الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

( جثة رجل يشبهنى ) قصة قصيرة بقلم : حسن خلف

( جثة رجل يشبهنى )


قصة قصيرة

بقلم :
حسن خلف













حسن . هل تقبل ان تضع نفسك مكانى فى فضاء هذا النص ؟ ارجوك لا تتسرع بالقبول فانى جاد . لا يخدعنك فضاء النص . ودعنى اذكرك بانك انت من صنعته هكذا ضيقا حرجا . مجرد حجرتين وصالة بالدور الارضى باحدى المناطق العشوائية ( لن ادخل فى تفاصيل المكان فانا اعرف انك لم تخطط ليكون المكان بطلا لهذا النص . لا تندهش فانا قارىء محترف مثلما انك كاتب محترف واحب كتاباتك ايضا ) . لكن ما يغيظنى انك من اوجاعنا نحن ابطال قصصك تصنع مجدك الشخصى . تحصل على عضوية اتحاد الكتاب وتغدو رئيسا لتحرير اكبر دورية ادبية فى بر مصر المحروسة . تدعى الى المؤتمرات الادبية فى كل بقاع القطر والاقطار المجاورة .تحصد الجوائز والتكريمات ويتضخم رصيدك . بالطبع انا لا احسدك .لكننى فقط اتساءل اى مزاج سادى يدفعك لان تتركنى هكذا فى متن القصة حائرا مترددا بين الفضيلة التى وضعتها انت كعنصر اساسى فى تكوينى وبين عشرة الاف جنيه رزمة واحدة التى وضعها امامى مندوب الشركة المصرية لمهمات المكاتب بوصفى رئيسا للجنة المشتروات بمديرية الاوقاف مقابل ا رساء المناقصة على الشركة التى يعمل بها لتوريد كمية من اجهزة الكمبيوتر والطابعات والاحبار واوراق A4 و...و... صفقة تتلوى كأفعى فى خانة الصفر الرابع ومعها يتلوى جسد البنت سلوى بنت الاستاذ عبدالمنعم . جارى الذى بدأ درسا فى اللغة الانجليزية منذ عشرين عاما ولم ينته منه حتى الان . تتغير الفصول وهو لا يكف عن اعطاء الدروس الخصوصية وجمع الاموال اللازمة لبناء الدور السادس فى عمارته الباذخة . ولكن البنت سلوى متى تعرفت على مفردات انوثتها. الليلة عرفت سبعة فوائد للرشوة . الاولى تلك السعادة التى رأيتها تتراقص فى عينيى رقية . كانت سعيدة كما ينبغى لعروس لا ينقصها شىء فى ( جهازها ) قبل ايام كانت قد اخبرت امها بانها قررت فسخ خطبتها ولما سألتها قالت من بين دموعها بانها سوف تبتكر سببا مناسبا . وكنت اعرف السبب . لا اظن انى سأحدثك عن الثانية . وما اظنك شرعت فى ارتكاب هذا النص الا لتعذبنى بها . تلك الابوة التى ما ان قاربت كمالها حتى امتدت يدك الآثمة تطعنها فى بؤبؤ فرحتها . ولانك كاتب محترف فانت تخطط دائما كى يظل النص مفتوحا على دلالات متعددة . لكنها غلطتك الكبرى . بالطبع انت لم تفكر لحظة واحدة – حين اخترت ان تنهى القصة هكذا ( انا ممدد فى سريرى . نظرى مسمر فى سقف الغرفة الذى تحول الان الى مسرح ارى فيه كل تفاصيل زفاف رقية بينما تحولت سلوى الى رزمة مالية كبيرة لا تكف عن الرقص المثير وبشبق جنونى مددت يدى احاول ضمها لكن يداى ثقيلتان كأنما صفدتا بكل جبال الدنيا بينما ينسحب النور تدريجيا من الغرفة ويحل ظلام تام ) اقول ان خيارا وحيدا لم يطف بذهنك . حسن . حين بدأت خيوط الفجر تمارس دورها الاعتيادى كنت قد انتهيت من ارتداء ملابسى وبخفة وحذر تسللت ليس خارج البيت فقط ولكن خارج النص ايضا . مباشرة اتجهت الى فيلتك الانيقة بحى المعادى الهادىء . وبرشاقة لا تناسب سن الخمسين وآلام الروماتيزم المزمنة ارتقيت السور . عالجت الباب بشكل ما فانفتح . كنت انت منهمكا فى الكتابة فلم تشعر بتسللى الى غرفة مكتبك ولا بقبضة يدى التى هوت على مؤخرة رأسك بقوة كافية لالقائك فى غيبوبة مؤقتة لما اكتملت سطوة النور كان القلق قد احتل مساحة غير قليلة من كيان زوجتى ورغم علمها بما سوف تلاقيه من سباب قررت ايقاظى . ولما لم استجب لمحاولاتها المترددة كشفت الغطاء عن وجهى . لكن صرخة فزعة انطلقت من اعماقها حين ادركت انها امام جثة لرجل يشبهنى .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى