القاص
ايهاب مصطفى
قلم مبدع من صعيد مصر
...............
ذيل ينتهى براس سهم
وكنت تقول
أن النيل خلق ليداوى جروح اللحظات التى
تنغل فينا..يعبث فى دواخلنا برهافه،ويخرج
الهم ويصفى القلب تماما..راحه غير عاديه
تسيل على ملامحك،وتفرش عليها فرحه غامره..كنت
مقتنعا بأن اسمك يدور فى الموجات القصيره،وأن
النيل يحتاجك،تماما كما تحتاجه..كلاكما
يحيط الآخر بغلاله شفيفه من ود،وأنا يا
صاحبى قلت بأن النيل غادر..انه يأخذ أشياءا
لا يستحقها..يسحب أرواح الناس برفق ،وحكيت
لك عن البحر الكبير والنيل العظيم حين ذهبوا
للرجل صاحب الذقن البيضاء.. قالوا له يا
كبير،لدينا اصنافا من اغلب الأشياء التى
على البر،ونحتاج للأنسان ليعمر دواخلنا،ليكثف
روح المحبه فينا، ويجسد هامشا من ودعلى
جانب الشراسه المعهوده..انتم بنى البشر
نحتاجكم نحن الكائنات الكبيره،ونقدر لكم
ملئنا بالحس وتعميرنا بتكاثركم.. فرد صاحب
اللحيه وقال بأن الانسان خلق يمشى ولا يسبح
الا بالتعلم،فكيف نحرمه فطرته الموكوله
اليه؟..ايها البحر الكبير والنيل العظيم..
حياتنا تعتمد على بقائكم وحياتكم لا تعتمد
علينا، ونحن المحتاجون لكم وليس العكس،وأنا
غير قادر على حمل هذا التصرف..أشكركم بهدوء
وأرغب فى تفهمكم،.....
وراح النيل
والبحر الى حالهم،وفى الليل جهزوا قواتهم
وهجموا على صاحب اللحيه والناس الآمنين،وأخذوهم
فى غيررحمه الى حضنهم الكبير،ولا أحد يعلم
–تفصيلا- ماذا حصل لهم......
من الناس
من يقول بأنهم تكيفوا على الحياه فتحورت
آذانهم ونبتت لها خياشيم يستخلصون بها
الهواء من الماء، وطلع لهم رمش عين زائد
فلا يحتاجون لغلق العين فى المياه، وراحت
الأرجل ونبتت لهم ذيول وزعانف......
ومنهم من
قال بأنهم يعيشون فى مدينه معزوله عن الماء
، ومكنوسه من الكائنات الغير رحيمه........
وقيل بأنهم
تحكموا فى قلب النيل، وكانوا يعطلون تياره
عن الجريان، حين يحتاجون لبنت عفيه، وكان
الفراعنه يهبونهم أجمل ما لديهم من بنات،وتوالت
السنون عليهم، وبدأوا يخرجون أشخاصا منهم
على البر، يوهمون الناس ويدسون الأشعار
فى آذانهم فيروحون للبحر، ويمدون له كف
الحياه، فيأخذها عن طيب خاطر.........
كنت لا تعتقد
فى كلامى، وتتخيلنى شخصا يجحدالنيل العظيم،والواهب
للحياه،
تجئ الى
الصخره وتبدأ فى فرد همومك، وهو يتقبلها
سعيداشاكرا،وبطنه الواسعه تشيل كل مقاسات
الهموم ، وتفصل على قدرها هدوم جديده ،
تلبسها بفرحه.. لم تأخذ عبره من ابن البكرى،
حين راح للنيل، وقال أنزل فى المياه،أنظف
وسخ الجسم ، وأجدد صحة البدن.. كان قد استجاب
للصوت النابع من العمق،وكان يقول أن أسمه
واضحا- كشمس يوليو-بين تمويجات النهر.. راح
الولد غير عابئ بالكلام، ونزل، والتف النيل
على كامل جسمه، وانسحبت روح الولد الذى-
لا نعرف لماذا – لم يعافر مع النيل، وكثيرون
آخرون، من بلادنا وغيرها، جائتنا انباؤهم
تزف مع عمال التراحيل.. .....
وأنت قلت
– أعقد صداقه مع هذا الكائن، وكنت تحسد
ورد النيل، الذى يعيش يومه بالكامل على
سطحه،وتتخيل نفسك شراع على مركب فى عرض
النهر،وكنت أخاف عليك كثيرا، كنت أعرف
انها النداهه النيليه،صوتك هناك وتقسم
أنك تسمعه واضحا، وأناأصدقك.. كنت عارفا
أن اختياره وقع عليك، وأن روحك – أن لم
تمانع- ستروح اليه.. كان يلزمك الحذر.. أن
تتعامل معه بصفة المعرفه.. يمكنك رؤيته،
وان لم تره فلا يؤثر ذلك على تكوينك..لكنك
تعاملت بصفة الحبيب
وآآآآآآآآه
يا صديقى لم تعرف ماذا يخبئ لك القدر
ذلك اليوم
لن يمحى من ذاكرتى.. كان صباحا عاديا مليئا
بالمناقشات التى تحصل يوميا حول الناس
واختلافهم وتشتتهم، ولماذا نكذب، ولا نقبل
بكذب الآخرين؟.. لماذا نسرق ونحب قطع الأيدى
التى تمتد الينا؟ .. لماذا نتجرد من كوننا
كائنات مفكره ؟..
لماذا لا
نشرب اكسير التغيير؟، وندع الظروف المظلومه
معنا ................
وأقول..
ان الله خلق الناس درجات حتى فى تشعبات
أفكارهم .. ولابد من الشرور لنميز بها الخير..
والابيض لا يظهر جماله الا الأسود.....
كنت أعرف
أن كلامى لن يؤثر عليك ، ولن يدير دفة دماغك..
كنت متغيرا هذا اليوم.. شاحبا كنت ، ووقت
أن أرى حالك هذه، أعرف أن النيل يناديك..
نفس الصخره، ونفس الأفكار المنزلقه من
دماغك الى البطن الوسيع، نفس المدن الغير
موجوده على ساحات الشوف.. ونفس النظره المتأرجحه
بين الإنفعالات الداخليه المتوثبه.. ورأيت
فى عينيك ألق.. لحظتها عرفت...........
نعم ؟ !!
قلتها بصوت
خفيض لكنى سمعته، وميزت حروف الكلمه المتقطعه
بالغة النعومه..
دماغك تهتز
كشيخ أخذه الوجد فى ضيافة حضرة
يا جمال.
قلتها ولاحظت
الصراع الدائر بين الريح ورائحة النيل..
فمره تأتينى ندف صغيره،
ومره تحتوينى
بالكامل.
أتعرف؟!!!
نظرت اليك،
وحاولت الكلام على استدرجك، وأحميك
من عنف تياره المنساق اليك، لكنك قلت
لحظات أحس
أن النيل يحتاج للربت، والمفروض أن يلعب
معنا فى حارتنا، وساعات أحاول مد يداى على
مدى اتساعهم، ولملمته من الجانبين، وطويه
ووضعه قدامى على سرير نومى .
أنا لم أكن
محتاجا لهذا الكلام، ونظرتى اليك تتغلف
بانكسار يسرى ببطء عبر ملامح الروح المستسلمه
-نعم؟!!!
زادت نبرة
ارتياحك للكلمه ، وعارف أنك فارط أذناك
تستدرج الكلام الطالع من بطن هذا الكائن.
-نعم؟!!!!
أنا ...هو
أنا!!!!!!!
نعم؟!!!!!!
ووقفت وعينيك
مغمضتين.. بدا أنك تعارك شيئا غير معلوم،
وتعافر مع كائنات تحاول الأستفراد بدماغك..
أنا عرفت وأمسكت بك.. هى اللحظه التى كنت
أخاف منها، وكم تمنيت من الله ان لا تجئ
.. النظره الثابته، والملامح الجامده . نفس
نظرة ابن البكرى وكثيرون آخرون.. يا نيل
أنت تحب البنات.. لماذا جمال؟!
قدمك تلمس
ورد النيل ولأول مره يلتف ويشتبك بقدمك،
والموج الهادئ يرش ساقيك..
أمسكت بك
بقوه ، لكنك دفعتنى بقوه لم أعهدها فيك..وقعت
على الحجر.. السواد يكثف وجوده ويغلف الأشياء..
ينقشع بهدوء والكائنات تدور بسرعه غريبه..
النخيل ترك مكانه الأزلى ويتعارك مع بعضه
، والريح تشيل الكائنات، وتبدلها قدام
عينى بقسوه.. ثوان وهدأت الدنيا، ولاحظت
الدم وسنتى المكسورة.. جلست ورحت أبحث عنك..
كانت الشمس ترسل ألوانا لا أعهدها فيها،
وكفين عملاقين يمسكان بها ويضعانها على
راسك، وأنت على البعيد تفرد ذراعيك وتحضن
خلقا لا أراهم..
تمنح لقلب
النيل خطواتك، يعلو لبطنك، لكتفيك..أنا
لم أستطع كبح الأنفعال.. وسنى المكسوره
تؤلمنى.. لكنى رأيت صخرتك أرثا أرش عليه
بذور التذكر.. فتنبت أشجارا كلها بصورك..
الآن أمنح نظراتى للنيل..أعرف أنه يتودد
الى.. لكنى اراه كائنا بقرنين وذيل ينتهى
برأس سهم، وأنياب تبرز من فم لا يعرف غير
الابتسامات الخبيثه.. أمنيات يفرضها على
لكنى لا أتعامل معها.. وأفرد بينى وبينها
مساحة قلق.. كنت قادرا على رد حيله التى
يستحلب بها حب الناس.. أنظر اليه بتكشيره
واضحه ، وأركل مياه شاطئه الى داخله بقوه..
حتى الخارج الى الشاطئ من ورد النيل، أعيده
الى صاحبه بغير تردد.. كثيرا أجيئ الى صخرتك،
وأراقب الاولاد والبنات وهم ينزفون حكاياتهم
المؤرقه، وهو يسمع الكلام ويفرد ابتسامات
ماكره.. قمت اسفا على ما سيحصل لهم..
هانى؟!!
وقفت والتفت
ورائى على أجد أحدا ينادى.. صوت رخيم وكأنه
ينبع من أعماق جب.. ثوان وعرفت, التفت بكاملى
للنيل، وراقبت موجاته ، وكأنها تعزف مقطوعه
من ألحان جميله.. قابلته بصدر واسع قادر
على رد الاحتمالات
هانى؟!!!!!!!!!!
نعم ميزت
الصوت الناطق باسمى، وقفت قليلا وأطرقت
برأسى، أنحنيت والتقطت حجرا، وبكامل عزمى
ألقيته الى داخل النيل.
ايهاب مصطفى
الاقصر- العديسات بحرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى