السبت، 1 أكتوبر 2011

نوافذ بقلم: الاديبة أمال الاحمد

نوافذ


بقلم:

أمال الاحمد


.......

أخبرتني حكايتها..

كانت الساعة تشير الى الثانية بعد منتصف الليل ..فتحتُ نافذة الصالة المطلة على احدى المناطق شبه الخالية من المباني ..أنزلتُ الحبل..كنتُ قد شتغلت عليه وقت الظهرية أثناء فترة نوم زوجي، صنعتُ فيه عقدات كثيرة لا أنزلق أثناء الهبوط .

أخبرتني أن زوجها استيقظ فجأةً ..انتفض جسدها ..أرادت الاعتراف ..خافت أن تجبرها يداه على الإعتارف القصري..ولكنه قال.. كم أكرهك وأكره حبال الغسيل.. ما تزال سَكرته تسكن عقله..

هدأت انفاسها ..عاد الى نومه..هدأت أكثر حين غادر المنزل، كعادته بعد صلاة العشاء ، سيعود عند بزوغ أول خيط من خيوط الشمس ..بعد أن ينهي عربدته مع النساء ومقامراته الخاسرة..

أسرعتُ في الهبوط .. لا أحد يراني في مثل هذه الساعة المتأخرة ..جرح الحبل راحة كفي..مغمضة العينين ..أردتُ أن أفتح عيني وانا واقفة على أرض الخلاص .

أجبرتني رائحة الياسمين على التوقف ..استنشقته بشغف..تشبثتبالحبل بقوة..أردتٌ أن أقطف زهرة..عجزت عن أخذ شيء أعرف اني لا املكه..خفق قلبي حين أملت رأسي لأشتم عن قرب الزهور الموضوعة خارج النافذة..لمحته في الداخل ..انه هو..الرجل الذي ساعدني من قبل في حمل بعض الأغراض.ابتسم لي..بادلته الابتسام ..مازلت أذكر نظرته العميقة التي كانت تدعوني الى شيء ما أجهله.

اراهن انها كانت تريد اختراق زجاج النافذة العارية من الستائر.. شعرتْ بشيء يجذبها اليه.. كان وسيماً..بشارب خفيف..يقاربها في العمر.قميصه الرمادي المفتوح..عضلات صدره المغرية..تشاهدها للمرة الأولى..هكذا وصفته هي ..أخذتْ نفساً عميقاً واقفلت عينيها..لم تعرف وقتها ماهية شعورها نحوه..انا اخبرتها أنها تشتاق الي الرجل فيه..تشتاق للأنثى داخلها.

عنفتني كي تبعد عن نفسها تهمة اعجابها بشخص غير زوجها..

أدمعت عيناها..نادمة..ام خجلة..أم .....

نافذة أخرى

اختلستٌ النظر ..كان حرصهما على قفل الستائر متقناً..لكن الهواء المنبعث من المكيف ازاح طرفاً من الستارة.. جعلني المحهما .. كانت ترتدي فستاناً أسود عاري الأكتاف..كان يطوقها بذراعيه..لم أسمع غير الهدوء ..

وضع يده على كتفها..كان يراقصها كما اشتهيت أنا مع لك الوحش..قشعريرةٌ سرت في جسدي..لماذا أحسست بيديه تنزلقان على ظهري أنا..توتري غير مبرر حين توقفت حركة يده فجاة عن الانسياب..رمقها بنظرة تدل على شيء واحد..كان أن لا انظر اليه حي لااموت من القهر ..أكملت مشواري وأنا اتذكر تلك الليلة التي فقدت فيها لهفتي للحياه ..كان قاسياً غريباً..كذبت عليَّ امي حين قالت لي أن كل شيء سيكون على مايرام..وأنه سيبدأ مداعبتي وملاعبتي بلطف ..ماحدث أفظع من أن أصفه لكِ ..سألت أمي هل فعل معك أبي في اول ليلة هكذا؟ شرحت لها الطريقة الهمجية في قتل براءتي ..قالت لي أن أصبر ..أن أتقبل ما ساقه القدر الي ..عينها المغرورقة بالدموع..جعلتني أسألها لماذا؟..صمتت ولم تجبني ..كنت في السادسة عشر من عمري .. كان هو في الخامسة والثلاثين ..تبدل جسدي كلياً بعد تلك الليلة..لم أشعر بأنني أنثى .. أشعرني انني لا شيء..

تخطتْ نافذةً كانت مقفلة بالكامل ، كانت العائلة ترقد بسلام ..

عجزت يا صديقتي عن تجاهل صوت الطفلة الصادر من النافذة التي رحت اتجه اليها بشوق..تعلق وجهي بوجهها البريء..تذكرت ابنتي الراقدة هناك.. هل استيقذت ؟ هل تفتش عني ؟

اتجهتْ اليها أمها تقول لها :"مابك يا دنيا "

قالت بصوتها الطفولي العذب الناعس:" أمي أريد نم نم " تدس يدها في صدر أمها بحركةٍ غريزة لا يتقنها سوى الأطفال..كان قميص نومها يكشف نصف صدرها .. كان لا يشبه صدري ..رغم وجود اللبن فيه..تضحك الام وتبعد يد ابنتها عن صدرها.. تضرب يدها ضربة خفيفة ..وتقول : الحليب ستشربينه من الكوب أنت كبيرة..أصبحت في عامك الثالث..تبكي الطفلة..ترتمي بدلال في حضن أمها وهي تبكي ..تابعت مشواري.. غصةٌ تكوي أمومتي وتجلدها..شعرت بانبثاق قطرات اللبن من أحدهما فجاة ..برودة سرت في جسدي سببتها لي تلك القطرات الهاربة..

توقفت قليلاً بعد ابتعادي عن نافذتهم..وضعتْ يدها على صدرها..ممتلئان بالحليب..هو من حقها وهي تهرب..سقطت دمعةٌ من عينيها..أشعلت هذه المرة خديها بنار الاشتياق..أكملتْ مشوارها نحو حرية باتت بلا طعم ولا أمل ..

حسبتْ أنها ستكون النافذة الأخيرة..نظرت الى الداخل ..أثاث يشبه أثاث بيتها..نافذة تشبه نافذتها..رائحة المكان تحك جدار أنفها..نفس الرائحة التي خلفتها وراءها..يا الهي يا صديقتي وجدتني في بيتي ..لماذا؟ كيف؟ لست ادري..دخلت الي البيت..فككت عقدة الحبل بصعوبة..خبأته..ذهبت الي ابنتي .قبلتها ..احتضنتها..وضعت ثدي في فمها وهي نائمه..شربت..وشربت..شعرت بالراحه..حين توقف فمها عن الحراك..سحبته من فمها..خباته في داخل ثوبي الاحمق ..أحمق ..اتجهتُ بسرعة نحو خزانة ملابسي ..اخترتُ اجمل قمصان النوم فيها..ارتديته.. كان قميصاً قصيراً فيروزي اللون..حريري الملمس ..القيت بجسدي على السرير ..لم اهتم بتغطيته..تركت ساقي مكشوفة..نامت ..نعم نامت وهي تحتضن ضعفها ورغباها وخوفها..

نمتُ ياصديقتي وانا أنصت لصوتٍ في داخلي يقول:" لماذا عدت؟ لماذا تجاهلت معرفتي ان ذلك الرجل يسكن الطابق الاول ..وأن الزوجين يسكنان الطابق الثاني..وان تلك الام تسكن الخامس ..لماذا عدت؟؟.."

لماذا عادت؟

بقلم آمال الاحمد

من مجموعتي القصصيه(( كركعه ))الحقوق محفوظه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى