الأربعاء، 20 أبريل 2011

العودة من المنفى بقلم: شيرين العدوى

- شيرين العدوى تكتب ... د.عصام شرف قلبى مكسور-


العودة من المنفى


بقلم:

شيرين العدوى



ويا وطنى لقيتك بعد يأسٍ كأنى قد لقيت بك الشبابا
هكذا صافح الشاعر العظيم أحمد شوقى مصر بعد عودته من منفاه بالأندلس عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وقد كان شعور المنفى لدى شوقى منتجا عدداً من أجمل قصائده، فالشاعر كالنور إذا حبس نفذ فكان أقوى وأمضى، وإذا نفى كان كالشمس ينفيها الليل فتتحايل عليه بعودتها فى صورة القمر، لتكون نبراسا هاديا (للتائهين على دروب الوهم والسفر الطويل).

هذا ما شعر به شوقى عندما أجبر على ترك الوطن، فما بالنا بشعور النفى داخل الوطن، كل أبناء الوطن أحسوا فى الآونة الأخيرة بأن مصر التى ولدتهم ورضعوا غمامها، تحولت إلى (كورنوس) الذى يبتلع أولاده فور ولادتهم فهانت عليهم نفوسهم وأجابوا النداء (بيدى لا بيدى عمرو)، فمنهم من قضى نحبه بيده إما رميا بنفسه من فوق كوبرى قصر النيل، أو شنقا، أو قتلا بالرصاص لأولاده ثم لنفسه من الفاقة وشدة العوز، ومنهم من انتظر ولكنه انتظار فى صورة غربة حقيقية عن الوطن بالهجرة إلى الخارج ، أو هجرة داخل النفس المتألمة ، فتقوقع على حاله ورفض المشاركة فى محاولة من محاولات الدفاع عن النفس، فقاوم الظلم بالصمت البليغ ، وأحس بهوانه على حاكميه وبالقهر المقنع، فانسحب إلى داخله ونكس رأسه فجاء شعار الثورة المجيدة راداً للروح غربتها وللوطن معناه (ارفع راسك فوق إنت مصرى).

هكذا عاد أبناء الوطن من منفى الثقافة بانتشار الشعر والرسم فى ميدان التحرير، ومن منفى السياسة بالمشاركة الفعلية فى الاقتراع وتكوين الأحزاب، ومن منفى السلبية بالإيجابية فى صورة مطالب فئوية وإن شابها بعض الشوائب ولكنها علامة ايجابية بعدم السكوت عن الظلم بعد اليوم.

ورفعنا رؤوسنا لأن مصر التى تلبستها روح الشيطان وحولتها إلى وحش ضارٍ قد غادرتها الآن وإلى غير رجعة فعادت مصر من غربتها إلا قليلا، أتفهم مخاوف الجميع من أداء الحكومة من وجود بعض الوزراء المغضوب عليهم من قبل الشعب، ولكن ما تم الآن برغم هذه السلبيات جيدٌ جدا، الآن بدأت تظهر ملامح الثورة، وكذلك بدأ يظهر أداء الدكتور عصام شرف الذى يتسم بالهدوء ولكنه أيضا يأتى مستجيبا وفورا لآراء الشباب، ولنبض الشعب، ولمطالب العقلاء من أبناء الوطن.

وعادت من المنفى على إثر ذلك اتفاقيات الجنوب التى جففها النظام السابق بزيارة الدكتور عصام شرف المتميزة للسودان وبمبادرة الوفد الشعبى رفيع المستوى إلى أوغندا، وبالترتيب الآن لزيارة أثيوبيا من كلا الطرفين (الشعبى والحكومى) ليغمر ماء الفرح شقوق الروح فى أرض أفريقيا فتهتز وتربو بعد طول تصحر كان مقصودا بسبب حادث اغتيال الرئيس السابق فى أديس أبابا الذى أعتقد ان الموساد يقف وراءه ،وكان المقصود من هذا الحادث إغضاب الرئيس السابق فقط من دول الحوض وإلا لما سربوا الخطة لعمر سليمان ليتخذ الإجراءات التأمينية لحياة الرئيس، فالموساد يدرس الشخصيات العربية ويحللها نفسيا ليوجهها نحو تحقيق أهدافه.

استغل الموساد إذا شخصية حسنى مبارك المعجبة بنفسها والعنيدة فى الخصام والتى لا تصفو أبدا إذا جرحت وتمعن فى الانتقام من أعدائها، واستغلوا وقتها اختلافه مع الرئيس السودانى بالاستعانة بعناصر سودانية فى تلك الخطة ليدفعوه لمحو الأجندة الجنوبية من خريطة فكره وليدخل مع دول الحوض من المنبع إلى المصب فى ألد الخصام، وليحرم مصر من امتدادها الطبيعى، هذا فقط إمعانا فى الانتقام لذاته فحياته أجل وأعظم من عطش ثمانين مليونا بسبب الإهمال المتعمد.

وللشعب مطلب أخير أضعه على مائدة المجلس العسكرى والدكتور عصام شرف بعودة الشرطة من منفاها أيضا بكل الحزم والحسم وبشكل مكثف، فمازال الشعب يشتكى من انتشار أعمال البلطجة والعنف، وقد أحزنتنى جدا مقولة لإحدى قريباتى عبرت فيها عن الفراغ الأمنى فى الشارع بقولها: النشيد القومى للثورة (هات إلى معاك) فى خفة ظل تصورتها كذلك ولكنها دخلت كالسم إلى كل أعضائى، وكأنها اغتالت شرف الثورة وهيبتها فهلا دافعنا عن شرفنا بحماية الوطن والشرطة.

أريد أن نعود من منفانا عودة أبدية، ونستوعب مخاوف طوائف الشعب المصرى من مترقب، وخائف، وطامح، ومتشكك، ولكنى أتمنى أن لو أتت الأفعال فى وقتها الصحيح، فقهر الوقت والانتظار فى انتظار ما لا يجئ يولد حالا من اليأس والقنوط وخصوصا إذا ضاعت فورة الشباب ودق الكبر أبوابنا، فتصير الآمال المتحققة وقتها بلا معنى، فأجمل الأشياء وأروعها ما يأتى فى موعده.

الآن أقول لمصر ما قاله الشاعر الهندى (رابندرانات طاغور) للعصفورة فى عمله الشعرى (البستانى):
إيه أيتها العصفورة، يا عصفورتى، أصغى إلى ولا تطوى جناحيك
من أجلك ليس ثمّ أمل ولا خوف
ليس ثمّ كلام ولا همس ولا نحيب
ليس ثمّ بيت ولا سرير راحة
ليس ثمّ سوى جناحيك والسماء الرحيبة
الآن حان وقت مصر ترفع جناحيها وتحلق فى سماء من العمل الشاق غير مبالية بالصعاب فثم من يحمى ثورتها، فشكرا دكتور عصام شرف أيها التقى النقى الطاهر العلم، وشكرا للقوات المسلحة جبل الصمود الذى تسند عليه مصر ظهرها غير مبالية بالمخاطر، وشكرا للثوار الشرفاء والكتاب الأفذاذ الذين قادوا الثورة المجيدة بشرف ونزاهة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى