في سماه
تغرد كــالطير اين اندفعت وتشدو بمــــــا شاء وحي الالاه
فمالك ترضى بذل الــقيود وتحني لـــــمن كــــبلوك الجباه



















الإهداء: إلى روح أبي القاسم الشابي الذي أهدانا الكون كله في قصائده وجعلنا نحس بأنه رغم اتساعه ليس أكثر من نقطة نحملها على راحتينا فنكتشف أسراره وخباياه.











مــــقدمة:
في عالم يسير نحو النهاية بسرعة الضوء، ويتوه في الأزقة الضيقة. يجمع بين المتناقضات ،ويرقص على أنين الموتى ويبكي دقات القلوب.
يزرع بأنهار الدموع شوكا، يدوس الورود ،يشتم رائحة البارود ،يعشق الوحل المعطر بالدم ويقطف الأجساد كالورود ، يضع على المائدة طبقا مسموما، به قطرات عسل لا يعرف مكانها إلا هو، فيلعق هو قطرات الحياة ،ويترك لهم رحيق الموت، فمن يتشجع ويقلب الطبق ؟!
هل يستيقظ الضمير فيولد الوفاء و تنبت المحبة؟ أم تستمر لعبة النفاق والقتل والخراب ، ويتكاثر البوم والغربان، وتقام حفلة الوداع للحب والحياة ،وينتشر الظلام ، فمن يفرض الضياء وأنشودة الحياة ؟! من ياسر القلوب بالدفء والهناء ؟! من يعدم اللحظة السوداء؟!

سلاف دالي






محاكمة القدر

في ركن من قاعة كبيرة طليت جدرانها باللون الأزرق وقف الزمان والقدر جنبا الى جنب
قال القدر (وقد بدات عليه علامات التعب ): إنني اشعر بالاختناق
الزمان مستغربا: أ تشعر بالاختناق رغم اتساع المكان
القدر: ان اتساعه لا يساوي شيئا إذا قورن باتساع الكون ورحب الفضاء ثم ان هذا اللون هو الذي يكتم أنفاسي إنني اختنق اختنق اختنق
الزمان متعجبا: ولكن أ ليست السماء زرقاء
القدر: السماء ! انك تجد فيها جميع الألوان الأبيض الأزرق أشعة الشمس الصفراء احمرار الفجر وقوس قزح حزام الفرح
الزمان: صرت شاعرا
القدر: لا لست بشاعر ولكنني لا اشعر بالراحة هنا
الزمان: انه إحساس طبيعي لكل المتهمين انك في المحكمة هل أنت خائف؟
القدر: الخوف لا ولكن عدم ارتياح
الزمان ( متهكما): هل رأيت متهما يدخل المحكمة مبتسما مترنما بأغنيته المفضلة
القدر: لا يجيب
الزمان: ها قد وصل القاضي والادعاء وبعض خصومك
القدر: ليس لدي خصوم
الزمان ساخرا: لم وجودك هنا إذن ألترى هذه الوجوه؟ الست تراها كل يوم
القدر: .............................................
الزمان: ألديك محام؟
القدر: لست في حاجة إليه
الزمان (ضاحكا): سيحملونك أوزار المصائب كلها وتقول إن الأمر لا يستحق
القدر: سأدافع عن نفسي
(بدأ العرب بدخول المحكمة وقد علت أصواتهم جلس القاضي وجلس وكيل الادعاء وفوضى أصوات العرب مستمرة وذهب صوت مطرقة القاضي أدراج الرياح )
تعالت أصوات تقول: أيجلس الرؤساء والملوك مع العامة إنها إهانة لا نقبلها
مجهول : (ضاحكا بأعلى صوته) ومتى رفضتموها إنكم لم تتعلموا الرفض والمواجهة
مجهول 1: نحن نريد الجلوس في الصفوف الأولى يمكنكم الجلوس بالخلف وخذوا راحتكم لن نزعجكم و بإمكانكم النوم إنه الهواية المفضلة لكم أو لنقل الشغل الوحيد الذي تتقنونه اتركوا بعض الضوء لنا
احد الحكام (محتدا) : يا ابن الكلب أتوجه هذا الكلام إلينا أي حاكم تتبع سنجردك من الجنسية وننفيك خارج البلاد
)وسط ضحكات الحضور الساخرة (
المجهول 1: لست تابعا لأحد وهل انتم من يوزع الجنسية ويقرر من ينتمي أو لا ينتمي لهذه الأرض؟
الجنسية تكتسب ولا تعطى فوفر كلامك إنني اكتسبها من رحم الأم التي أنجبتني ومن الأرض التي وقفت عليها ومن تراب البلد الذي تكفن به الجدود فلا تتاجروا بوطنية الآخرين
لولا إحساسي أنني أتنفس هواء بلدي أينما ذهبت لاختنقت أمَا أغلبكم فيتنفس نفايات الخيانة والبيع
بعض الحكام العرب ( متوجهين للقاضي رغبة منهم في تغيير الموضوع خوفا من اقتداء الحاضرين بهذا المجهول) : أنجلس مع العامة
القاضي: هنا كلكم سواسية أنكم في محكمة ولستم في قصوركم
قال المحتجون (بصوت واحد منخفض) : كلام هذا القاضي لا يطمئن
القاضي (يحاول أن يتجاوز هذا الكلام): أين المتهم
الزمان للقدر: لم لا ترد انك أنت المتهم
القدر: أسف لم اعتد الأمر بعد( ثم التفت إلى القاضي قائلا و قد بدا عليه الارتباك) أنا القدر أنا المتهم لكنني لا اعرف ما التهم التي أقف بسببها أمام سيادتكم
القاضي: لا اتهمك بشيء وليس بين يدي دليل على إدانتك
الحكام العرب : انه لا يخفي انحيازه للقدر ويبدو انه لم يطلع على الأوراق
)كل يكلم نفسه بصوت عال ولم يعد الكلام مفهوما لاختلاطه وكثرة المتكلمين (
سمع القاضي هذا الكلام
القاضي : فعلا لا توجد بين يدي غير كتابات لا تحمل معنى الإدانة
(مواصلا كلامه للحكام )
القاضي : إلى الآن لم تتخذوا أماكنكم نريد أن نبدأ
الحكام: إن الرعية والرعاع يزاحموننا في المكان ونحن لم نعتد الجلوس معهم انك تقلل من شأننا حين تجعلهم ندا لنا.
القاضي: سأمنحكم بعض الوقت لتتخذوا أماكنكم انتم ودفاعكم
العرب. لكننا لسنا متهمين ألابد من محام
القاضي : لو تكلمتم كلكم لن تنتهي المحاكمة ابدا لذا لابد من محامين ينوبونكم
احد الحكام: كيف سأحضر محاميا أجنبيا؟ أنا لا أثق إلا بالمحامين الأجانب
مجهول: استرنا من التأجيل يا رب
القاضي: لا تخف يا بني لا تأجيل ولا تأخير بإذن الله
مجهول: كيف لا اخف وكل شيء في حياتنا مؤجل آمل أن تتذكر ما قلته الان سيدي القاضي ولا تسقط في أي فخ
القاضي : اطمئن بني
حاكم أخر: أين يجلس المحامون
(تبعثرت القاعة وعمت الفوضى)
مجهول : محام أجنبي ، حكم مباراة رياضية أجنبي، إقرار دستور بعقول وأياد أجنبية، لم تجلسون على رقابنا إذن،لا نريد أن تتحكم بنا الدمى التي يلعب بها الغير ويحدد هويتها كرسي خشبي
حاكم: يابن الكلب
حاكم..: اسكت لعنة الله عليك
حاكم : لا تسقطوا في فخه فتثيرون علينا الرعية
مجهولة : يا الله صرتم تفهمون معنى السقوط في الفخ
أحد الحكام ( رغبة منه في تجاوز كلام هذا المجهول وما ترتب عنه ): إن أمر المحامين شكلي لن يقدم و لن يؤخر في الأمر شيئا فاتخذوا محامين من الرعاع لا تجعلوهم يحسون بأنهم لاشيء في حياتنا.
حاكم: يا لهذه السخرية لم يبقى إلا أن نترجاهم
انطلق الحكام العرب كل في اتجاه يبحث عن ضالته ثم رجع يجر شخصا أخر من ربطة عنقه حتى وصلوا أمام القاضي
قالوا: لكل منا محام لكنه لن يتكلم إلا إذا عجزنا
القاضي ( وقد بدا عليه الضجر): سكوتا قد ضاع الكثير من الوقت لننهي هذا الموضوع من يبدأ الكلام أولا
علت أصوات الحكام: كل يقول أنا أنا أنا
أنا رئيس اكبر دولة لا بد أن أكون أول المتكلمين
أنا رئيس أغنى دولة لا بد أن أكون أول المتكلمين
أنا أكثر عمالة
أنا اكثر قدرة على إسكات صوت الرعية
انا اكـــثر منكم خـــبرة في بيع الوطن
انا أكثركم قدرة على سرقة مال الشعب
انا اكثر كم خبرة في ابتداع القوانين وتنقيح الدساتير
القاضي يخاطب نفسه : ( إذن إنكم لمجرمون)
(الكل يضحك إلا الحكام )
مجهول 3 : ما شاء الله أ كل هذه خبرة سيدي القاضي أيوجد اعتراف اشد صراحة منه ، انهم يعترفون بجرائم اقترفوها بحقنا ان المتهم يعترف بجريمته.
انصفنا سيدي القاضي أنت كل أملنا يا رب كن معنا تعبنا من هذا الشقاء
القاضي : بني لا احد يتهمهم
مجهول 3: كيف نتهمهم و أنت كما تراهم سيوف مسلطة على الرقاب قد اسكنت الخوف في القلوب
القاضي: لنعد الى القضية التي جئنا من اجلها و ويبقى الحكم في النهاية اختاروا واحدا ليبدأ بالكلام أو احد المحامين
تعالت أصوات الحكام : نحن من سيتكلم
القاضي ( وهو يمسك بآخر درجات الصبر): أعطوا أوراقكم لأحد ليقرأها
الحكام: سيكون له شرف القراءة
القاضي: أي شرف وهو يقرأ أوراق بمحكمة مجرد أوراق
الـــحكام: سيكون له شرف استماعنا مع العامة له
القدر للزمان : لست انا سبب نكبتهم إن اختلافهم هو سبب البلية إنهم يختلفون في ابسط الأشياء
القاضي( وقد نفذ صبره): كفى إذا جئناكم يمينا جئتم شمالا وإذا جئناكم شمالا جئتمونا يمينا
سأقرأ اتهاماتكم
الحكام (يخاطبون بعضهم البعض): أي قاضي هذا الذي لا يتركنا نتكلم إنه منحاز للقدر
(موجهين الكلام للقاضي ) نحن من أتينا بك إلى هنا
نحن من جعلناك لافتا لنظر كل هؤلاء لولا وجودنا هنا لكنت مجرد قاض ليس إلا فكيف تجرؤ وتعاقبنا بالصمت
قال احدهم: اسكتوا و إلا خسرنا القضية
مواطن: ومتى تركتمونا نتكلم جربوا ولو لمرة واحدة إن تكونوا مأمورين مستمعين ما أجمل أن يرتد عليكم سلاحكم فتعاقبوا بالصمت
احد الحكام : لم نعتد الصمت والرضوخ
الحضور: ( وقد انفجروا ضحكا): ومتى لم ترضخوا ؟
قال احد الحكام: علينا أن نغير أماكننا يجب أن نجلس جنبا إلى جنب وأن يكون وراءنا هؤلاء المحامين ونبتعد عن العامة حتى لا يهينوننا إذا تكلمنا.
لن نستطيع تحمل شماتتهم إذا خسرنا القضية
احد الحكام: إنها فرصة سانحة لنجرب هؤلاء المحامين
و التفت كل إلى محاميه يطلب منه أن يبعد العامة عن الصف الأول
ثار الجلوس في الأمام : لن نغير أماكننا لن نجلس في الخلف جلستم في الضوء كثيرا نحن من يبني البلد نحن من يستصلح الصحراء نحن من يحمل الأعباء نحن من يتعلم وانتم تجمعون المال لتضعوه في البنوك الأجنبية انتم تجنون ثمار جهودنا وتنامون ملأ جفونكم ونحن يهدنا التعب وننام لحظة ونستيقظ لحظات مفكرين متى سينتهي شظف العيش ؟.
لم يفلح المحامون في إقناع الرعية على ترك بعض مقاعد الصف الأول للحكام
القاضي : اجلسوا
الحكام : ليس قبل أن يتركوا لنا بعض الكراسي بالصفوف الأولى
القاضي : ليسوا بمجبرين على ترك مقاعدهم
الحكام ( مندهشين ) بصوت واحد : ماذا؟
القاضي: اجلسوا ولا تتمسكوا بأشياء لا قيمة لها هنا
احد الحكام لزملائه: اجلسوا لا تعادوا القاضي
(جلس البعض والبعض الآخر مازال مترددا)
(فجأة صرخ احد أبناء الشعب)
قائلا: سنترك لهم بعض المقاعد
(وهمس في أذان أصحاب الكراسي المراد إفراغها وبقدرة قادر تركوا المقاعد وسط ذهول المحامين)
ابن الشعب: قلت لهم إن جلوسهم خلفكم سيكون سترا لهم لتغطية خجلهم فلا تشاهدون الإحراج والارتباك واختلافاتهم وسخافة أرائهم دعوهم يجلسون في بعض المقاعد الأولى .
سيكونون في نفس المستوى مع إخوة لنا سيكونون مكشوفين، لنشاهد أي وضع مزر سقطوا فيه
اول مرة يجتمعون وهم مجبرون على الكلام كل اجتماعاتهم السابقة عبارة عن دعوة عشاء أو غداء يأكلون يضحكون ثم ينصرفون
(جلس الحكام في المقاعد التي أفرغت لهم وجلس محاموهم خلفهم.)
القاضي: لنبدأ الآن
القاضي للقدر: ألديك محامي
القدر: سأدافع عن نفسي
القاضي مخاطبا القدر: لابد من محام
القدر للزمان : أتقبل أن تكون محاميّ
الزمان: لا يا عزيزي لا أستطيع
القدر: إنه أمر شكلي لا غير
الزمان: أنا لا اشك في براءتك ولكنك تعلم إنني لا استطيع معاداتهم إن براءتك يليها إما اتهامي أو اتهام القاضي إنني متأكد من ذلك
القدر( ضاحكا) : إذا كانوا سيتهمونك فجهز نفسك لأنني سأثبت براءتي ولن أدافع عنك
الزمان: باتهامهم لي سيفتحون أبواب جهنم على أنفسهم
وقف رجل وقال بصوت هادئ : يكون لي الشرف إن قبلت بأن نكون لجنة دفاعك أيها القدر
القدر: من انتم
امرأة : مواطن ومواطنة جئنا في هذا الزمن الرديء
(التفت الجميع إلى صاحبة الصوت لم تكترث لنظراتهم وواصلت كلامها )
نحن نعرف كل التهم الموجهة لك ونقسم إننا سنحولك من متهم إلى طالب حق فقط ثق بنا
القدر: اقبل بشرط ألا تتدخلا إلا إذا طلبت منكما ذلك
(وافق المحاميان على الشرط وقد بدت علامات الفرح على ملامحهما وقدما إلى القاضي ملفات كثيرة)
القاضي: لم كل هذه الملفات
المحامي: إنها أسماء بعض الشهود
الحكام: (وقد التفت بعضهم إلى بعض ) وقالوا بصوت واحد:
أيوجد من يخالفنا الرأي إلى حد المجاهرة بالشهادة ضدنا
احدهم : ظننا أن لجنة الدفاع عن المتهم لجنة شكلية، الغاية منها عدم تأجيل الجلسة ليس أكثر
الزمان: لا أظن أن أحدا سيشهد لان الحكام سوف يستعملون سلاح التهديد والوعيد والخبز وهذا السلاح اثبت جدواه في كل بلدان العالم
القدر: هذا ما أتمناه لان انقسامهم يؤلمني
الزمان: كل ما يتمناه أي متهم أن ينقسم خصومه كما تفعل أفعى هذا الزمان والتي نشرت سمومها في كل الأرض
القدر: لننتظر متى ستنتهي هذه الفوضى
(النقاش محتد بين القاضي ومن يصرون على إنهم أسياد الوطن العربي)
الحكام : بالأول تركتهم يجلسون معنا و الآن تقبل بان يشهدوا ضدنا
القاضي: لم تأتوا إلى هنا لمناقشة جئتم إلى هنا بسبب شكوى أنا هنا مجرد قاض لست مسؤولا عن نظام الجلوس و لا يوجد كراسي حسب المراكز الاجتماعية وإنما لكل منكم الحق قي كرسي دون تحديد مكانه باعتبار إنكم سواسية أمام القانون وللكل الحق في الكلام
الحكام : لو لم تدعهم يجلسون معنا ما وصل بهم الأمر إلى أن يقفوا ضدنا وان يتحدانا رجل وامرأة لم كل هذا الاستفزاز
القاضي ( غاضبا) : إمَا أن يتكلم واحد فقط أو فالتصمتوا جميعا
(ارتفعت أصواتهم كل يريد أن يكون الخطيب)
القدر: هذه الفوضى مصيبتهم هل تسمع شيئا
الزمان: إنهم يعلمون ولكنهم لا يعترفون بذلك
القاضي:لا أريد سماع أي صوت وليقدم دفاعكم اعتراضاتكم إن كان لديكم اعتراض
(التفت الرؤساء والملوك بعضهم إلى بعض)
و قال أحدهم ليتكلم: واحد منا المهم إن لا يكون من الشعب
مواطن 1 : لولا الشعب ما كنتم وما تعاليتم علينا يا عشاق الكراسي إن أبراجكم العاجية تكسرت اليوم فلا خوف بعد ألان، يا من بعتم كل شيء حتى الكرامة تخليتم عنها
القاضي : صمتا يا ولدي نريد أن نبدأ هذه المحاكمة لا نريد تأخيرا
مواطن 1: ولا تأجيل يا سيادة القاضي فكل شيء في حياتنا اجلوه, إلا الموت أحلامنا مؤجلة، أمالنا معلقة، أفراحنا منعدمة، أقلامنا منكسرة كلامنا تأخذه الرياح
القاضي : اجلس يا ولدي ولا تخف لا تأخير ولا تأجيل إن شاء الله
(التفت الحكام بعضهم إلى بعض)
احد الحكام: القاضي يخاطب هذا المجهول بود انَه أمر يدعو إلى الريبة والخوف
القاضي: أين محاميكم دعوه يتكلم
أحد الحكام : لسنا بمتهمين وأظنك قد اطلعت على أوراق القضية
القاضي( بحدة): ظننت أننا تجاوزنا هذا الموضوع
احد الحكام: قلتم محامي أتينا لكم بلجنة دفاع لكن لن يتكلم احد منهم
القاضيSad وقد ابتسم ابتسامة مكر و دهاء وأشار بيده نحو الرعية )
لا احد موكل على احد لكل واحد منكم الحرية في أن يقول كل شيء دون خوف
الحكام (وقد تفطنوا لخبث القاضي هامسين في آذان بعضهم البعض) :
نحن المسؤولون عنهم سيادة القاضي فكيف يتكلمون دون إذن منا ؟
لن يفعلوا ذلك
( قال ذلك بنبرة كلها عنف )
مواطن: لستم مسؤولون عنا هنا نعرف إنكم ماهرون في الالتفاف على القانون لكن اليوم النصر سيكون للقانون والعدالة
(وعلا الضجيج مجددا)
حاكم ( لزملائه): التسرع لا يفيد الآن سيتكلم الكل وسيفتضح أمرنا ليتنا تركنا الكلام للمحامين
القاضي: ليس هنا فكلكم متساوون ولا احد يأخذ الإذن منكم إلا دفاعكم وان كانت لكم عليهم سلطة فلتكن خارج المحكمة
قال الحكام (بصوت واحد): سيدي القاضي
القاضي: واحد فقط يتكلم
احد الحكام (واقفا): إن هذا القدر اللعين قد أشعل نار الثورة في صدور الرعية فتمردوا علينا ولم يعد احد منا امن على كرسيه وقد سلط علينا الأعداء من كل جانب فدخلوا بيوتنا واستعبدونا يريدون مقاسمتنا كل شيء
قال حاكم آخر : إن الرعية منا ونحن منهم
احتج عليه أكثرهم: منذ متى هذا الكلام
الحاكم: منذ وعيت على هذه الدنيا منذ كنت مواطنا عاديا تألمت كما تألموا وبكيت كما بكوا
سيدي القاضي إن القدر قد ألغى الكرامة لأكثرنا فصار الكل يتجسس على الكل والويل لمن يحاول أن يستنهض العقول فأعداءنا يصلهم كل ما دار في اجتماعات من المفروض أن تكون سرية ويكون مصيره إمَا الحصار وإمَا الموت وأمَا ...............................
احد الحكام: الم تجد غير هذا الكلام يا ناكرا للجميل أنسيت كل ما فعلناه لأجلك لتبقى في الحكم لا اعتقد إنهم سينتخبونك إذا قدمت ترشحك في المرة القادمة أو بالأحرى لن ندعهم ينتخبونك
ولن ندفع لك تكاليف حملتك الانتخابية وسنشجع خصومك ولن يدعمك الأصدقاء سنرى كيف تدفع لناخبيك ولتزوير الانتخابات
حاكم أخر: الاختلاف سيضرنا الآن امسكوا أعصابكم
مجهول أخر: أو اتبعوا سياسة ضبط النفس هذه التي تصدرها لنا الأمم المتحدة
(انفجرت القاعة ضحكا)
الحاكم: علينا أن لا نوسع الهوة بيننا وبين الرعية الآن أو لنضيقها قليلا
القدر: هل أنا من طلب منكم أن تبنوا جدارا بينكم وبين رعيتكم المفروض أن يكونوا مثل أبنائكم لا حواجز بينكم
وقف شخص وقال: سيدي أنا سأتكلم أولا
القاضي: تفضل ما اسمك بني
مجهول 1: مجهول سيدي
القاضي: أهذا اسمك يا ولدي
(التفت الحكام بعضهم إلى بعض مستغربين كيف يسمح القاضي لهذا الرجل البسيط أن يتكلم أولا وهموا بالاعتراض لكن صوت الرجل القوي أسكتهم )
مجهول 1: لا يا سيادة القاضي ولكن نحن مجهولون بالنسبة لهم لا يتذكروننا إلا أوقات الانتخابات اقصد الاستفتاءات أو الأزمات المالية إما لننتخبهم أو لنملأ جيوبهم الأسماء لاتهمهم ولا ولاء ولا عطف إلا على الكرسي إنهم يقولون لجلاديهم أولادنا لكم اقتلوهم اذبحوهم استعبدوهم بناتنا هدايا لكم اغتصبوهن الأرض لكم والبيوت لكم والعرض لكم المهم أن تتركني على الكرسي وان شئت إن تقتلني فاقتلني وأنا جالس عليه اقطع الرأس وأنا مثبت عليه انه سيدي وولي نعمتي لا حياة بعده ولا كرامة دونه وان قالوا عكس هذا فهم يكذبون
احد الحكام (ثائرا): اللعنة عليكم وهل انتم الشرفاء ألا تخونون ألا تبيعون وتتسترون باسم المعارضة بالخارج
مواطن: أول مرة تقول كلمة حق رغم انك أردت بها باطلا نعم فينا خونة لكن قلة جدا لا نهتم لهم لم نعتبرهم أكثر من كلاب تنبح لتتلقف عظما من سيدها يعني هو يخون من اجل عظم و أنت لم تخون أرأيت الشعوب مهتمة بنعيق الغربان، لكن ان يخون الحاكم وهو ماسك بزمام الأمور في البلد تلك هي المصيبة الكبرى انك تذكرني بمقولة "رب عذر أقبح من ذنب"
شيء واحد أقوله لك انتم السبب في تفشي هذا الداء أيها المجنون
مجهول : يخون من اجل ان يبقى سيفا مسلطا على الرقاب ومصاص دماء
احد الحكام : أيها القاضي
القاضي: هنا لا ادعى أيها القاضي إنما سيدي القاضي
حاكم 1: ولكن لا استطيع أن أقول لك سيدي اعتدت أن أكون أنا السيد
القاضي: يا ولدي هذه إجراءات وبرتوكولات المحكمة أن تقول للقاضي سيد لأنه يمثل القانون والسيادة هي للعدالة والقانون وليست لشخص القاضي
حاكم ( وقد اغتاظ من كلمة ولدي) : أهذا كل ما أهمك في الموضوع الم تسمع اتهامه لنا بالكذب أم انك تسمع ما تريد وتلغي ما لا تريد سماعه لن أقول لك سيدي ولست ابنك وواهم أنت إذا فكرت أننا نخضع لعدالتكم وقانونكم
القاضي ( بحزم) : لن تتكلم إذن
حاكم 1: لا استطيع ، لا استطيع،
(انطلقت ضحكات ساخرة من الخلف)
صوت قوي يقول: نعرف انك تقول سيدي و سيدتي
لكن ليس في بلداننا طبعا ليس لسيدات البلدان التي تسافر إليها وإنما لساقطاتها
حاكم 1 (نطق دون أن يشعر): أتسمع سيدي القاضي أهذه محكمة أم مهزلة
(وانقسم الحضور إلى قسمين قسم انفجر ضاحكا وقسما ذاهلا من المفاجأة) أليس هذا هو الرجل الذي يقول انه لا يستطيع أن يقول سيدي لأحد
القاضي: أر أيت ما أسهلها
صوت ساخر من الخلف:سيدي القاضي هل صدقت انه لم يقلها لأحد من قبل
وعلت الضحكات الساخرة
مجهول 4 : نعم انه معتاد عليها حيث يسافر بخزينة الشعب فيصرفها في الخمارات على نساء الحانات لان الغرب يرى ان التقرب من سيدات مجتمعهم خط احمر، والبقية الباقية من الأموال توضع في بنوك الغرب وحين يحتاجها هذا الأخير بسبب أو بدون سبب يختلقون ألف حجة لتجميد الأرصدة وتصبح حلالا عليهم هم لديهم ثروات تعادل ما يملكه العرب ألف مرة لكن هم يأخذون هذه الأموال لقتل الحلم في بناء مصانع أو شركات لا يتحكمون فيها فتنافس جزء من شركاتهم وبالتالي يفقدون السيطرة على جزء من السوق ولا احد منكم سأل نفسه ترى كم أرصدة جمدت كم يبلغ قيمة المبالغ المجمدة هناك لا احد يسال ظنا منه انه هو السيد الوحيد بالكون وفي الحقيقة ليس سيدا حتى لنفسه أو ربما لا يريد ان يعرف احد انه مغفل
حاكم 22: أيها السافل ألنا تقول مثل هذا الكلام اللعنة عليك
مجهول 4: قل ما شئت لن تستطيع إفساد فرحتي بوجودكم أمامنا وانتم مجبرون على مخاطبتنا دون حواجز ولا ستائر ولن تستطيع إجباري على إخفاء شماتتي فيكم أترى كل هذه الجموع اقسم أنَها اسعد خلق الله في هذه اللحظات
القاضي ( مخاطبا نفسه سيخرجون عن الموضوع وتطول المحاكمة ): لنعد إلى القضية
بماذا تتهمون القدر
حاكم : اتهمه بالغباء وبالانحياز وبالظلم
محامي القدر: سيدي القاضي لا اسمح بإهانة موكلي لا يحق لأحد أن ينعته بالغباء
مجهول2 : يعتقدون أن الذكاء صفتهم برغم أن الغباء قد عشش في الرؤوس وتزوج وأنجب
القاضي : للقضاء هيبة وعليك الالتزام بآداب التقاضي دون التعدَ على الآخرين
(قهقهات وكلام من بعض الحضور)
مجهول 4: إن الحوار جديد عليه فكيف يعرف آداب الحوار وهو لم يسمع به وكيف يلتزم بآداب التقاضي وقد كان جلادا لا يتحول الإنسان بقدرة قادر من الشيء إلى نقيضه سيدي القاضي
(كتم القاضي ضحكة و وضع يده على فمه حتى لا تفضحه الابتسامة)
قام شخص آخر وقال: أرأيت أذل منا في هذا الكون نعتونا بالإرهاب وقتلونا وشردونا أينما ذهبنا كان انتمائنا وبالا علينا ومصيرنا الوقوف بالساعات في المطارات والتهديد والاعتقال بدعوى إننا إرهابيون حيث تمتلئ بنا المعتقلات السرية وتنتهك أعراضنا بأبشع الممارسات يروننا قتلة حثالة أهكذا ترانا سيدي القاضي هكذا جعلنا هذا القدر إننا نتألم ونموت كل يوم جراء هذه الأشياء أنهم يحاكمون أسماءنا وديننا نعم نحن ضحايا اللغة والدين والتقاليد العربية ضحايا حسن النوايا والجوار والوفاء بالعهد وكل هذا بسبب القدر
محامية القدر : سيدي القاضي نحن نتعرض لكل ما قالوا لكن من المسؤول أتراه القدر حقا
(علت أصوات عديدة)
تقول: نعم هو المسؤول
(وأصوات) تقول: لا
(وعمت الفوضى مجددا)
القاضي( بعد أن ضرب الطاولة بمطرقته):
لسنا في حلبة رقص اسكتوا
(لكن الضجيج ازداد و لم يعد يسمع للقاضي أي صوت)
(الكل يتكلم والكل يظن بان صوته أعلى وأن الآخرين لا يستمعون إلا له وفي الحقيقة لا احد يسمع إلا صوته)
القدر للزمان: سترى كيف أرد
القاضي : سأقوم بتأجيل المحاكمة إذا تواصلت هذه الفوضى
(خيم صمت رهيب على المكان ثم بدأ الحكام في الكلام رغبة منهم في استفزاز القاضي وتأجيل المحاكمة)
مجهول : الم تقل سيدي القاضي انه لا تأجيل ولا تأخير
القاضي (غاضبا وقد تفطن إلى ما يرمون إليه ): لم يسكت الجميع لتتكلموا انتم
الحكام ( يخاطبون بعضهم البعض) : لم يهمشنا هذا القاضي ويقلل من قدرنا ويعاملنا مثل الرعية
احد الحكام (محتجا على القاضي) : لن نسمح لك بمخاطبتنا بهذه الطريقة
القاضي( مبتسما) : إن المحكمة هي التي تخاطبك ولست أنا
(طلب القدر من المحامي أن يسمح له هو بالدفاع عن نفسه وبان لا يحرجه أمام القاضي وذكره بالوعد بان لا يتدخل إلا إذا طلب منه ذلك
دار بينهما هذا الحوار)
المحامي: دعني أدافع عنك وسترى مني العجب العجاب أنا منهم واعرف سبب نكباتنا وآلامنا اعرف سبب القهر الذي نعانيه واعرف الهدف من هذه المحاكمة
المحامية: رجاءا امنحنا شرف الدفاع عنك سيدي هم حكموا علينا بالصمت فكن أنت مختلفا عنهم وأعطنا فرصة نتكلم فيها قد لا تتاح لنا مرة أخرى خلي قسوتهم علينا رأفة منك وغضبهم علينا حلما منك
وضيقهم وتبرمهم منا ترحيبا منك
القدر: لقد اتفقنا من البداية إنكم لن تتدخلوا إلا إذا عجزت عن الدفاع عن نفسي
المحامية : إن انشغالك في متاهات وظيفتك و أداء دورك قد يكون ألهاك عن بعض التفاصيل والأشياء وقد تكون غافلا عما يدور في عقول بعض الناس من خبث ودهاء
القدر: صدقيني يا عزيزتي حين أكمل كلامي سأفسح لكما المجال وقولا ما شئتما ولن أقاطعكما
المحامي : رجاءا سيدي لا تخاطبنا بضمير المثنى فنحن لسنا اثنين بل ملايين
القدر: حاضر يا ولدي ساترك لكم المجال لكن لا تتدخلوا حين أكون بصدد الكلام
الدفاع: حاضر
القاضي: أيها القدر الديك ما تقول
القدر: بالتأكيد سيدي
القاضي : لنأخذ هذه الادعاءات واحدا فواحدا
قطع القاضي( الكلام مستغربا ): من هؤلاء
(التفت الجميع إلى الوراء فرأوا حشدا من الناس يعنفون أعوان الأمن الواقفين بالباب)
المحامي لزميلته: هذه فرصتنا هنا في هذا المكان نستطيع أن ندافع عن استقلاليتنا وحريتنا وإلغاء التبعية والقيود التي يفرضونها علينا تعبنا لم يبقى إلا أن نتنفس بأمرهم
(علت الابتسامة وجوه اغلب الحكام)
الحكام : لقد جاؤوا لمؤازرتنا والإيقاع بهذا القدر اللعين
القاضي : من انتم ولما دخلتم بهذه الطريقة الهمجية
قال احدهم : علمنا باتهامهم لنا بأننا ننعتهم بالإرهاب و نسلب أموالهم ونقتل أطفالهم فجئنا لندافع عن أنفسنا ولنحمي مصالحنا
المحامية : لا اعتقد أن وجودكم هنا له ما يبرره نحن في مكان لمحاسبة الذات رغم أن الهدف لم يكن كذلك أم انه ليس من حقنا
شخص أخر من الأجانب: من حقنا الحضور ونحن لم نطلب إذنا منك أيتها الحقيرة
المحامية: لم أكن يوما كذلك واليوم سأرد لك الصاع صاعين فما تعلمت أن أمد خدي الأيمن لمن يصفعني على خدي الأيسر
أنت لست طرفا في هذا النزاع لست عربيا لتكون المدعي ولا القدر لتكون المدعى عليه ولست القاضي حتما
(تقدم بعض الرجال بعد أن رأوا إشارة من مخاطب المحامية لكن سبقهم بعض الناس الذين دلت ملامحهم وهيئاتهم على بساطتهم)
قائلين: صحيح هي وقفت ضدنا واصطفت مع القدر وزميلها المحامي لكنها تظل ابنتنا ولا احد يقدر آن يهددها ونحن موجودون
( اختفت ابتسامة الحكام وقال كل واحد في نفسه ليتهم يخلصوننا من هذه الحثالة)
القاضي (بعد أن استفاق من ذهوله) : ماذا تريدون
قالوا: نريد حضور المحاكمة
القاضي: ولكنكم لستم طرفا فيها
قالوا: حسنا سنأتي لك بوثيقة ممضاة من هؤلاء لنكون لسان دفاعهم (وأشاروا بأصابعهم إلى الحكام)
قال مواطن: هذه فرصتي لأقول لا لا لا كانت اجتماعاتهم التي تخصنا وتناقش فيها أمورنا لا يحضرها غيرهم فيدخلون ويملون شروطهم
(كان الرجل يصرخ)
فتاة(بعد ان تقدمت منه): ليس مهما أن تصرخ وتصدع رؤوسنا المهم أن يصل احتجاجك للقاضي بطريقة تجبرهم على الخروج
الزمان (مخاطبا القدر): ألا تخشى القادمين الجدد
القدر: لا ولم أخشاهم إنهم بشر يركبهم الغرور و الأنانية هذه طبيعتهم
الزمان: الآن أدركت انك ستتمكن من إثبات براءتك لأنك فهمت خصومك جيدا والخصم حين تفهمه يصعب أن يهزمك
(علت أصوات عديدة) تقول: اخرجوا لا مكان لكم بيننا، كفاكم تدخلا في شؤوننا
الحكام: ليبقوا معنا طالما تهمهم مصلحتنا
احدهم: منذ متى وأنتم ترددون هذه الأكاذيب تهمهم مصلحتكم أنتم نعم لكن مصلحتنا نحن أبدا
ألا تخجلون من أنفسكم؟
احد الحكام : أول السيل قطرة ثم ينهمر هذه أول إهانة أو لنقل مصيبة وتنهال علينا الشتائم من كل حدب و صوب
الفتاة: مصلحتكم أيها الأغبياء نعم إنها مصلحتكم ومصلحتهم أيضا ونحن لا شأن لنا أين مصالح الشعوب نحن هنا الأغلبية أليست هذه هي لعبة الديمقراطية نحن لا نريدهم هنا أو فلننسحب
أم ان للديمقراطية عدة وجوه تدافعون عنها وتتمسكون بها حين تكون مع مصالحكم و تلعنونها حين تكون ضدكم إنكم تتلونون كالحرباء وللكلمة عندكم ألف معنى ومعنى وكلما أخذنا احد معانيها ذهبتم انتم للمعنى الآخر رغم خطئه فقط لتختلفوا ليس أكثر
الزعماء (بصوت هامس): ليتهم يفعلون فنبقى وحدنا
المحامي لزميلته: ليتهم يخرجون وإلا سنضطر لطلب التأجيل
المحامية: التأجيل ؟
مجهول 2: إذا تأجلت المحاكمة وخرجوا من هنا اليوم لن يعودوا
المحامي : إنها مسالة مبدأ يجب أن لا يكونوا هنا مثلما نحترم قراراتهم وخصوصياتهم عليهم أن يحترموا خصوصياتنا نحن هنا لتصفية حسابات بيننا لما يحشرون أنوفهم فيها لم نتدخل مرة في حياتهم ولا في انتخاباتهم ولا في شعوبهم فليعاملونا بالمثل عهد تقريرهم لمصيرنا ولى وانتهى
المحامية : مهما حصل لن نسقط في فخهم لن نطلب التأجيل
قال صبي صغير( للفتاة): سيخرجون
ذهب الطفل ناحية الأجانب وقال:
بما جئتم لنا بشكلاطة مسمومة أم ييورانيوم منضب أم قنابل فسفورية أم عنقودية
(التفت الجميع ناحية الصغير في دهشة واستغراب من أين له كل هذه الجرأة وهو لم يتخطى بعد عتبة العاشرة من عمره)
احدهم: لسنا قتلة يا ولدي وسنأتي لك بكل ما تريد
الصبي: قد اخبرني أطفال فلسطين والعامرية وقانا أي أشياء تحملونها وقد رأيت ما تحملون لأطفال غزة من موت وجوع وحصار
لا يأتي معكم إلا الخراب والدمار والحقد الدفين وقطع الرؤوس وهدم المدارس
لا أريدكم لا أريد بقاءكم هنا
احدهم: بني انك صغير ولا يجوز أن تقول مثل هذا الكلام
الصغير: انتم من جعلتمونا نكبر قبل الأوان إننا نرضع الألم والظلم والدماء المسكوبة ونتيتم في المهد وحتى قبل أن نولد فكيف لا نكبر إننا لا نلعب مثل أبنائكم حتى نتشبث بالطفولة ولا نأخذ ياقوت وزمرد الشعوب المغلوبة على أمرها لنحيا بها أو نشتري بها العابا
احد الحكام: لا ينقصنا إلا هذا الصبي
بدأ تأثر القاضي واضحا بكلام الصبي و طلب منهم الخروج لكنهم رفضوا
قائلين : اعطنا مهلة حتى نتحصل على وثيقة موقع عليها من بعض العرب كموكلين للدفاع عنهم حتى يتمكنوا من البقاء
الصبي( مخاطبا الفتاة): هذه فرصتك
الفتاة: لن تبقوا ولن يوقع أي احد على وثيقة أي كان حاكما أو محكوما
احد الحكام (لزملائه) : فعلا لقد أصبحنا في موقف لا نحسد عليه لا نستطيع أن نمضي أية وثيقة.
أي غبي هذا الذي فكر في محاكمة القدر الم يكن يدرك إن الرعية سيستغلون الفرصة لمحاكمتنا و إننا سنكون لقمة سائغة لاتهاماتهم وسنكون مجردين من كل السلط ، عاجزين عن معاقبتهم و عن رد كلامهم
قال آخر: لقد كانت فكرتنا جميعا ولم نكن نظن أن أحدا منهم سيتكلم ثم لم تقول من هذا الغبي أنت الغبي بيننا
(التفت الحاكم إلى زملائه )قائلا : لا اقصد الإهانة إنما تغير الموقف ها قد صرنا مكشوفين ضعفاء لم يتم درس الموضوع بروية من الأول .
اول مرة أحس أنني مجرد من كل شيء لا يفيدنا لا حرس ولا جيش ولا ستائر ولا غرب ولا مال يدنا اعجز من ان تقرع جرس لساننا اعحز من يامر العسس رباه اهذه هي النهاية
احد الحكام: لقد كانت فكرة مجنونة ستدمرنا جميعا إن لم نتماسك
احدهم (مكابرا): لن نستمع لفتاه مثلك وسنوقع الوثيقة
الفتاة: جئتم لتحاكموا القدر وهذا حقكم وجئنا لنحاكمكم وهذا حقنا فلما التوقيع أتخشوننا ****
.............
........
باقى المسرحية فى الصفحة التالية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى