السبت، 4 يونيو 2011

أَنْشُدُكَ اتِّسَاعًا قصيدة : للشاعرة عائشة الحطاب







أَنْشُدُكَ اتِّسَاعًا

قصيدة :

للشاعرة عائشة الحطاب


دَعِ الْفَجْرَ يَسْتَحِمُّ فِي عَيْنَيْكَ،

وَيُخَصِّبُ الْإِشْرَاقَ ابْتِهَالَاتٍ خُضْرًا عَلَى نَرْجِسِ الْخَدِّ..

دَعْهُ يَتَوَضَّأُ يَا مَاءَ السَّمَاءِ،

وَيَحفَلُ بِعَنَادِلِ الضَّوْءِ عَلَى جِيدِ الزَّنَابِقِ،

فَأَطْلِقْ حُقَولَكَ عَصَافِيرَ بَيْضَاءَ لِتُحَلِّقَ بِوَجْدِي،

وَتَحُطَّ عَلَى كَتِفَيَّ رَسَائِلَ مِنْ أَمَلٍ

أَدَّخِرُهَا فِي بَرِيدِ الْأَنْقِيَاءِ،

فَهذَا الَّذِي يَتَلَأْلَأُ بَيْنَ رُمُوشِكَ بَرِيقُ الْحُبِّ،

وَهذَا الَّذِي يَتَسَاقَطُ مِنَ اللَّيْلِ رَذَاذُ حُلْمِنَا

فَنَحْنُ مُشْتَعِلَانِ بَيْنَ اللَّسْعَةِ وَاللَّسْعَةِ،

وَالنَّحْلُ مَا بَيْنَنَا،

وَكِلَانَا يَعْرِفُ الْإِشَارَةَ إِلَى أَسْرَارِ الرِّضَا

عَسَى أَنْ أَبْلُغَ مَا فِي عَيْنَيْكَ مِنْ صَبْوَاتٍ،

وَأَزْهُوَ قُبْلَةَ التَّوْبَةِ عَلَى ذِرَاعِكَ.

*

أَمْضِي بِأَصَابِعِ النَّحْلِ عَسَلًا مُبَارَكًا،

وَتِلْكَ جِنَانِي فِي قِيَامَةِ الشَّفَتَيْنِ

سَلَاسِلُ مِنْ أَنْهَارِ الْحَلِيبِ

تَتَجَلَّى فِي كُؤُوسِ النَّارِ

دُونَهَا المَمَالِكُ مَنَائِرُ وَكُرُومٌ،

فَمَا مِنْ بَالِغٍ بِصَلَوَاتِهِ شَأْوَهُ الضَّوْءَ

سِوَى حَامِلِ الْمِرْآةِ،

أَوْ مَنْ يَمْشِي عَلَى عَيْنَيْهِ بِسَرَابِ الْبَرْقِ؛

مِنْ حَلِيبٍ إِلَى دَمٍ

وَمِنْ دَمٍ إِلَى حَلِيبٍ.

*

الصَّلَاةُ بَرْقِيَّةٌ خَضْرَاءُ إِلَى الْأَعَالِي

لَا تُخْطِئُ الْإِشَارَةَ الضَّوْئِيَّةَ،

وَلَا حَاجَةَ إِلَى دَلِيلٍ بَصِيرٍ

يُدَوِّنُ الْيَقِينَ عَلَى سَجَّادَةٍ فَاتِرَةٍ،

أَوْ فِي دَفْتَرِ الذِّاكِرَةِ؛

هذَا الَّذِي نَحْمِلُهُ فَوْقَ جِهَةِ الْقَلْبِ دَائِمًا،

وَحَسْبُنَا الْأَجَلُ صُرُوفُ المَاضِي

فَلَا مِنْ رَابِعَةٍ فَوْقَ هذِهِ الْأَرْضِ

إِلَّا وَخَامِسَةٌ يَتَقَلَّبُ حُلْمُهَا عَلَى غَيْمِ الذَّاكِرَةِ.

*

رُبَّمَا أَجِدُ حَلِيبِي فَائِرًا

بِأَنْفَاسِ زِنْجِيَّةٍ تَطْهُو جَمَرَاتِي

لِأَبْلُغَ بِسَوَادِ الْأَرْضِ كُلَّ هذَا السَّوَادِ،

فَأَيُّ رَحِيقٍ هذَا الَّذِي تَمْلِكُ،

وَتَرْكُضُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ الْحَسَنَاتُ؟

وَأَيَّةُ قُبْلَةٍ لَكَ تَتَقَافَزُ الْعَصَافِيرُ فَوْقَهَا بِأَجْنِحَةِ الطَّيْشِ

لِتُسَبِّحَ لِمَنْ أَبْدَعَ وَصَوَّرَ فِي قَوَارِيرَ مِنْ نَرْجِسٍ،

وَزُهُورٍ تُلَوِّنُ الذَّاكِرَةَ بِاحْمِرَارِ الْحُقُولِ؟

*

مَا تَوَهَّمَ الْفَجْرُ بِمَاءِ السَّمَاءِ،

بَلِ اخْتَارَ فِي الْأَرْضِ الْعُيُونَ لِيُشْرِقَ فِي وُجُوهٍ،

وَيَغْرُبَ فِي الَّتِي أَكَادُ فِيهَا،

أَوْ أَكَادُ أَبْلُغُ ذُرْوَتِي الْغَائِبَةَ

خَلْفَ أَنَايَ الَّتِي تَنْشُدُ الْأَعَالِي اتِّسَاعًا.

-

-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى