السبت، 1 أكتوبر 2011

بلال المصري يسرد حكايا للأطفال في " كان ياما كان"... بقلك فاتن حمودى

بلال المصري يسرد حكايا للأطفال في " كان ياما كان"...

Bilal Almasri



بقلم المبدعة:

فاتن حمودي







  • "كان يا ما كان" فاتحة طالما رددتها الجدات و الأمهات، حين يبدأن بسرد الحكايا جاعلين من الماضي المتكأ الأساسي في السرد الحكائي، كأنهن ينتقلن من الحاضر و ربما المستقبل نحو زمن مضى لينهلوا منه عوالم القص بما يحمله من اختزال للتجربة و الحكمة و المعرفة..
    • و لأن السنوات لم تمحُ هذه الفاتحة من ذاكرة القاص اللبناني بلال المصري، فقد اختار لمجموعته القصصية الأولى عنوان " كان يا ماكان"، و الصادرة عن

عن الدار الوطنية الجديدة للنشر، و التي ضمت قصصاً متنوعة منها: النحات والصخر, السفينة والفتى,الكرة السحرية, وذو القرن, الاطفال الثلاث,الغولة,الفتاة والعصفور,وغيرها.

ترافقت قصص المصري مع نص مواز آخر هو الرسم، حيث قدم الفنان عبد الكريم سعدون رؤية جمالية لغلاف المجموعة و رسومها الداخلية التي غلب عليها شفافية اللون و التشكيل ، فاتحة أمام الطفل مساحة أخرى لخياله، فهل سيقرأ الصورة أولا، أم أنه سيقرأ النص، أم يقرأهما معا راكضا بخياله نحو إبداع خاص به هو..

و لا شك أن عوالم القصص تمدّ للطفل جسرا مع الطبيعة و الفن، كما هي قصة " النحات و الصخرة"، حيث يصحبنا الكاتب نحو الطبيعة بكائناتها و حجارها و صخورها و الوانها، لنحط الرحال عند النحات، الذي يعلمنا معنى الإصرار في الوصول إلى الهدف، يقول المصري " كان يا مكان، في أعالي الجبال، كوخ صغير، مصنوع من قصب السكر وأوراق الأشجار اليابسة، وكان يتردد على هذا الكوخ القديم، نحات شاب، حاملاً فوق ظهره حقيبته، ذات لون أسود".

و من البداية يستوقفنا هذا الكوخ المصنوع من قصب السكر و أوراق الخريف، فاتحا أمامنا باب الخيال، فطالما شكّل الكوخ معنى المحبة، كونه المكان المفتوح على الطبيعة بكل ما فيها من عوالم الدفء و الاكتشاف..

و من خلال السرد القصصي عند المصري، يطلّ الطفل على عوالم مختلفة و متنوعة فيها من الواقع و الخيال و الصوت و الرائحة ما يجعله يحلّق راكبا الحكاية و أجنحتها الخيال.

  • اعتمد الكاتب أسلوب السرد التقليدي، فسيرورة القصة تمضي بطريقة اعتيادية من البداية إلى الوسط و من ثم النهاية، فاتحا أمام الطفل إطلالة متنوعة مرة على الغابة، و مرة على المدينة، ليتعرّف و يتخيّل، من خلال لغة الكاتب البسيطة، و التي ترافقت مع لغة اللون، فيجوب الطفل بخياله بين نصين، اللغة و اللون، متعلما مهارة القراءة و مهارة الرسم، بل متعلما الصبر للوصول إلى نهاية القصة التي غالبا ما يشكلها روح الصبر.

فيما تأخذنا قصة " ذو القرن"، إلى عالم الإبداع كباب من أبواب التحدي الذي يجعل من الفن و البطولة كلمة مرور نحو العالم، فمن كان مرفوضا و محطّ سخرية من مجتمعه، يستطيع أن يغادر إلى مكان آخر، ليعود إلى مدينته فاتحا بعد أن رفضته ، حيث يدفعه الحنين إلى الوطن و البيت الأول، للعودة بمزمار يطرب أهل الحيّ، و هكذا تكون الموسيقى الجسر نحو الوطن و قلوب الناس.

و بالتأكيد فإن خيار الفن، يزرع في روح الطفل البحث عن الخصوصية، و الإرتباط بالمكان، و الذي يعيدنا إلى فيلم" الأقدام السعيدة"، happy feet”"، حيث يجوب البطل المحيطات و يعود من خلال الأغنية إلى وطنه عودة المنتصر.

وهذا ما أراده المصري في حكاية " ذو القرن"، يقول:" مضى وقت طويل، و ذو القرن في الجبال، يعيش على اصطياد الطيور، وقد نسي وحدته، لما صنع لنفسه، من قصب الخيزران، مزماراً صغيراً".

إذا الصبر، و البحث عن الخصوصية، أحد مفاتيح السرد القصصي في " كان ياما كان"، و يبقى السؤال ما الذي يدهش الطفل و إلى أي درجة شكلت " كان ياما كان"، تلك الدهشة؟....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى