الخميس، 4 أغسطس 2011

عائشة الحطاب تنجح في ترويض سردشت...كتب ـ عمر الشاهري



عائشة الحطاب تنجح في ترويض سردشت

المفارقة التي وظفتها الشاعرة في نهاية النص تمثل لحظة الجمع بين سردشت الصحفي وسردشت المتخيل.

ميدل ايست أونلاين


كتب ـ عمر الشاهري


اختيار لحظة القنص المباشر

بعد أن أعلنت نتائج مسابقة نازك الملائكة لقصيدة النثر بساعات معدودة أثيرت جملة من الأسئلة عن طبيعة النص الفائز بالمركز الأول فيها. ونقول: إنه نص كتب بطريقة هندسية بسيطة، ينتمي الى التيار الذي يزاوج بين لغة الخاطرة السردية والمستوى البلاغي للجملة الشعرية والمجنس حاليا ًتحت تجربة قصيدة الكتلة المنتظر ولادتها لتحل محل قصيدة النثر عند بعض النقاد، وهو نص مشترك يحوي على مستويين من اللغة الخطابية للـ "هو" المنسوبة الى بطل النص والـ "هي" المنسوبة الى بطلة افتراضية، أحسنت الشاعرة عائشة الحطاب في ترويضه ليتناسب ومستوى الخطاب الكامن بين أروقة النص.

إن من يحاول الوقوف عند عتبة العنوان يفاجأ بوجود أكثر من وقفة يمكن البحث فيها لإضاءة ما يمكن أن يعتريه النص من جوانب مرسلة، فاستخدام فكرة المزاوجة بين عنوان نيتشه "هكذا تكلم زرادشت"، وطبيعة الخطاب المنتظر هطوله على سطح النص يمثل وقفة لمن يريد أن يحلله وكذلك المزاوجة بين ثناية الـ "تكلم" والـ "مقصلة" يمثل وقفة أخرى الى أن يتوافد صرير مفردة الـ "حب" لتكشف عن طبيعة الخطاب الذي قد يتضمنه عموم النص، وهو بهذا يمثل إفصاحة ذكية للكاتب الذي ابتعد عن مستوى الخطاب الاشكالي للموروث الديني أو العرقي أو السياسي والذي كان فيما مضى عقبة فرقت وتفرق بين مكونات شعب لم توحده سوى القوة فيما مضى، إلا أن ما يطرحه الشاعر في نصه بديلا عن سلطة القوة أو الدين أو السياسة، من إبجديات تؤثث للغة الحب والتسامح لتكون انطلاقة لثورة بنفسجية كثورة المهاتماغاندي ومانديلا والمسيح.

إن سردشت المطروح هو سردشت إشكالي، ولا نعلم ان كان يمتُّ بقريب أو بعيد لسردشت عثمان المقتول ظلما ًعلى قارعة رصيف في شارع متهالك على طريق الموصل، فسردشت هذا لم يشر الى كونه صحفيا ولكنه شخص متكلم كفيلسوف نيتشه، يبعث برسائله المليئة بتصويرات رقيقة الى حبيبته الافتراضية، بينما سردشت الحقيقي صحفي أوقعه سوء حظه ليطرح سؤالا ًاشكاليا ًيوحد فيه هموم كل انسان بسيط في هذا الوطن الممزق، عندما قارن بين الامتيازات التي حظي بها إقطاعيو زمن الديمقراطية الجدد والمواطن الكردي البسيط في مقالاته التي اشعلت الدنيا ولم تقعدها الا بمصادرة روحه البريئة، ليفتح النار بموته على قضية اشكالية أوسع.

فالمواطن الكردي لاقى من اضطهاد الحكومات السابقة سواء أكانت في العهد الملكي أو العهود الجمهورية المتتالية لا لشئ الا لأنه اعتبر من قومية أدنى من باقي القوميات، وكانت عملية استئصاله مسألة عرقية متلبسة برداء القومية أحيانا ًوبرداء السياسة أحيانا ً أخرى. الا أن عملية استئصال روح سردشت هذا كان ممن يدعون النصرة لشعب مقهور ومظلوم ديمغرافيا ًوسياسيا ًوعرقيا. وهو بهذا يوجه ضربة الى حقيقة ما تنادي به تلك الجماعات المقنعة برداء الوفاء لمبادئ لم تكن لتوضع الا لتؤسس لانبثاق طبقة برجوازية طاغية لم تختلف عمن سبقها الا بقناع القومية الزائف لتبرهن أمام الجميع بأن الديكتاتوريين كلهم واحد يجمعهم حب السلطة وانتهاب المال ولتذهب شعوبهم ومبادئهم الى الجحيم.

ولعل المفارقة التي وظفتها الشاعرة في نهاية النص تمثل لحظة الجمع بين سردشت الصحفي وسردشت المتخيل عندما أفصح في هامشه الى طبيعة ما أثير حول ظروف تلك الشخصية ممهدا ًلاختيار لحظة القنص المباشر للموقف الذي كان سيرتب خارطة للدخول الى دهاليز شخصيته المؤسطرة نوعا ًما بلغة الحب العذري المتناوم بين ثناية كف سايرت لحظة للرحيل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى