الخميس، 22 سبتمبر 2011

واو عبدالستار سليم نبذة عن فــــن " الـــــواو " ( * )









واو
عبدالستار سليم
نبذة عن فــــن " الـــــواو " ( * )


نعلم أن الشعر العربى " القريض " لم يعد يقف وحده على الساحة العربية .. خصوصاً بعد أن اتسعت الفتوحات واختلط العرب بغيرهم من الأجناس البشرية .. فنشأ فن الموال فى العراق , والموشح فى بلاد الأندلس , ثم جاء " ابن قزمان " – المولود فى قرطبة – ليرسى دعائم فن الزجل , والذى اتـفـق على تعريفه بأنه " الفن الشعرى الشعبى " .
هذه مقدمة كان لابد منها ..
ثم نأتى إلى " ابن عروس " الذى ولد فى عهد حكم المماليك لمصر .. والذى كان كله قسوة وغلظة وظلماً .. عاش " ابن عروس " هذا يعانى – ما تعانيه الناس – من وطأة هذا الظلم.. ( ابن عروس – فى أحد الأقوال – ولد ومات فى " قنا " وهى إحدى محافظات الصعيد الآن ) .
وكما هو معروف عن الفن – عموماً – وفن القول – خصوصاً – كثيراً ما يلجأ إلى التورية والكلام غير المباشر حتى يستطيع الإفلات من الرقابة الصارمة التى تفرضها عصور الاستبداد .
كان " ابن عروس " ذا موهبة شعرية فطرية .. فابتدع طريقه للتعبير تعتمد على التداخل الصوتى من حيث التقطيع أو الاتصال الذى يحافظ على القوافى المنطوقة وليست المتكوبة .
تطورت هذه الطريقة على يد " ابن عروس " – الذى طال به العمر – حتى وصل بهذا الفن إلى حد " الشفرة " .. أو كما نقول إنه يتحدث " بالسيم " وهذا هو فن " الواو " ..
وقد يكون فن " الواو " مفتوحاً .. أى سهل الاستيعاب والفهم – كما كان يكتب " بيرم " أحياناً – وقد يكون فن " الواو " مقفولاً .. أى تستغلق قوافيه على غير أبناء منطقته التى عاش فيها وترعرع ( هنا فى محافظة "قنا" يوجد – الآن – أناس أميون يقولون فن " الواو " المحفوظ ويتحدون أمثالنا من الشعراء أن يفكوا القافية .. وكثيراً ما نعجز نحن الشعراء عن ذلك ) .
أحد الزجالين من أبناء قنا .. رأى حبيبته تشرب من " قـُـلـّـة " .. فقال على البديهة ( والتفاعيل العروضية هنا كما تنطق وليس كما تكتب ) :
" خايف أقوله يقول له
والقلب مرعوب وخايف
أبقى قوليلة يا " قلة "
حين توردى ع " الشفايف "
ولا يخفى علينا التداخل والتجانس بين " يقول له " بمعنى " يقول لا "وبين " يا .. قلة " وهذا نداء للقلة " ..
ويقول عبدالستار سليم :
" أول كلامى ح اصلى
ع اللى الغزالة مشت لـُـه
واحكى على اللى حصل لى
وزرع همومى فى مشاتلـُـه "
هنا " الواو " مقفول أكثر .. فإن القوافى الأربع .. كل اثنتين تنطقان بنفس الكيفية .. فتلتبس على السامع إلا إذا كان مدرباً .. ويجب أن نتنبه , ولا ننخدع فى طريقة الكتابة الصحيحة الحالية فأولئك الذين ابتدعوا فن "الواو" كانوا لا يقرأون ولا يكتبون .. ولكن يعتمدون على السماع فقط .. وهذا ما جعلهم سريعى البديهة , أقوياء الملاحظة ..
ونخلص – فى النهاية – إلى أن فن " الواو " فن سماعى وليس فن كتابة .. إذ أن الكتابة الصحيحة تحل كل مغاليقه , فيفقد كثيراً من روعته وبهائه كفن شعبى أصيل .

-------------
(*) كان " ابن عروس " يقول – قبل كل مربع – " وقال الشاعر " ففن " الواو " يعتمد على المقطوعة التى تتكون من بيتين يتضمنان أربع شطرات وليس على القصائد كالشعر العربى .. وعليه فقد كثرت " واوات " العطف ... ولذا سمى هذا الفن بفن " الواو " .
أما لماذا كان يفصل بين كل مربع والتالى له بعبارة " و ... قال الشاعر " .

فلسببين :
أولهما .. إن كل مربع يتضمن فكرة مستقلة عن غيره . وثانيهما .. لكى يعطى فرصة للمستمعين لـ " فك " مغاليق المربع .. وتلك الميزة الخاصة لهذا الفن . تجعل المستمع دائماً فى حالة حضور ذهنى ومتابعاً للشاعر ومشاركاً له وهو ما لا يتوفر لباقى فنون القول.
وكان " ابن عروس " يتستر تحت كلمة " وقال الشاعر " – دون أن يبوح باسمه هو – حتى لا يقع تحت طائلة العقاب , فظل يقول شعره من خلف ستار عبارة " وقال الشاعر " .

****


-


و .. قــال مــن فـن " الـــــواو " ( * )










أول كلامى ح اصلى

ع اللى الغزالة مشت لـُـه

واحكى على اللى حصل لى

وزرع همومى ف مشاتلـُـه

***
صلـّـوا معايا على " البدر "

" طه " النبىّ المكمّـل

هزم الصناديد فى " بدر"

وصبر لغاية ما كمّـل

***
يا ما بكى ع الرباب

شاعر وحنّت ضلوعُـه

على بدر مخفى وراباب

مـسـتـنـّـى ساعة طلوعُـه

جـدِّد سبيب .. الربابة

خلـِّـيـه يقسِّـم بياتى (*)

ون كنت مغرم صبابة

***
بكرة المفارق بياتى

عينى رأت سرب غزلان

فيهم غزالة شريدة

والقلب لمّـا اتـنـغـز .. لان

شاور وقاللى شارى ده

***
ماشية البنيّـة بخلخال

تُـخطر كما فِـْرع مايل

عِـشـْـق الصبايا يابو الخال

عامل فى قلبى عمايل

رمش الحبايب جرحـْـنـى

و .. خَـد الـَّدوا .. والشيشانى

لا .. صبْر , ولا .. بنْج راحنى

ويهـُـون فِـدا الرمش شانى

***






الوجه كالبدر .. لو .. طل

تحت الشعور السوادى

والورد حين دبَّـلـُـه الطل

لم ردّ روحه سوى دى

***
تخطر كحيلة العين

ع الشط ينبت حشيشـُـه

تنشقّ فى الصخر ميت عين

والقِـمْـرى يتهز ريشُـه

***
هـبـّـت عليّـا ام تاج .. ريح

لابسة الدهب والغواشى (1)

ماكفاية فى القلب تجريح

غيرك ما قلبى غوا .. شى

***
اللى هويتـُـه وهواه دوم (2)

شابـِـك فى توبى ولحافى

قلبه ف قساوة نوا .. الدوم

مشّـانى ع الجمر حافى

***
كـُـحل المراود شبكـْـنـا

وعجبـْـنا قولـُـه وعيدُه

صدناه وقطـّـع شبكـْـنـا

وصبحنا من ضمن صيـُده

***
-------------
(1) الغوايش (2) دايماً


كـُـحلة عيونة سـبـتـْـنـى

والجرح اهُـه .. لسّـه فينا

زينة البنيّـات سابتـْـنـى

ومشتْ فى أوّل سفينة

***



القلب بحّـر مع النيل

وعِـشِـق ركوب السفاين

بيت الحبايب على النيل

شبّـاكه طارح جناين

***
غاب عنى شدِّيـتـلـُـه مـْرسال

لم رّد – لـيـّـا – جوابى

لوم العِـدا – فيا – مر .. سال

كاحِـت فى قلبى جوابى (*)

(*) جمع جابية وهى مكان تجمع المياه .
مع مين اشدّ الرسايل

والبـِـلّ والخيل ساروا (*)

وانت ولا مـّرة سايل

ونا ليلى طالت قصاره

***


وطبيبى لمَـا .. جَـسّ ف اعضاى

قال لى دواك مش حدانا

أنا رُحت المْـلم فى بعضاى

صبحوا الحبايب عدانا

***
هلبتّ يا قلب ما تكِـنّ (*)

لمّـا يجوك الحبايب

دا الحب جُـوّ الحشا .. يجنّ

والبعد ناره صعايب

(*) البل : الابل (*) هلبت : لا بُـد

كيف ابقى عاشق وصبّـار

دنا ياما عذبت روحى

وزرعت ف غطانى صبـّـار

لجْـلن ما اداوى جروحى

***
سِـبـْـت الدواية .. و .. لوْراق

وطلعت ما اعرفش اغنـِّـى

دنا بالى بالوصل لو .. راق

لا شْـغل هوا .. الى شغلنى

***
واللى .. بلا حُـب .. قلبيه

كيف عِـدّ .. نـشـْـفـت عيونـُه

لا .. كـُـل من حَـب قال بيه

ولا .. كل من قال يصونـُـه



***
أهديت لها عُـقـْـد .. وسْـوار

قالت لى متوصِّـى ليه بى

وبنيت لها قصر باسوار

زعْـلـت وسكنت قليبى

***
شِـبّـاكى هفـْـهف طيابـُـه (*)

صحّـانى من عِـّز نومى

وبلحْـنا .. لو .. هاف طيابـُـه (*)

بحْـرك ما يرضاش بعومى

***
ندْرن علـيـّـا ان قاربكم

عـّدانى لا نصُـب مزاير

ون زُرت واحد قريبكم

لولا انتو .. والله مازاير


(*) هواه (*) نضجه

ع الموَرَدة تورد الحور

تسْـرق نسيم العصارى

كيف يسحروا قلب مسحور

عِـشـّـه على فرع صارى

***
ع الموردة اترقـّـصـت خيل

والنوتى فى الرقص رايس

خطفـَـتـْـنى موجتها فى الليل

ونْسيت حبال المرايس

***

ع الموردة اجلـّـعـوا البيض

آه من جلـَـعْـهـم يا .. بايا

فرَدت مراكبى قلوع بيض

مطـْـرح ما مالوا الصبايا

***





ع الموردة .. شفت لامواج

حـنـُّـوها قـّدام عـنـيّـا

مِسْـكك – يا بو المِسْـك – لم واج (1)

ويوجّ مِسْـك البنيّـة

***
القلب رفـْـَرف جناحه

اتهـّز فرع اللمونة

وبنانى ع البـْرج ناحو (2)

من عِـشـْـقـهـم عـلـّـمونا
مشاهدة المزيد
-







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى