الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

الرائع الجميل ... يسري عز الدين بقلم: أشرف البولاقى



الرائع الجميل ... يسري عز الدين

بقلم:

أشرف البولاقى

-أشرف البولاقي-


دون صََخبٍ أو ضجيج يمضي الكاتب والروائي والسيناريست يسري عز الدين يبحث عن الاختلاف والتميز مشترطا أن يكون حقيقيا وأصيلا بعيدا عما تطرحه المؤسسة الرسمية؛ لذا اختار أن يكون له مشروعه الثقافي والإبداعي الخاص بعيدا عن الكتابة، أو لنقل جنبا إلى جنب الكتابة بعد أن أصدر روايتين " ضيف في قفص الأسود " و " لا يزال حيا " وكتابا في العلاقة بين الرجل والمرأة " المرأة وإدارة الرجل " فضلا عن سيناريوهات عديدة لعدد من الأفلام توجها أخيرا بحصوله على جائزة أحسن سيناريو في مهرجان يوسف شاهين للفيلم الروائي. ورغم كل ذلك فإنه يولي مشروعه الخاص الذي أشرنا إليه حبا وإخلاصا شديدين لإيمانه العميق أن هناك ظلما كبيرا قد وقع على الإبداع المصري بتجاهله لصور ونماذج لم يسلط عليها الضوء؛ لذا فقد أخذ على عاتقه أن يقوم بتلك المهمة فاشترى لنفسه ما يشبه استديو تصوير كاملا من آلات ومعدات وكاميرات وبدأ يجوب المدن والمحافظات المصرية بحثا عن المبدعين ليسجل معهم حلقات وبرامج ثقافية وفنية وإبداعية حول تجاربهم الشعرية أو القصصية أو الروائية، ليقوم بعد ذلك بعمل مونتاج كامل لتلك الحلقات والبرامج واضعا عليها بصمته الفنية في المونتاج والإخراج لتتلقفها منه القنوات الفضائية بعد ذلك. وتبلغ الدهشة مداها حين نعلم أنه يقوم بالإعداد والتصوير والإخراج والتقديم والمونتاج بجانب الأعمال الأخرى التى يتطلبها العمل مثل الديكور والإضاءة. وقد حاول الفنان يسري عز الدين – ولا يزال – أن يبتعد عن أدباء ومبدعي العاصمة ليركز جهوده على هؤلاء الذين يقيمون بعيدا عنها في الدلتا أو الصعيد أو حتى على المناطق الساحلية أو الحدودية كسيناء ومرسى مطروح. يفعل يسري عز الدين كل هذا دون أن يتقاضى أجرا ولا مكافأة معتقدا أن مكسبه الحقيقي في توثيق تلك الإبداعات، وفي تسليط الضوء على من يستحقونه. خاصة وأن الرجل غاب عن مصر سنواتٍ طويلة مغتربا وسائحا في بلاد أوروبا ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا والنمسا واليونان وروسيا ولاتفيا وفنلندا وغيرها عبْر أكثر من ثلث قرن تقريبا وعندما عاد أدهشه ما على سطح الحياة الثقافية المصرية من نماذج لا تمثِّل في رأيه ولا في تصوره عن حقيقة الفن والإبداع في مصر. والجالس إليه يكتشف حجم الوعي والثقافة الذين يتمتع بهما فضلا عن إتقانه التام للإنجليزية والفرنسية والإيطالية مما أكسبه خبرة واسعة وإدراكا عاليا لحقائق الأمور وطبائع الأشياء من حوله. ولم ينسَ يسري عز الدين أن يؤسس لنفسه ولمشروعه هذا ما يشبه القناة الخاصة أو الموقع الخاص في فضاء الإنترنت ليعرض من خلاله أعماله وبرامجه تلك التي يقوم بتصويرها وتسجيلها؛ فهو لا يثق كثيرا في وعود الإعلام المصري ولا العربي. ويظل الجانب الإنساني عنده أكثر ألقاً وبهاءً في حضوره، فالمحبة التي يحملها قلبه لو وُزِّعت على العالم كله لما بقي فيه إنسان شقي. ولا يمكن للناظر إليه أن يخطيء تلك الابتسامة الخفيفة المرتسمة دائما على شفتيه، لكنه أيضا لن يخطيء هذا الحزن البعيد القابع في عينيه والذي يظل مؤرقا لتكتشف فيما بعد أن الرجل نهر من الأحزان النبيلة التي لا تبدأ من ذكرياته حول تركه لكلية التربية الرياضية وهو بالفرقة الثالثة احتجاجا منه على أسلوب العمل والتدريس والتقييم ليتفرغ للكتابة والسفر، وليس مرورا ولا انتهاءً بفقده فلذة كبده في حادث سيارة أمام عينيه في شوارع القاهرة التي لا يزال حتى الآن يشعر بالوحشة والانقباض فيها فيفر منها دائما إلى مسقط رأسه بمدينة المنصورة. تحيةً واحتراما ليسري عز الدين تقديرا منا لجهده وإخلاصه

ومحبته لمصر وللعالم كله


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى