الاثنين، 28 ديسمبر 2009

ملأت المكان بعطره.. قصة .. بقلم : رباب كساب




ملأت المكان بعطره





الخميس الثالث


حاولت طمأنة قلبها وهي تبادله الابتسام وتقول: هعملك أحلى كوباية شاي. عاجلها صوته: ما تنسيش النعناع.

.............


قصة:

رباب كساب

..........

لملمت ثناياها جالسة على مقعدها المفضل ضامة ركبتيها إلى صدرها ساندة رأسها عليهما.

تتعملق برأسها الأفكار وتضمحل في ثوانٍ معدودة، تتقاذفها شواطئ الحيرة والقلق فتعصف بهدوئها دون رحمة، يقتلها صمت الهاتف وانقطاع الاتصالات.

- الهاتف الذي طلبته غير متاح حاليا، الهاتف قد يكون مغلقا أو خارج نطاق الخدمة.

باتت من دونه خارج نطاق الحياة، تزعم أنها تراه بين حين وآخر ولم يكن ذلك إلا سراب أمنياتها.

طال الغياب تلك المرة، كادت تحس أنفاسه في طريقها للتسرب من البيت؛ تتعلق بصوره وبملابسه التي تتناثر في أرجاء الحجرة، بذاكرتها الممتلئة به وبقلبها النابض باسمه.

- الهاتف الذي طلبته ..........أو خارج نطاق الخدمة.

في كل مرة يودعها فيها تحيا بأمل العودة سريعا، تحصي الأيام تفكر في يوم اللقاء، تنتقي ملابسها التي ستلقاه بها منذ أن يغلق خلفه الباب، تفكر فيما تعده من طعام، وفي حرارة اللقاء.

انقطعت الاتصالات قبل أن تعرف متى سيعود.

باتت تتسمع دبيب الخطوات على السلم علها تكون خطواته، كل صوت يصل لمسمعها تظنه هو.

وقفت أمام المرآة هالها ذلك الحاجب غير المهذب وتلك الشعيرات التي تناثرت حوله، كيف لها أن تسهو عن ذلك ماذا لو عاد الآن؟!

أزعجها رداؤها فهو لا يحبه أبدا.

سارعت بتزجيج حاجبيها وارتداء ما يحب.

تركت شعرها مسترسلا يواري ما كشفه ثوبها.

ملأت المكان بعطره، تركت الأغنيات التي يحباها يملأ صداها أرجاء المنزل.

قفزت لمخيلتها صورة زميلاتها بالعمل يتندرن عليها ويتمازحن ويقولن في ذات الوقت: آه النهاردة الخميس اللقاء المنتظر.

اعتادت دائما التغيب يوم عودته، الانتظار يحيل الدقائق ساعات والساعات أياما، وتلا الخميس خميس.

- الهاتف الذي .........

خرجت من كل نطاق للحياة.

خميس آخر وتغيب جديد، عودة لمرآتها ولدولاب ملابسها، انتقاء ..... زينة ........موسيقى ........ طعام ........

ومساء يأتي يجثم ليله كما الهم لا يتبدد.

جلست في شرفتها تتطلع للبدر تحصي النجوم من حوله.

تتابعت فناجين الشاي والقهوة، وها هي على وشك أن تودع الخميس الثالث دون رجوعه.

ارتعدت السيجارة بيدها حين عاجلها شيطان أفكارها بفكرة من أفكاره السوداء.

نهرتها متمسكة بصورته على صفحة البدر تبتسم لها.

حاولت طمأنة قلبها وهي تبادله الابتسام وتقول: هعملك أحلى كوباية شاي.

عاجلها صوته: ما تنسيش النعناع.

التفتت فجأة لتخونها عيناها بسيل دموع استقرت فوق نجماته الثلاث.

وعناق ما كفى ليطفئ شوق أسابيع ثلاثة.

رباب كساب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى