الخميس، 28 يناير 2010

قصص قصيرة ... بقلم : افين حرسان





.......

بقايا أنثى




قال: " شالك بحجم نصف بحيرة أخاف أن أغرق فيه، وكما تعلمين لست أحبُّ السباحة "
ثم هز رأسه مؤكداً، ففكت الشال عن كتفيها ثم تركته ينسدل على طرف الطريق..

قال: " شعرك طويل أخاف أن أدس يدي في طياته فأضيع "
ثم تنحنح و أدار وجهه ناحية قطةٍ تموء، فقصت شعرها وبعثرته ليطير مع الريح..

قال: " لآلئ عقدك كثيرة أخاف أن أحصيها فأنسى العد "
ثم حرَّك أصابعه في كل الاتجاهات، فقطعت عقدها و رمت لآلئه إلى الخلف .

ولمَّا أصبحت آمنة لفَّ ساعده كأفعى حول خصرها، قبَّلها قُبلة جليدية ثم سار في طريقه..
وبقيت هي مستندة إلى جذع شجرةٍ هرم بشعرٍ قصير، دون عقدٍ، دون شال..

تمت


......


( وحيدا على بوابات الطرق )



في ليلٍ يسير..يسحب خطوته فوق بوابات الطرق و يزفر دون اهتمام بقايا الهواء الذي يدخل رئتيه، ثم يحدِّق في دهشة في إشارات المرور المتروكة دون سيارات...
في ليلٍ ينظر إلى النوافذ المشرعة دون وجوه، و يستنشق غبار الورود عن الشرفات الخالية..
الصيف يدور.. والسماء بعيدة.. والقمر ينعكس على أوراق الأشجار..
يمد يده ليقطف ورقة من كل شجرة يدسُّها في أحد جيبيه، ويستمر يسير فوق خرائط العالم، يرسمها خطاً خطاً ولكل شجرة يكتب اسماً ولا ينسى أن يقطف ورقةً من كلٍ منها.
الشجرٌ كثير و الورق لامع يدسه في أحد جيبيه !

فصل أول :
السيدة ذات الأقراط الماسية تنتظر مع كلبها الأبيض في سيارةٍ بحجم صالة بلياردو..
يمر بها وهو سائر..يقفز الكلب من السيارة، يقترب منه، يدور حوله وهو يهز
ذيله ثم يقفز نحو جيبيه المنتفخين بأوراق الشجر..
أما هو فيبتسم ثم يخرج حفنةً من الأوراق، يتركها تنساب بهدوء فوق رأس
الكلب الصغير، يشم الكلب الأوراق المبعثرة ثم يئن مبتعداً..
تناديه السيدة وتقدم له قطعة لحم أخرجتها من سلته الخاصة، يقترب منها
الكلب، يتوقف لحظات، ينظر إلى أوراق الشجر المبعثرة ثم إلى قطعة اللحم،
وفي لحظة يقفز ليمزق كُمَّ قميص السيدة الحريري.
أما هو فيستمر يسحب خطوته..يبتسم وهو يسمع نباح الكلاب الشاردة
ترحب برفيق جديد.
فصل ثانٍ:
الليل يتكاثر.. تلتمع النجوم أكثر، درب التبانة يظهر أبيض مثل الكلب الصغير،
يقولون أن درب التبانة ارتسم لأن زوج المزارع أهرقت دلو الحليب،
ماذا لو لم يكن هنالك حليب؟!
هكذا يفكر قبل أن يستدير القمر نصف استدارة ليلتمع على قبعة الشرطي ثم
يسكن، تلتفت القبعة وهو لا يزال يسحب خطوته، تلتقي العيون فيدس يديه في
جيبيه ويخرج أوراق الشجر ليحشو بها قبعة الشرطي، يعيدها، تستدير القبعة..
غداً..بعد الفجر بساعات، سيمر السيد بسيارة أخرى. بحجم صالة بلياردو..
وسيرفع الشرطي قبعته محيياً فتتناثر الأوراق التي لمَّها طوال الليل..
على مرِّ الطريق.



تمت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى