السبت، 25 سبتمبر 2010

حكمت داوود الفنان التشكيلي يرسم على اللوحة وأنا ارسم على الجسد حاوره : سعيد محمود


0





جريدة تشرين دراما العدد4 الأحد

18

حكمت داوود الفنان التشكيلي يرسم على اللوحة وأنا ارسم على الجسد



حاوره : سعيد محمود

.........................



اقتحم أبواب دمشق الخمسة ، واقتحم أسوارها العالية ليقدم لنا أبهى الأزياء النسائية ضمن معرض حي تابعنه في السماء العربية وعلى الفضائيات منذ سنوات عديدة.DSC_0132.jpg

تجول بنا، ومعنا، ضمن أزقة دمشق القديمة ، لنشاهد الرجال بكل انتماءاتهم الاجتماعية بعد أن ساهم بأجمل التصاميم والإكسسوارات التي سهلت مهمة الممثلين و كرستهم كأيقونات في الذاكرة الشعبية.

مصمم الأزياء حكمت داوود، الفنان السوري الذي حصد الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة عن تصميمه لأزياء مسلسل (باب الحارة). يفتح لنا أبواب قلبه وعوالمه ومستودعات أزيائه ضمن اللقاء التالي:

  • · أبدعت في تصميم أزياء العديد من أعمال البيئة التي قدمت فيها – إذا صح التعبير – أزياء توثيقية ، كيف تمكنت من ذلك مع ندرة المراجع الخاصة بالأزياء الفلكلورية؟

في الحقيقة لقد طرحت السؤال والجواب في الوقت نفسه (يضحك) .

دائما أقول إن أعمال البيئة تأخذ الحيز الأكبر من مزاجي ومن اهتماماتي لأنها تقدم طريقة حياة، فالأزياء تعتبر انعكاساً مباشراً لثقافة المجتمع ، وعلى مستوى الدراما السورية قمنا بتقديم البيئة الشامية والحلبية والساحلية ، حيث غصت في طبيعة حياة أفراد كل بيئة والألوان والأزياء التي يفضلونها حسب المرحلة العمرية الخاصة بكل شخصية والمرحلة التاريخية التي يقاربها العمل.

في النهاية نحن لا نقدم نتاجاً توثيقياً بالمعنى الحرفي للكلمة ، بل نقدم الفن والدراما مع مراعاة الناحية التوثيقية قدر الإمكان لتقديم نوع من المصداقية .

  • · مسلسل باب الحارة ، صاحب الضجة الأكبر، والذي حصلت عن تصميم أزيائه على الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة، حدثنا عن هذا العمل.

عندي مشوار خاص جداً مع مسلسل (باب الحارة) الذي صممت أزياء كل أجزائه.

هذا العمل صقل اهتماماتي بموضوع البيئة حيث خضت الكثير من الحوارات والنقاشات مع الأستاذ بسام الملا ، كما قدمت العديد من الاقتراحات التي لاقت القبول لديه، من ناحية أخرى لم يبخل علي ّ الأستاذ بسام الملا بملاحظاته التي وضعتني على الطريق الصحيح فيما يخص الجانب الدرامي لكل شخصية .

  • · بصفتك مصمم أزياء، كيف تتفق على الحالة الدرامية للشخصية مع المخرج بسام الملا؟

بداية أقرأ النص، ثم ارسم الشخصيات في مخيلتي، و ألتقي بالأستاذ بسام ضمن اجتماع خاص بالأزياء حيث أقترح عليه (الكروكيات) ونتناقش واسمع ملاحظاته التي تكون بالنهاية في مصلحتي وفي مصلحة العمل.

  • · ألا تتعارض آراؤكما في بعض الأحيان؟

الفنان التشكيلي يرسم على اللوحة وأنا أرسم على الجسد، هذه الدقة في الانجاز تزيدني يقيناً في عملي. خلال أربعة أجزاء من مسلسل باب الحارة لم أتعرض لانتقادات في مجال الأزياء مع التأكيد على استفادتي من نصائح المخرج.

  • · سعاد خانم ، ام حاتم ، شريفة زوجة العقيد وغيرهن من الشخصيات النسائية في باب الحارة ظهرن في أجزاء العمل وهن يرتدين أجمل الأثواب التي كانت من تصميمك، كيف أمكنك مقاربة هذه الأزياء النسائية الخاصة ببدايات القرن وهن نساء عاشوا خلف أسوار عالية؟

مثلما قلت ، تكمن الصعوبة في هذه الأعمال في وجود الأسوار العالية،ماذا يوجد خلف هذه الأسوار؟ ببساطة هنالك نبع عطر الياسمين الشامي الذي يتجسد في جمال وأنوثة المرأة الدمشقية التي كانت تهتم دائما بهندامها وزيها وتتميز بحرصها على منزلها وأولادها ضمن مملكتها الخاصة خلف الأسوار التي ذكرتها.

جنة المرأة في ذلك الوقت كانت منزلها حسب المصادر التاريخية. ونتيجة للتجارة بين دمشق ودول العالم، والصناعات النسيجية الموجودة فيها مثل البروكار والدامسكو توفرت في هذه المدينة أفخر وأرقى الأقمشة في العالم .و نساء دمشق استفدن من هذه الأقمشة كي يظهرن بأبهى حلة .

  • · كيف تعمل على تفاصيل الحالة الدرامية والاجتماعية من خلال الأزياء؟

في باب الحارة كان الوضع الاجتماعي متقاربا نوعا ما : زوجة الفران ، زوجة صاحب المقهى…، لكن مع ذلك لن ترتدي سعاد خانم ملابسا مثل النسوة الأخريات، يجب ان تغير ملابسها اكثر منهن ، هذا أمر يتبع لعدد المشاهد والحالة الاجتماعية والاقتصادية كما ان الحالة الدرامية تفرض أزياءها أيضا ففي مشاهد الحزن نلجأ إلى الألوان الداكنة .

  • · من الواضح أنك اعتمدت الألوان الداكنة في أزياء الجزء الرابع لمسلسل باب الحارة بأكمله…

الحالة الدرامية والحالة النفسية الخاصة بالشخصية تفرض علي الزي الذي اقوم بتصميمه. في الجزء الرابع كان هناك حصار من المشهد الأول ، هنالك جوع هناك تشتت أهل الحارة هناك شهداء…

لذلك اعتمدنا الألوان الداكنة كي نقارب الحالة أكثر وكي نقربها للمتلقي.

  • · هل تعاني أحيانا من رغبة بعض النجوم في تقديم انفسهم بأبهى حلة وهو امر قد يتعارض مع الحالة الدرامية او منطق الشخصية التي يؤديها النجم؟

دائما يرغب الممثل في ان يظهر بأبهى صورة وإذا سمحت لممثل أو نجم ما أن يختار ملابسه فأنا لست مصمم أزياء!

أنا المسؤول أمام الجمهور عن فشل أو نجاح الأزياء، لذلك أختارها بشيء من الدكتاتورية بعد نقاشي مع مخرج العمل

في بعض المسلسلات نجد شخصيات من فئات اجتماعية مختلفة وقد ارتدو أزياء متقاربة لأن الممثل يرتدي أزياءه كما يشاء في هذه الأعمال هذا خطأ لا يمكن أن يقع فيه مصمم أزياء يحترم نفسه.

  • · من الواضح انك أبدعت في تصميم أزياء الأعمال التاريخية وأعمال البيئة لأنها توفر لك حيزا اكبر في مجالك لكننا لاحظنا أيضا إبداعك في أعمال اجتماعية عصرية مثل ضيعة ضايعة ، إلى أي مدى تعتبر مساهمتك موجودة في تكوين (كاركترات ) هذا العمل ؟

عندما قرأت نص مسلسل ضيعة ضايعة وعرفت ان الفنانين باسم ياخور ونضال سيجري سيقومان بتأدية شخصيتي جودة وأسعد قمت من خلال الأزياء بتكريس فارق الطول بينهما ، ملابس جودة ضيقة عليه كي تزيده طولا أما اسعد فقد كانت ملابسه فضفاضة عليه لزيادة الهوة الشكلية والمفارقة بينهما.

هذه الفروقات تساهم في تعميق الكونتراست وتشكيل الكركترات .

  • · ما هو العمل لذي ترغب بتصميم ازياءه ولم يعرض عليك حتى الآن ؟

أتمنى تصميم أزياء تنتقل أحداثه بين كل محافظات سورية ضمن منطق أعمال البيئة والمراحل التاريخية التي تدور فيها أحداث العمل .

حبي الكبير لهذا البلد يدفعني إلى الحلم بتصميم أزياءه المتنوعة ضمن عمل واحد.

  • · نتيجة لتطوير الدراما السورية في السنوات الأخيرة أصبح الجمهور أكثر وعيا في مجال التعاطي مع صناع الدراما ، فالجمهور البسيط الذي كان يعرف الممثلين فقط فيما مضى أصبح الآن يتابع عملا ما لأنه من أخراج فلان وهذا الأمر ينطبق على الفنيين أيضا أي حالة النجومية كيف تعيش هذه الحالة في الشارع السوري والعربي؟

في الحقيقة حتى الآن لم نصل إلى هذا الحد من التعاطي الذي ذكرته بشكله الصحيح . بالطبع نحن الآن في زمن (الميديا) والاتصال السريع وأصبح الناس يعرفون طاقم العمل الفني ، نعم بدأت هذه الحالة لكن حقنا لا يزال مغبونا مع أننا صناع النجوم.

  • · خلال المؤتمر الصحفي الخاص بالجزء الرابع من مسلسل باب الحارة وجه الأستاذ بسام الملا تحية إلى الفنيين الذين اعتبرهم الصناع الحقيقيين للعمل ولم يذكر أسماء الممثلين النجوم ما رأيك بهذا الطرح الذي قدمه المخرج بسام الملا؟

هذا طرح ريادي ،لم يطرحه أي مخرج سوري من قبل، الأستاذ بسام الملا يطرح أسماءنا كشركائه الحقيقيين في العمل.

المخرجون يعون اننا صناع النجوم فأنا ألبس النجم أزياءه ليقف بعدها في ديكور فنان كبير مثل حسان ابو عياش على سبيل المثال ولتسلط عليه إضاءة مدير الإضاءة وتصوره عدسات مدير التصوير…

بالطبع كل ممثل لديه إبداعه وبصمته الخاصة، لكنني اعتبر بأننا مساهمون بما لا يقل عن 50 في المئة في مجال إظهار أي نجم .

  • · في مستودع الملابس الخاص بك نجد الكثير من الأزياء او الكثير من القوالب الخارجية لشخصيات احبها الجمهور، هل فكرت يوما ما بتأسيس معرض فني أو عرض ازياء مكرس لهذه الشخصيات؟

هذه فكرة جميلة أنت اقترحتها الآن واقتنعت أنا بها (يضحك)

المشروع غير مستبعد والكثير من أزياء المشاهير بيعت في مزادات علنية وهي محبوبة جدا لدى الناس.

  • · كلمة حرة للفنان حكمت داوود، إلى من توجهها؟

إلى تشرين المؤسسة العريقة التي أطلقت ملحقاً خاصا بالدراما ..شكراً


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى