الجمعة، 19 فبراير 2010

قصص قصيرة للاديب / بهاء الدين حسن



تظل قنا
ويظل صعيد مصر للابد رمزعطاء وارف فى كل روافد الفنون
ونقدم هنا احد فرسان القصة القصيرة ..
انه المبدع بهاء الدين حسن..
نشرت قصصه فى العدي من الدوريات المصرية المتخصصة
وعلى شبكة الانترنت..
وهنا نلتقى مع مجموعة من قصصه القصيرة
لنعيش سويا مع عالمه القصصى

مغربى

......

( أغنية الحرية )

أبلغ من العمر خمسة وعشرين عاما ، إلا إنهم ـ فى البيت ـ يصــرون على أن يجيئـــوا لى ـ هم ـ بكســوة الشتاء والصيف و ... العيـد !!

ويختـاروا لى لــون حـذائى ، وساعــات نـومى هم أيضـا الذين يحـددونهــا وكذلك الأشخاص المسموح لى بمصاحبتهم والجلوس معهم !!

حتى العروس التى سـأزف عليها يـوم الخميس هم أيضـا الذين إختـاروهـا وإختاروا لى ـ أيضا ـ معها العفش والفرش و... الحلى !!

***

ـ هيا ... هيا ... قم ... قم ... لاداعى للسهر الليلة ... نريدك أن ترفع رأسنا غـــدا ياأمـيــر ... ؟!

هكذا أشــار على أحـدهـم ، وهـو يدس فى يدى قطعة من الورق على شكل مثلث قائلا ....

ـ حجاب يحميك ويمنع عنك العكوسات ... إربطه فى ذراعك ... !!

وعلى الـرغـم من أنـنـى لـم أنـم إلا فى الثـلـث الأخـيـر من اللـيـل ، إلا إننى إستيقظت مبكرا ، وفى رأسى أشياء كثيره تدور ؟!

نـزعـت من النتيجــة ورقــة الأربعاء ، وإبتسمت وأخرجت بسخرية لسانى للخميس ... ؟!

***

كانت السيارة المزدانة بالـورود والبالونات تنتظر فى الخارج ... دلفوا إلى حجرتى يتقدمهم كبير

البيت ... كنت لم أدخل فى ثياب العرس بعد ...

ـ هيا .... هيا ... هيا ياعريس ... اليوم يومك !!

ـ أجل اليوم يومى !!

هكـذا هتفت ، وأمـــام الجميــع أعلنت تـمردى وعصيانى وأمليت عليـهـم قبل أن أدخـل فى ثياب العـرس ، شـروطى ... عـقــدت المفاجــأة ألسنتهم وأقبل بعضهم على بعض يتشاورون ... قال كبير البيت ...

ـ ألم أقل لكم ... إنه ولد عاق ؟!

وجــرى بعصبيـة نحــو الباب ... أمسك المقبض بيد وبالأخــرى أشــار إلى الخــارج ...

ـ إلقوا بـه وإلا ..... !!

وقـبـل أن يكـمـل تهـديـده كنت مثل الجــوال ملقيا بى فى قارعة الطريق !!

( هامش ) ... !!

أحس أننى أريـد أن أقـبـض على الهـواء ... أحتـويـه بين ذراعى ، وأطـيـر وأرفرف ... أســابـق ذلك العصفـور الطليق ، وأنا أتنفـس وأرقـص وأغنى بصوت عال أغنية الحرية .

تمت

( الجرة )

عندما خرجت إلى الشط أسدلت ثوبها ، وقالت ...

ـ حد يرفع لى ... !!

***

كنا ، بعد أن قفزنا ـ أنا وصديقى ـ من ســـور المدرسة هاربين من عصــا مـــدرس الرياضيات ، نعــرف أن المــــورده فى هـــذا الوقت تعج بالنساء والبنات ، فذهبنا للتلصص وإختلاس النظر، والإنتظار إلى أن يحين ميعاد جرس الطلقه؟!

***

قمنا بنشاط ولهفه ـ فى وقت واحد ـ نتدافع... كان كلانا يحاول أن يصل إلى أذنى الجـره قبل الآخــر، وعندما إلتقت أيدى كل منا على أذنـيها ، إبتسمت بخبث ، وإستدارت ترفع زيل ثوبها تعصره من الماء العالق بـه على مبعدة منا !!

***

إقتربنا بالجره فسارت ... سرنا وراءهـــا ، وهى أمامنا تعصر زيل الثوب مرة فينحسر عن ساقيها العفيتين، ومرة تنفضه فيظهر قميص نومـهــــا وتعــود وتشده من الأمام فيلتصق بمؤخرتهـا، وهى تسير تتماوج وتتثنى محدثة فرقعة بطرف شبشبها الزنوبه !!

ومرة تخلع الإيشارب وتترك لشعرهــا الحريـــــة فينساب ، ويهفهف على كتفيها كلما هبت نســـمة، وبين الحين والحين تستدير وتبتسم لنا فيرقص ويرتجف رغبة ورهبة قلب كل منا ، ووراءها بالجره نتبعـــها ونحن نمنى أنفسنا ونهيىء لها إمرأة عذبه تغتسل بماء النهر ؟!

***

عندما إقتربت من الدار أرخت ثوبها وهندمت نفسها ولملمت شعرهـــــــا المنساب يهفهف على كتفيها ... دســتــه تحت الإيشارب وربطت عليه !!

إستدارت ... لم تبتسم ـ هذه المرة ـ لنا وهى فى مواجهتنا من داخل عتبة الدار ؟!

تناولت الجـره بيد، وبالأخــرى أوصـدت الباب فى وجهينــا... نظرت إلى صديقى ... نظر إلى ... كانت الدهشة والخيبة تكسو وجهينا ، ثم أطلق كل منا ساقيه إلى الريح عندما ترامى إلى أسماعنا صوت كلب فى حالة هياج يعوى من الداخل ؟!

تمت







( تحليــة بضـاعــه )




عندما سألت مديحه بعد اليوم السابع من زواجنا ....

ـ تعرفى سيد طه ؟!

أجابت ...

ـ لأ ... !!

ـ ولا حسان عبده ؟!

ـ ولاحسان عبده !!

ـ طب وعلى عبد المتجلى ... تعرفيه ؟!

ـ لأ ... ماأعرفهوش !!

فسألتنى مديحه بإستغراب ...

ـ ليــه ... ؟!

فعدت وسألتها مــرة أخرى دون أن أجيبها على سؤالها ...

ـ طب شفتى سيد مره فى بيتكم ... ؟!

أجابت ...

ـ لأ ... !!

ـ ولا حسان ... ؟!

ـ ولاحسان ... !!

ـ وعلى ... ماشفتيهوش كمان ؟!

ـ ماشفتهوش .. ولا جـه بيتنا خالص !!

فزفرت بنفــــاد صبر وعصبيـــة ، وقــد أحست برائحــة ما تفوح من خلال أسـألتى المتتابعه ، وزعقت ...

ـ هو فيــه إيـه ... ؟!

فقلت لها ...

ـ ماتاخـديش فى بالك !!

وعندما سألتها ...

ـ طب حــد من أهلك جاب سيرتهم قدامك ... ؟!

قامــت منتــــوره ودخلت غـرفـــة النــــوم وأوصـــدت ـ خلفها ـ الباب بعصبيـــة .

***

عندما قابلت صديقى عبد العزيز قلت له ...

ـ إكتشفت إن أهل مراتى إستغـفلونى !!

ـ إزاى ... ؟!

ـ لمــا إتقدمــت لطلب يـــد مديحــــه قالـــولى إن سيــد طــه وحسـان عبـــده وعلى عبد المتجلى طلبـــوا يــدهـــا من قبـلى ، لكنهم فضــلونى عليهم ، وبعـديـن عرفت إنـــه ولاواحد منـهم حتــى قال لهم سلامــو عليكم !!

فضحك عبد العزيز ، وقال ...

ـ ماتاخدش فى بالك ... دى إسمها تحلية بضاعــه ... !!

ثم سألنى ...

ـ عملت إيه فى موضوعى ... ؟!

فسألتــه ...

ـ إيه هو موضوعك ... ؟!

ـ إنت نسيت ... ؟!

ـ فكرنـــى ... ؟!

ـ موضوع جوازى من أختك عـزه ... ؟!

فقلت بعد أن إعتدلت فى الجلسه وملت إلى الوراء ...

ـ إدينى فرصه أعرض الموضوع على الجماعه ... أصل لطفى وجلال وصابر أولاد عمــى طالبين القــرب منهــا ، ورجــب إبن خــالتى إتصـــل من السعوديــه عـــاوز يحجزها ، وأم طاهر كلمت أمى عاوزاها لإبنها جابر ... !!

***

عندمــا وقفت ـ فى المساء ـ أمــام المـــرآة أحلق ذقنـى وتـذكرت مادار بينى وبين عبد العزيز لم أملك نفسى من الضحك ... فسألتنى مديحـه التى كانت تجهز العشاء فى المطبخ ...

ـ بتضحك على إيه ... ؟!

فقلت لها ...

ـ ماتاخديش فى بالك ... دى تحلية بضاعه !!

( تمت )







( نفيسة )




( 1 )

ـ فضيها سيره ياأمه ... !!

هكذا صرخت فى وجه أمى عندما قالت لى ...

ـ تاخد نفيسه ... ؟!

( 2 )

عندما إتشحن الحريم بالسواد ، وأقمن فى الـدار مندبة . كانت نفيسه صغيرة ، وكنا عيالا ، وكلما سألت نفيسه أمى عن أمها تقول لها ...

" راحت فوق ... عند ربنا " ؟!

فتنام ، بعد أن تكون شبعت بكاء ، فى حضن أمى !!

( 3 ) ـ إتلهى ... جاتك خيبه !!

هـكـذا صــرخـت أمـى فى وجـهى ، وهـــى تمــط فى شفتـيها إستـهــزاء وسخــريــة عندما قلت لها ...

" خلاص ياأمه أنا موافق آخد نفيسه " !!

( 4 )

عاشت نفيسه ـ بعــد أن إستحلف عمى أبى وأمنـــه عليها قبـــــل أن يسافر إلى بلاد بــره ـ معنا فى الدار إلى أن كبرت ، وكبرنا معا ، وعرفت أن أمها لن تعود من فوق من عند ربنا ، فكانت تقول لأمى مثلنا ... " ياأمى " ، ولأبى .. " ياأبى "... ونحن كانت تنادينا بإخوتها !!

( 5 )

ـ معقول ... دى نفيسه الجربانه ؟!

تغيرت ملامح نفــيسه ، وتكشفت مفاتنها وأنوثتها بعد أن سلمنها النسوة ليد توحـه التى جاءت بحقيبـة يد بمجرد أن فتحتـها وجت منها رائحـــة عطره ، وأخذت تخرج منها المساحيق والبودرة والمكحلة والأحمر شفايف ، وبأصـابع مدربة راحت تنتف وتحفف وتجمل فى نفيسه !!

ـ أنا قلت هاآخد نفيسه يعنى هاآخد نفيسه !!

هكذا صرخت فى وجه أمى .

ـ ياابنى إفهم ... نفيسه خلاص .. إتكتب كتابها ، ودخلتها يوم الخميس !!

هكذا صرخت أمى فى وجهى .

( 6 )

لم يقتنع أبى هـــــو الآخر بكلامى عندما قلت له ، وهو يتربع على الدكه فى المندره ويكركر فى الجوزه ...

" ياأبا الحاج إحنا أولى بلحمنا " !!

فصرخ فى وجهى ، وقال لى كما قالت أمى ...

" إتلهى ... جاتك خيبه " !!

( 7 )

ذهبت ـ خلسة ـ إلى غرفة نفيسه ... كانت منهمكة فى ترتيب أشيائها ...

ـ حموده ... تعالى ياحموده ... !!

كنت أود أن أصــــرخ فى وجهها ، وأقول لها أن إسمى أحمد ، وأننى كبرت ولم أعد عيلا صغيرا كى تنادينى بحموده ...

" حاســه إنى ملخومــه ، ماأعـرفش ليــه ياحمـــــوده ... هــو الجــواز بيلخم كـــده والنبى تاخد الشنطه دى ياحمـــوده ... نــزل ياحمــــوده الكرتونه إللى فوق الدولاب مش طايلاها ... جبت ياحمـوده حاجـــــه ساقعه لعبد الواحد ... هو قاعد فى المندره مع أبـــويا الحاج وإللا مشى ... إبن حــــــلال ... مش كـــده ... شــــــوف ياحموده الفستان إللى جابهــولى ... عقبالك ياحموده لما تلاقى بنت الحلال ... إنت ساكت ليه فيه حاجه ياحموده .. إنت ليه لحد دلوقتى ماقلتش مبروك لأختك نفوسه ... " ؟!

( 8 )

كان الكلام محشــورا فى زورى لايــريد الخــروج ، ولسانى فى فمى كأن الخرس قد أصابه ، وكانت نفيسه تتحرك كثيرا وتتكلم كثيرا وتملأ الغرفة بأشياء كثيره !!

دلفت أمى ، وفى إثرها البنات بالطبل والزغاريــد إلى غرفة نفيسه .. إبتلعنى المكان وتهت وسط ضجيج وصيـحـات وإبتهاج البنات ، وإنشغالهن بالتقـريص فى ركـبـتى نفيسه عسى أن يلحقن بها ويتزوجن قريبا !!

لم يعبــأ بى أحـــد .. خرجت أجرجر فى قدمى ، وأمام المرآة فى الغرفة وقفت طويلا أتأمل ذلك الوجـه الذى يقف أمامى فى بلاهة !!

أخرجت لــــه لسانى ، فأخرج لى لسانه ، وكنت كلما فعلت حركة لإغاظته فعل نفس الحركــــة لإغاظتى . حتى وجدتنى بملء فمى أبصق فى وجهه المكفهر وأصرخ فيه

ـ إتلهى ... جاتك خيبه !!

( تمت )

بهاء الدين حسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى