الجمعة، 19 فبراير 2010

تأملات طائر / مجموعة شعربة للشاعر المصرى محمود مغربى






تأملات طائر


محمود المغربى



شعر :


محمود مغربى

إهداء

إلى أبى
و أمى
إلى قنا
الإنسان والمكان
* إلى الأحبة
هنا : وهناك

محمود

......




* يا حلوةَ العينينِ
والهندامِ
والجسدْ ..
يا غنوةَ التوجّعِ الخفىّ ..
يا صبوةَ القبيلة ..
أستحلفكْ
بالعشبِ
وجسرِنا الصغيرِ ..
أن تصعدى ..
وتصعدى ..
لتشعلى قنديلىَ المُطْفأ
وتنقشى الحكايا
- فى غيمِ قريتى !
***





تأملات طائر
*******




* قديماً ..
قدَّمَتْ فتنتها
للصبية الصغارِ
للصوصِ ..
لعابرِ الســبيلِ ..
واليومَ ..
لا أحــدْ ..
لا أحـــدْ ..
فقطْ ..
بعضُ ذكرى ..
وصمتٌ طـويلْ !
***



* الصباح
الذى كم تباهتْ به
تمامًا تلاشى
رغم ذلك ..
لسلطانِهَا
سطوةٌ فى قلبِ عُشّاقِها !
***


* طائرى العنيدْ
ما زال يبحثُ
عن شُجيْرَةٍ
ونافـذةْ ..
ليــبدأَ الغناءْ !
***


* شهرَزادْ
ودَّعَتْ بستانَها
حكاياها
رغم ذلكْ ..
تُهَندسُ المساءَ فى هدوء !
***



* إلى حَتْفِهِ يمضى
إلا من جِراحِهِ
وبقايا حَرَسْ !
***



* الصبابةُ ..
خبأها الحُرَّاسُ فى الخرابْ ؛؛
لا شمعَةٌ هناكْ ..
لا رفيقْ !
***


*ناديتُ يا سحابةْ
أمطرى ..
خُذى نصفَ عمرى
وأمطرى فقطْ
لأُنْقِذَ ما تبقَّى من صِبَاى !
***


* السندبادُ
فارعُ اليدين فى منفاهُ ..
يُسائِلُ الجموعْ :
مَنْ يُعيرنى قيثارةً ..
كى أرمّمَ ما تبقّى من جَناحْ !
***


* الناسُ فى كلَّ مرّةٍ ..
يَسْرقونَ الخُبْزَ ..
وأنتَ هناكَ تسرقُ النارَ ..
تشعلُ عتمةً
تستعيدُ الصغارَ
واحدًا
واحدًا ..
كيما تعيدُ للبستانِ رَقصتهْ !
***






العاشق
والمعشوقة
******





* يا الله ..
يا واهبَ النورِ ضياءَهْ
هل كان النورُ ليدركَ سطوتَهُ
لولا وجودُ الظلمةِ ؟!
***




* هىَ
شمسٌ شرقيَّة
تكرهُ مغربَها
دخلتْ بإرادتها
كوكبَها الذُّرّىْ
كوكبُها ..
لا يسكنُهُ
إلا عشَّاقٌ فقراءْ !
***





* هىَ
نورٌ يمشى
يهتزُّ الشارعُ طربًا
يَرْتَجُّ ..
يَنسى حكمتهُ
يصيرُ الشارعُ حانةَ عشقٍ ..
والناسُ ..
رؤوسٌ يتخطَّفها الطيرُ !
***




* البنتُ المعشوقةُ ..
قالت للولدِ العاشقِ :
يا مجنونْ ..
لن أُسْكِنَ جسدى
إلا روحًا مدهِشَةً
هل تملك روحًا
مُدْهشةً ؟
يا مجنونْ !
قالَ العاشقُ :
آهٍ .. آهٍ ..
فالرُّوحُ المدْهِشَةُ ..
هرَّبَها الشَّاعرُ فى جُعْبَتِهِ ..
وأنا مسكينٌ ..
لا أملكُ
إلا قلبًا
عشَّاقًا
مَسْنُونْ !

......



* كلَّ مساءٍ ..
فى دفترهِ المتْخَمْ ..
يستودعُ شَيبَتَهُ ..
ينسلُّ وحيدًا
من بين الفقراءْ ..
ينسلُّ ..
يصادقُ روحًا
لا يقْربُهَا الدُّودُ
ولا يسْرِقُها الطاغوتْ ..
هىَ رُوحٌ ما زالتْ ..
تشدو فى كَبَدٍ
للخالقِ ..
للملكوتْ !
***

* قالتْ :
عُدْ من حيثُ أتيتْ ..
لا تتبعْنى ..
فأنا نارٌ !
قلتُ :
للنَّارِ سأمضى ..
علِّى أشْعِلُ بعضًا
من ثلجِ السنوات !
***

* موالٌ شرقىٌ
أغوى صبَّاره
فتَّحَ كلَّ نوافذَ فتْنَتها المخبوءَةِ
ولاذَ بالفرارْ !
***

* الرَّبَابُ
ما زالَ مشدُودًا
وأنتِ ..
هناكَ ..
وأنا ..
هنــا
رغْمَ ذلكْ ..
طارتْ عصافِيرُنَا
لِتَبْلُغَ المنتصفْ !
***

* طارَتِ الفراشاتُ من يدىَّ
إلاَّ فراشةٌ
عَبُوسْ …
قلتُ :
لِمَ المكوثُ والجَمْعُ طارْ ؟!
قالت :
يا طبيبُ …
لَمْ أُشْفَ بَعْدْ !
***

* فى مقهى الشيشةِ ..
كلَّ مساءٍ ..
يأتى النادلُ
بالشاى
بالنرجيلة
بالنار ..
ويهمسُ :
"هل قابلتَ امرأةً " ..
( لَمْ تَذُقْ حلاوةَ القُبَلْ ،
لَمْ يضاجِعْ عُرْيَها أحَدْ ) (1) ؟!
- ………………… هل ؟!

.......





من كراسة
القروى
.......



الولد القروى

جاءنى صوتُها فى المساء
صاحبى :
قد ضللتَ المروجَ الَّلواتِى نَبَتْنَ على شاطئىّ
ضللتكَ المنَافِى …. ،
فما عادَ يُجْدِى التَّيَمُّمُ
والنهْرُ خلفَكَ
ما عادَ يُجْدى ..
فالغزالةُ
ليسَتْ هناكَ
كى تميلَ على شاطئيكَ
وترشدَكَ صوبَ القصيدةِ
تسقيكَ من نهدِها فَرحًا طازجًا ..
وليستْ هنالِكَ جنيَّةٌ ..
تدنو
لتُكَرْمشَ ثوب المسافات
تُدخلَكَ فى حقلها الدائرى

تربتُ فوق سمائك /
دومًا تباركُ

أنجمَكَ المتعَبات ،
تنثُرُ حولكَ ..
كركرة العُرسِ
تفعيِلَةً للغاتِ العصيَّة .

أيها الصوتُ ..
إننى الولدُ القروىُّ
ولا يأسَ فى غيمتى
عتمَتى ..
إننى الآنَ …
أُخرُجُ من حقلكَ
فَرَسًا
يستعيدُ المباهجَ
والأوسمةْ !
***

........





أبى



أبى
ما عادَ يمسكُ غرَّةَ الفجرِ

أبى
فأسُهُ الهائجُ ما عادَ يرقصُ
تحتَ إبطه !
فقط …
يلوكُ دمعةً ..
يدخلُ كونًا غائمًا !
أبى
تحتَ شمسِ الشتاءْ ،
ساعةً يتمتم للحفيدِ الصغيرِ :
هناكَ ..
هناكَ فى الحقول البعيدةِ ..
هناكَ ..
تحت جذعِ نخلةٍ
ترقدُ أعوامى الخمسونَ مستيقظةْ ..
آهٍ ..
هل تسمعُ أنَّاتها
يا صغيرى ؟
هل شممتَ الآنَ أعوادَ الحطبْ ..؟
للشاى طعمٌ
حين ينضج فوقَها ،
يا صغيرى ..
كان خبزُ القمحِ حلوًا
كيفَ لا ..؟
وهو نبتُ سنبلةٍ
رافقتُها يومًا
فيومًا
شهرًا
فشهرًا
حتى جاء موعدُها /
الحصادْ !
يا صغيرى ..
تُربتى مَجْلوَّةٌ ..
- كانت -
أنثى تُهَيّئُ نفسَها للبوحِ
دومًا
فى الفصولِ الأربعةْ ..
وحدَها كانت ..
تشاطِرُنا الْعطاءْ ..
قمحًا فى صوامعِنا
لبنًا فى بطونِ صغارِنا
ثوبًا طويلاً يسترُ أبدان الصبايا ،
عرسًا سماويًا
لا يخاصِمُه الغناءْ !
ساعةْ أخرى ..
يقفزُ نَعشُ جارتِه
إلى عينيِه ..
ينأى ..
ساحبًا محراثَه
خفيضٌ صوتُهُ
يوصِدُ أبوابَه
ويمضِى !

.........





وحيدًا
يدق الأجراس
********


إلى العاشق الإنسان :
صفوت البططى .....

طفلٌ
عشاقٌ
نَزِقٌ
قديسٌ يلتحفُ حكايا الفُقراء ..
يدخلُ لحنَ البسطاءِ رهيفًا ..
يصحبُ
نايًا
دفًا
يصحبُ أغنيةَ الشعبِ بلا صخبٍ ..

طرقاتُ المسرحْ
تُسكِر سمعهْ ..
ويذوبُ
يذوبُ
كدرويشٍ فى حضرةِ سيدهِ

فى المولدِ ..
يرهفُ سمعهْ
لربابٍ يَشكو هَمّه
تُوجعهُ النغمة ..
يَفرُّ ..
يَفرُّ إلى صحبتهِ ..
يَفْردُ أوجاعه ..
يُخْرِجُ أضلاعهْ ..
ضِلعًا ..
ضِلعًا ..
يَنْشُد :
للحبِّ سُلَّمَ من وُردٍ
لا يَقربْهُ ..
لا يملكُ فَكّ طلاسِمهِ
إلاّ إنسانٌ ..
أو طفلٌ
عشاقٌ ..
نزقٌ ..
أو قديسٌ يلتحفُ حكايا الفقراءْ
طفلٌ ..
عشاقٌ ..
نزقٌ ..
يدخلُ بابَ الشعرِ
صبيًا
يملكُ أحلامًا
مُدهِشةً
يدخلُ أبوابَ الحبِّ ..
جنوبيًّا ..
لا يرهبهُ خرابُ العالَمِ
لا يُثنيه ضياعُ العمرِ ..
ها هو يصعدَ ليلةَ عيدِ الميلادِ
وحيدًا
مغتسلاً ..
ويدق الأجراسْ !

.......






عتمة

تنادى عتمةُ المقهى
علىَّ ..
كلانا صار عُريانا
بلا شهوةْ !
كلانا ..
صار منسيًّا
بلا أبديَّةٍ تُذْكر !
كلانا يغادرُ المقهى
بلا قهوةْ
بلا سُكَّر !!
ونمضى فى تُخُومِ التِّيهِ ..
نصلاً ينقُرُ الأفُقَ
وللأفقِ
مناقيرٌ
بياضٌ موحِشٌ ،
للأفقِ
يرقصُ الغرقى !
وتدخلُ دكنةَ المشهدْ ..
تُفاجئنا بقايا رُوح
بعضُ الصحبِ ..
نخلاتٌ بلا ذكرٍ ..
يُفاجئنا
غلامٌ ضاحكُ السّنِّ
كلانا
صار عُريانا
بلا شهوةْ ..
كلانا
صار منسيًّا
بلا أبديَّةٍ تُذْكر ..
كلانا
صار فى قبرٍ
بلا أفق
بلا موتٍ
كلانا ربما يصحو
إلى فردَوسِةِ يمضى ..
فهل نصحو ؟!





........

إلى حبيبتى
بغداد



يا حبيبتى ..
بندقيتى معطَّلة ..
لذا ..
لا تندهشى
عندما أفتحُ أبوابى للصوصِ
وأنحنى إجلالا !

يا حبيبتى
إرْثُكِ العظيم
لا أغارُ عليه !
هل تسمعين ؟
لن أغارَ على شئٍ مطلقًا
هل تفهمين ؟!

يا حبيبتى ..
تعيشين القصف
صبحًا
وعشيَّة
رغم ذلك تبتسمين !
وأنا هنا ..
مثقلُ الخطى ..
أجترُّ أجزانى مفردًا
مكبَّلَ الأنين .

يا حبيبتى ..
وحدُه القصفُ
يدركُ الألمْ !
وحده الصَّاروخُ
يحفظ ملامح الشهداء ..

يا حبيبتى ..
أطفالك ..
هياكلُ
دُمَى
يستنفرونَ دَمى ..
وأنا مخرّبٌ أعمى
ونذلٌ عصىّ !

يا حبيبتى
الأمريكيون طيبون جدًا !
بدمك ..
لما لطَّختِ أياديهم
لذا كان عقابك
فقط علينا
أن نردد خاتمة الكتاب ..
آمين .. آمين

يا حبيبتى ..
أنتِ هناكَ فى شتاء المجمرة ..
ترقصين
وأنا هنا
بارد الأطرافِ .. حزين !
يا حبيبتى ..
كيف نكتب التاريخَ ..
بعدما شُلَّت يدُ النسَّاخ ؟
وأضاعَ الراوى الحنجرة !




.............

ترتيلة أم

مهداه إلى الشهيد " ناجى العلى "



قبسًا كنتَ ..
ومازلتَ فتيلاً موقوتًا فى عجز مُحبِيكَ
محبوكَ على ناصيةِ النيل ..
يلتمسون الراحةَ ..
- فى عتمةِ بدنِ امرأةٍ ثَكلى .
" عين الحلوة "
كل صباحٍ تخرج من معطفها البنى
تبحث عنك ..
تحدث كل المارة
كم كان عنيدًا ومشاكس
أخرج من صفحته القبس
- عيونًا وبراكين ..
فتش فى غربتنا
ألقى من فوهة الريشة /
من نافذة الشمس
حجرًا
بل أحجارًا
ولدى
إنى أعطيتك قمرًا بيروتيًا
أعطيتك خطًا نبويًا
حجرًا قدسيًا …
فتقدم …
إملأ جعبتك … تقدم
( مدريدُ الآن
تُخرجُ كراسَتها السوداء ..
فى أسفلها الدامى
هل يسقط عرس غرناطىٌّ آخر ؟؟ )

ولدى …
الشجرة .. تناديك ..
وحنظلة الولد الشامخ فى العتمة

ناداك
يناديك
يستعجلك ..
طلاب الدرس /
وكلُّ طوائفِ هذا الشعب ..
- ينادونك
ما زالوا ..
لن يبهرهم ذاك الضوء المدريدى ،
إنهم الآن …
يلتحفون الثورة !





خلاص

هذا البراحُ الوسيعُ
بِدونِكِ
ضيّقٌ علّى
بِدونِكِ
تِلكَ الفراشاتُ لا تستبينُ
- موسيقى التواصلْ ..،
بِدونِكِ ..
هذى السماءُ ملبدةٌ بالعويلْ ..
بِدونِكِ ..
كلُّ أوانى المحبةِ مقلوبةٌ فى الهجيرِ
بِدونِكِ أنتِ ..
جيشُ الخفافيشِ يركضُ فى خِرْقَةِ الصبُح
- يدخلُ حقلَ الدراويشِ ..،
يُنْشِدُ وِرْدَ المُعَنّى
وسِفْرَ الْخَلاَصْ!!

....



هناك تعليقان (2):

  1. انت رائع...
    حظيت فقط بالتصفح...جميل اسلوبك...جميل عرضك لافكارك
    لى عودة مع هذة الرائع اتفرس بها وبكليماتها الغنية بالمعانى ....
    اشكرك على هديتك....
    دائما متألق ...لك تحياتى ...

    ردحذف
  2. اهدئي يا مقلتي كفاك مدامع
    قد ابكاني حرفك استاذ محمود
    خشوع بين مداد سطورك هو احساسي وليس كلامي
    //محمد قطوس //
    مع خالص محبتي

    ردحذف

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى