السبت، 21 أغسطس 2010

حوارمع الشاعر المصرى الكبير / يوسف أبو القاسم الشريف









ج

حوارمع الشاعر المصرى الكبير

/ يوسف أبو القاسم الشريف


حاوره:
أسامةعامر


أعدها لنشر:
الشاعر محمود مغربى


ــــــــــــــــــــــــ

هناك من يفخرون بأنهم علمانيون ويساريون و حداثيون و أنا أفخر أنني مسلم أنتمي لله رب العالمين

- إن لم يكن الشعر غاضباً ومعبراً عن آلام الناس فهل يعد شعرا؟

- كتب الشعراء آلاف القصائد الجيدة عن غزة و العراق ولكن فتش عن

اليد الخفية التي تحول بين هذه القصائد وبين الوصول للناس !!



........................................
.......... ...........



في أمسية صيفية رائعة التقينا مع الأديب والشاعر الكبير يوسف أبو القاسم الشريف – الأمين العام المساعد لمؤتمر أدباء مصر، عضو رابطة الأدب الإسلامي، وعضو اتحاد الكتاب المصريين في حوار صريح حول الأوضاع الأدبية في مصر وأطروحته بعد توليه منصب الأمين العام المساعد لمؤتمر أدباء مصر



- بداية.. نحب أن نعرف كيف كانت بدايتك مع الشعر و الأدب ؟

بدأت رحلتي مع الشعر في المرحة الثانوية وذلك لحبي للغة العربية وقد كانت المناهج حينئذ تحوي العديد من النصوص الرائعة وكان أول ما نشر لي في مجلة الهلال و عمري 19 عاما قصيدة بعنوان "دعيني "و "عندما يبكي الشعر" في عام 1982 وأيضا نشرت في جريدة الحياة و شباب بلادي وكان ساعتها النشر شحيحاً جداً ولا ينشر إلا لمن كان له وزنه و صاحبني ذلك الوقت في النشر أحمد فضل ومحمد محمد السنباطي وأحمد قاسم أحمد وغيرهم.



- هل كان للنشأة في القرية تأثير علي شعرك ؟
نشأت في أسرة معظمها من الأزاهرة وجدي رحمه الله شيخ عمود المالكية في الأزهر الشريف وهو شاعر مطبوع ومعروف في عام 1748 م وقد ورد اسمه في معجم البابطين وقد نشأت في حديقة غناء وسط مساحة شاسعة من الأراضي الخضراء تدور فيها السواقي فتسمع خرير الماء يمتزج بشقشقة العصافير ويلف ذلك كله صوت السواقي فتعودت أذني مبكرا علي النغم و كانت هذه الصور الجميلة حاضرة دوما في مخيلتي.




- من من الشعراء ارتبطت بهم وجدانيا في رحلتك مع الحرف ؟

أحببت الحصري القيرواني فقد قرأت ديوانه كاملا وأنا في سن مبكرة وحفظت الكثير من قصائده لشدة إعجابي بما يقول مثل قوله:

يا ليل الصب متي غده *** أقيام الساعة تأتي موعده

بل وقرأت ما كتب من معارضات لهذه القصيدة مثل معارضة شوقي والرصافي وأرسلان و أحب أيضاً شوقي و حافظ إبراهيم وأخذت من أبي القاسم الشابي عذوبة اللفظة ورقة اللغة و جمال الصورة البديعة مثل قوله:

عذبة أنت كاللحن كالطفولة كالأحلام كالصباح الجميل

أما في العصر الحديث فالأخ الرائد محمد بخيت الربيعي والعديد من الإخوة الأفاضل و خاصة الأستاذ محمد التهامي الذي سعدت برؤيته ومقابلته و قد كنت حريصا علي سماعه في إذاعة القرآن الكريم وهو يقول بصوته المؤثر:

عمر تناسل من عمر *** من دوحة الجد الجميل أتي عمر

وقد أطري شعري وقال " أنت شاعر جميل جميل "

- ومن الذي تحب مرافقته من المعاصرين ؟

حقيقة لم أجد مثل طهارة ونقاء شعراء الإخوان المسلمين الذين مضوا علي الدرب واذكر منهم الشاعر الكبير وحيد الدهشان ومحمد جوده ومحمد فؤاد صاحب قصيدة:

نعم إن أول غيث الندي *** سأروي به قاحلات المدى


- كيف أثرت فترة الاعتقال في قاموسك الشعري ؟
النور. احد النقاد فقال إن مفردات معجمي اللغوي قد امتلأت بكلمات مثل الفجر... النور .الصباح....الحرية....الحرية ...الوحشة الخ و لي قصيدة بعنوان:"محبوبتي حريتي" جاءت فيها هذه المعاني واضحة وقد كتبتها من خلف الأسوار في منحة السجن الربابنة التي أفادتني كثيرا



- أي قصائدك تظن أنها عبرت عنك أكثر ؟
القصائد للشاعر كالأبناء للوالد لا تستطيع أن تفضل إحداها علي الأخرى ولكن يبقي للقصائد التي كتبت في غياهب السجن و الاعتقال ميزة القرب من القلب لأن الصدق فيها جلي و واضح وكان الخيال فيها يقفز من خلف الأسوار ليلتقط الصورة والمعني ولعل من أقربها قصيدتي إلي ابني معاذ وقصيدة يا ليلة العيد من بالعيد يلقاني

- ما هي القصيدة التي كنت تتمني أن تكون كاتبها ؟

القصيدة السينية للبحتري لما فيها من اغتراب يتمازج مع ما نحن فيه الآن



ما هو التعليق الذي لا تنساه عن قصائدك ؟
تعليق الدكتور مصطفي رجب عميد كلية التربية الذي سمع قصيدتي " عربية كل المواجع فى دمى" فنهض واقفا وقال إن هذا البيت بديوان من الشعر



- هل لديك أي إنتاج أدبي أخر غير القصائد الشعرية ؟
نعم قدمت مسرحية اسمها محاكمة محمد علي باشا حازت علي المركز الأول علي المستوي الجمهورية وأوصت لجنة المناهج بطباعتها كما مثلت على عدد من المسارح

- ماذا تبقي في جعبتك من الشعر ؟

هناك الكثير من القصائد التي أود أن اكتبها وأشعر أنني لم أقدم إنتاجا يجعلني أعود إلي الله وهو راض عني فأنا أحاول أن أكتب كل كلمة أسر بها يوم القيامة أو كما قال الشاعر:

وما من كاتب إلا سيفني *** ويبقي الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيء *** يسرك في القيامة أن تراه

ولن يتوقف الشعر طالما لي قلب ينبض و يد تكتب وخيال يحلق يلتقط الصورة كالنسر المجنح ثم يعود فيصبها علي الورق



- هل هناك جديد لك تحت الطبع ؟

لي ديوان تحت الطبع عنوانه "شرفاء علي الدرب " يحكي عن تاريخ الإخوان منذ النشأة حتى وقتنا هذا وهي فوق 130 بيتا وفيها كل ما يمكن أن يسأل عنه الإخوان في جماعتهم وقد استهللتها بقولي:

زيدي أيا ورقاء شدوك زيدي *** وتدثري بالبوح والتغريد



- وما سبب تسميته بشرفاء علي الدرب ؟
في الحقيقة كنت أنوي أن أسمي الديوان" سأظل انشد للضياء قصائدي " ثم عدلت عن التسمية بعد أن زاملت شرفاء الإخوان المعتقلين علي ذمة المحكمة العسكرية (الشاطروإخوانه) حيث كتبت فيهم ما يقرب من 95 بيتا.




- ديوانك الأول يحمل عنوان من يغرد للصباح فهل وجدت من يغرد للصباح ؟

نعم يغرد للصباح كل من يحمل الفكرة الطيبة ويكتب الكلمة الجميلة



- تقولون إنكم تكتبون الأدب الإسلامي فهل يجوز تصنيف الأدب إلي إسلامي وعلماني و غير ذلك ؟

لقد فرضت التسمية نفسها لأن هناك من يفخرون إنهم علمانيون و حداثيون و نثريون وأنا افخر بأني أديب مسلم أنتمي لله رب العالمين والتسمية ربما تكون منطلقة من أيدلوجيات تفرض نفسها و لكنننا كتبنا في كل أبواب الشعر كالغزل و الاجتماعيات ولكن السمت العام إننا نكتب في الإسلاميات أكثر من غيرها.

وللأسف يخطأ بعض الكتاب الذين ينتمون لهذا التيار حين يبرزون الأيدلوجيات أكثر من إبرازهم لفنية القصيدة نفسها فتكون زاعقة ومباشرة وسطحية فيسيئون بذلك لفكرة الأدب الإسلامي

- ما رؤيتك لمستقبل الأدب الإسلامي وكيف النهوض به ؟
الأدب الإسلامي أدب متهم من الحداثيين و هم يقولون إن فيه رجعية وتخلف ومباشرة وسطحية وهذا اتهام باطل لأنهم لم يقرؤا الأدب الإسلامي بمعناه الحقيقي ولم يتعرفوا علي الأدباء الإسلاميين وأراه يقفز قفزات سريعة للإمام وأعتقد أنه سيتصدر كل التيارات بعد أن سقطت الأقنعة المزيفة للحداثيين الذين لا يستطيعون فهم ما يكتبون



- هل تعتقدون أن شعر الفصحى يستطيع أن يقف علي ساقين في عصر الانترنت و الفضائيات و ثقافة (التيك أوي)؟
شعر الفصحى موجود بقوة و ستجد هذا في الأمسيات و الندوات وفي تقبل الجمهور وتفاعله مع قصيدة الفصحى علي حساب الأجناس الأخري



- أين الشباب المصري من شعر الفصحى ؟

هذا سؤال مؤلم لأن الكثير من الشباب الآن يكتبون العامية والزجل أو حتى قصيدة النثر وأنا أري أن المؤسسة التعليمية هي السبب في ذلك فقد أصاب الجفاف المناهج التعليمية وغاب دور المؤسسة الإعلامية التي تدفع الناس دفعاً إلي السفاسف والتفاهات.

- إلام تعزون ضعف حركة الشعر في مصر ؟

ضعف المنتديات الأدبية هو السبب الرئيسي في ضعف الشعر و كذلك الندوات هل تصدق أن يصرف علي نادي الأدب 3 ألاف جنيه سنوياً في مقابل 25 ألف جنيه للمسرح !! أعتقد أن هناك من يريد أن تسيطر الفنون البصرية علي الساحة وما أصدق الشاعر جميل عبدالرحمن حين قال:

يمشي الأديب وفي وعثاء خرقته *** وفيفي عبده لها الديباج والقصب


-إذا هل توافق علي مقولة أن هذا الزمن هز زمن الرواية ؟
لا.. لا أوافق علي هذه المقولة تماما فسيظل الشعر ديوان العرب ولكن هناك عوامل سياسية وثقافية و اقتصادية دفعت بالرواية لبقعة الضوء فالسينما مثلا كانت من أهم أسباب انتشار الرواية وكذلك بعض الظروف السياسية التي تدفع ببعض الروايات إلي الظهور كرواية عزا زيل وما صاحبها من ضجة سياسية



- كيف تري الأدب في مصر متواطئ أم مقاوم ؟
أنا أؤمن بقول الشاعر : لا خير في الشعر إن لم يركب الغضب


إن لم يكن الشعر غاضباً ومعبراً عن الآم الناس فهل نسميه شعرا ؟ والواحدة والشعروجهان لعملة واحده والشعر والاجتماع وجهان لعملة واحدة والشعر والإعلام وجهان لعملة واحدة...لا انفصال للشعر عن أي من مجلات الحياة



- مرت بالأمة في الفترة الأخيرة أحداث جسام فهل كان الأدب مكافئا لها ؟

لقد جاء الشعر علي قدرها حتى حادثة حذاء الزيدي نالت حظها من اهتمام الشعراء و كتب الشعراء عن أحداث غزه آلاف القصائد الجيدة ولكن فتش عن اليد الخفية التي تحول بين هذه القصائد وبين الوصول للناس.




-ونحن في القرن 21 هل تظن أن الحكام مازالوا يتحسسون أسلحتهم حين يسمعون كلمة ثقافة ؟

نعم لا شك أي حكومات جائرة قاهرة تخش المثقفين وتعمل لهم ألف حساب وتحاول أن تكمم أفواههم إما بذهب المعز أو بسيفه فالكلمة ربما تكون أقوي من الرصاص ومن المدافع بل وأسرع انتشاراً بين الناس فالجندي يمكنك أن تحاصره لكنك لا تستطيع أن تحاصر فؤاد وقلب وخيال المبدع.




- ماذا تحمل حقيبة يوسف الشريف بالنسبة لمنصبك الجديد كأمين عام مساعد لمؤتمر الأدباء ؟

وعدت الأدباء أن هذا المؤتمر سيكون مختلفا تماماً عما سبقه خاصة بالمقارنة بالمؤتمر السابق الذي كان عن "أسئلة السرد الجديد في الرواية العربية والقصة القصيرة" لكن الأبحاث كانت هلامية وكان هناك مغالطات كثيرة وغاب حس الشارع عن هذا المؤتمر لكننا بإذن الله سنطرح موضوعات جديدة تهم كل مبدع و كل مواطن كما أهدف إلي تفعيل لجان فض المنازعات بين الأدباء وكذلك تفعيل لجان البحوث وانتقاء الباحثين المعتدلين ومحاولة الارتقاء بالأدباء فنيا وكذلك اللجنة الإعلامية وغير ذلك وسأحرص علي زيارة أكبر عدد من الأدباء وتبادل الخبرات مع الآخرين وتوصيل صوتهم






-وفي النهاية ما هي نصيحتك للناشئة من الشعراء ؟
أنصحهم أن يتعاملوا مع كلماتهم و قصائدهم علي أساس أنها كلمة طيبة تبقي كصدقة جارية لهم وعلي كل واحد منهم أن يقدم كل ما يمكن لتنمية موهبته وصقلها ليكون شارة و رمزاً للكلمة في مواجهة الجهلاء ممن انحرفوا بالشعر عن شكله وطبعه.

كما انصحهم بالقراءة الكثيفة وحفظ القصائد الجيدة التي تطبع في مخيلتهم جمال اللفظ و الصورة

حاوره أسامةعامر

---------------


الشاعر يوسف الشريف في سطور:

- يوسف أبوالقاسم الشريف

- من مواليد جزيرة شندويل بمحافظة سوهاج عام 1958م

- تخرج في كلية الحقوق ويعمل مفتشاً للتحقيقات بمديرية التربية و التعليم بسوهاج

- رئيس لجمعية الأدباء خلال الفترة من عام 1986- 2000م

- عضو رابطة الأدب الإسلامي

- عضو اتحاد كتاب مصر

- الأمين العام المساعد لمؤتمر أدباء مصر

...........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى