الأربعاء، 12 يناير 2011

رجل زجاجي …. امرأة ثلجية / للمبدعة السورية/ فاديا عيسى قراجه



بقلم:

فاديا عيسى قراجه

........

- الكاتبة:

لقد مرت قوافل لا تعد ولا تحصى فوق نيران رمالي , كانت تلفظ أنفاسها تحت سنابك أبجدياتي القاهرة , تتلظى, تقاوم , ولشفافية قلمي كنت أحقق لها الموت الرحيم , برصاصة هي من تستجديني كي أطلقها ..

كنت أخترع فصولاً لا شجر فيها ولا مطر, لا جفاف ,ولا ربيع… فصول ورقية لطبيعة من روق , كنت أرسم رجالاً يشفون ككأس النبيذ . أفصِّلهم من أجساد نساء شبقات لا يرحمن ذكورة تتهالك فوق جسور الرغبة التي لا تشبع

كانت تتسابق , وتتزاحم مفكرتي بأسماء, وأشكال يقتلها حرفي , فمن سيكون له الحظوة , ومن سأصرف, ومن سأمحو , ومن سيكون القريب .. ومن سيكون المضطهد, ومن الأثير ؟؟؟

لكنك كنت لعبة أخرى لم ُأجدْ توزيع أحجارها فوق رقعة مثقوبة , مبللة بريق الخطيئة الدبق ..كنت مختلفاً مثل فصل سوريالي هارب من لوحة تخترق جدار الوحدة ..

ولأجل ذلك لن تكون فارس قافيتي.. أنت هامش في النص , قد أحتاج إليك كي يمر حرف عطف , أو نقطة على السطر, أو لفاصلة تفصل الأقوال عن الأفعال .. غير ذلك لن تنفع نصوصي , ربما ستصيبها بالترهل لو مررت أمامها أكثر من مرة ,ربما ستخمد براكينها لو كنت فاعلاً غير مفعول به.. هناك أشياء كثيرة تنتظر عند العتبة كي تعبر عبور الفاتحين ,ترفع سيوف اللقطة التي ستقطع الشك باليقين ,مدفوعة بأبجدياتي التي حفظها قرائي عن ظهر قلب , ماذا تعرف عن الحرائق التي أشعلها في البلدان كلها ؟ ماذا تعرف عن المجون الذي أبني له في كل صحراء, وواحة, وشاطئ, خيمة , حيث تمتزج الحروف, وتشرأب أعناقها فوق حقول الورق المراوغ, وتتناسل وتنجب , ويكبر الزرع ويطير محلقاً بعيداً عن السرب .. ماذا تعرف عن الإختلاف .. ماذا تعرف عن عري الكلمة ومجازها , وغواياتها, ماذا تعرف عن عهر الفكرة التي لا تنجب سوى أولاد الشوارع الذين يمسحون أحذية اللصوص, و يستحمون بالغبار والشوك , ويأكلون من فضلات القصور ,ويفترشون الحصى في شهور النار, ويكبرون قبل أوانهم بآلاف السنين, ماذا تعرف عن جوع كاتبة إلى رجل لم يأت , ولن يأتي, رجل تنسجه من خيوط المستحيل, رجل تصلي لقدومه كل يوم وقد تضرعت لو أن حروفها تموت, وتريحها , كي تبني ذلك العالم السعيد الذي يتزوج في نهايته الأبطال, وتكتم أنفاس الكاتبة التي تزأر في دمها , وتنام نومتها الأبدية ..

أما أنت فمثل أي جوع عادي, أعريه بحروف خريفية مثل أيلول , أقطعه بمُدى الوقت ,أتلذذ بدماء عفته, ثم أنتقي أشهى القطع , ألوكها على مهل .. وأحتفظ بعصارتها مثل مدمن يستحلب النشوة في خلوته

..

- العاشق:

اسمعي يا لبوتي ..

يكفيني أن أكون علامة غير فارقة فوق دروب سطورك , يكفنيي أن أكون خطاً أفقياً صغيراً تبدأين به النص, أو فاصلة بين قول وفعل , يكفيني أن أدخل دهاليز جحيمك وأنصهر في بوتقة براكينك, فتراب البراكين هي سماد الأرض ونور الليل , ونجمة المشتاق إلى بلاد لا حدود لها , يكفيني أن أشارك فكرة اشتعلت فوق جبينك المتغطرس ,يكفيني أن تصافح ضآلة قهري, رقصات الجنون فيما تكتبين , فأنا زر صغير ينام فوق قميص أفكارك , أسمع نهداتك , وتستعر في داخلي الأمنيات , وأستيقظ قرب حمم روحك , أشتمُّ عبق جرائمك , وأتلوث بفحيح خططك ,وأتلذذ بعصابات الحروف التي تخترق القوانين, وتتحرك تحت غطاء الليل..

دعيني أتكئ على ضفاف الحرف الذي تخترعين , دعيني أغوص بكليتي في نهر خرافاتك وأساطيرك .. فأنا رجل قدَّه الخالق من زجاج يتهشم بسرعة ولا يصمد أمام رياح فتوتك ومجونك .. فكوني ثلج لياليه وزمهرير وحدته , كوني أنثاه لليلة واحدة ثم اقتليه برصاص شياطينك ..فإنني أتلهف كي أدخل نصك آمناً , ثم أغادره قتيلاً ..

- التحام

(تشابكت الأفكار خيرها مع شرها ,ُتقاها مع مجونها, تعاطفت الفكرة الذكر, مع الخالق الأنثى , تساقط مطر الأقلام أمام ومضة طارت بغفلة عن النص ثم تحولت إلى نافذة زرقاء يتكاثر على زجاجها ثلجٌ أبيض لا يهدأ).


هناك تعليق واحد:

  1. اختيار موفق
    وكتابة ممتعة وبهاعمق فكرى
    محمود الديدامونى

    ردحذف

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى