السبت، 29 أكتوبر 2011

عزلة التاج للشاعر العربى أنور الخطيب







عزلة التاج

أنور الخطيب

تلعثمت كثيرا،

وأنا ابحث عمّن يؤنسني

وفشلت..

فقلت: أباعد بيني وبين ظلي

كي نصير اثنين،

أطلقه حين يمر ظل فتاة غريبة

يراودها عن ظلها وينجبان

نصير عائلة وتبايعني

فأعتلي عرش الفراغ

أصنع مني شاعرا للبلاط

أقلّدني نياشين المتاهة،

أفاوض الوهم على وطن لا يعرفني

وفشلت..

أجثم مثل وعلٍ مصابٍ بالاكتئاب،

أكتب كل يوم خبرا في صحيفة

أنشرها على الهواء؛

عن ملابسي التي أحرقتُها

وعادت لترتديني

قصائدي التي أغرقتها

وعادت مبللة بمائي،

عشاءٍ أقمته للأصدقاء والحلفاء

ولم يحضر أحدا،

عن امرأة واعدتني

وأتت بكامل هجرتها،

عن لوحة فارغة رسمتها بأناي،

أوقّع كل أخباري بألقابي الكثيرة،

أرفق صورتي الوحيدة:

طفل يرعى اسئلة

في حقل ألغام،

نفختُ كثيرا في قصب الوقت

كي أغني وأسمع صوتي،

وفشلت

أسقطتُ هامتي من علوٍ شاق

لأسمع ارتطامي..

سمعته، تناسيته، وفشلت..

على أي سلّم موسيقيّ

ألحّن هذا السراب؟

كيف أجمع العازفين من أوكارهم؟

ومن سيفهم ما نغنّي؟

أباعد بيني وبيني كي أراني

وفشلت..؟

رأيت فكرة تائهة

في موكب حالم بالرذيلة..

هل أقتلني بطعن طبلةِ أذني؟

أم أرتدي بزتي العسكريةَ

أخطو خطوةً خارج أضلعي

فتقتلني أولى الفراشات المحرّرات

بلدغة من حرّيتها،

وفشلت..

تذكرت: لم أعشق الفَراشَ يوما،

شطبت كل القلوب من مناهج العاشقين،

صادرت الأصوات من حناجر الظهيرة،

أقفلت بوابات البحر أمام بحارة الليل،

انتعلت حذاء مفصّلا من أماني الفقراء،

ملأت عينيّ بالنسيان،

وحين استعاد الناس مفاصلهم،

والأطفال أناشيدهم

والفقراء ظهيرتهم

وجدتني هنا أمام ظلّي،

باعدت بيني وبينه

فعاد إليّ يحملق بي،

تخلّق ذئب من وجهه

عيناه جمرتان

شبّ على وجهي ناهشا

تداخل بي

سرى كما السرطان

في دروب هامتي وغادرني،

سألته عن وِجهته فقال: إليك،

عن سيرته فقال: أنتْ

وعن تاجه فقهقه حتى تلاشى،

فتلاشيت...


هناك تعليق واحد:

  1. محبتي الكبيرة أيها الكبير، شكرا لك على هذا الحب، وللمساحات الخضراء في روحك المبدعة، تحياتي واعتزازي ( أنور الخطيب)

    ردحذف

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى