الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

قصائد للشاعرة السورية صبا قاسم








قصائد للشاعرة السورية صبا قاسم


رمال
 
 
لم أبنِ مدني من رمال،
ولم تخطفني قهقهات الكريستال.
أحببت رائحة البسكويت المحشي بالشوكولا،
لكنها لم تملأني بزيوت النبات.
لم أقتل الضوء على مرمى مبصرين،
ولم تعمني بهرجة أعياد الميلاد.
كثير الرّقع
لم يبعدني عن واجهة المعنى،
بل لبستني الكتب المستعارة حتى منحتني الحضور.
لم ألهث وراء ارتفاع يزيد عن قفزتي الصغيرة،
وإصيص الورد حول أسوار (الهاي كْلاس)
سقيته بمرور الكرام.
لم أقتل الكلمة التي حرّمها القلب،
ولم أطعن الحنين من الوراء..
إنّما
بنيتُ نفسي بماء الصخر.
 
 
 

 
 
 ****
 
 
 
 
 
 يشتدّ بي الأزرق
 
 
يكبرني بعشرات القبل،
بمئات الأقداح.
مازلتُ
كلّما لاح موجه عن وَلَهٍ
اشتدّ بي الأزرقُ
لأُطبق شفاهَ الجنون
على عتبة سمائه:
عم بحراً أيها المعنى،
عم سماءً أيها الضياء.
 
 ****

 
 مطر
 
 
إذا تنكّر المطر لهطولكَ
وسُدّتِ المسامُ أمام شوقكَ،
فدثِّرِ الصقيعَ بصفاء روحك،
جادلِ العتمةَ في وحدانية حزنها،
وارقص لخمس هفهفات
وغيابين اثنين بعد الرذاذ،
وتعالَ
مثلَ تانغو يذرف مرونة العتمة
على خصر ماء.

 ****
 
 
حقيبة جسد
 
 
وأنت تيمم قلبك شطرَ نارها،
وأنت تجهّز حقيبة جسدك،
لا تنسَ كلّ الأغاني
كل الستائر التي طيّرتها نسمة خريف
وهي ترقص على موسيقا من شجن نينوى،
لا تنسَ المطر الذي جمعته يداك ولثمه انتظاري،
لا تنسَ حبّة العنب التي نبتت بين عيون بِكْرٍ،
أما حلمي الكبير، إن لم تتّسع له الحقيبة،
فانفخ فيه من روح هرمك الكبير.
 
 ****
 
 
قصيدة
 
 
يا شرطَ القصيدة ويقينها،
كيف لأنوثة مشرَّدة في دنيا الحرف أن تضج بك،
كيف لها أن تعصب عينيها عن اضطرابك واتزانك،
هي خطوط الجسد
على تماس مع القصيدة،
وبعض مرور منك
ستراها تنطقك
وبك تسبّح!
 
 
 ***
 
 
هنا..... ك
 
 
قريبة أنا هنا،
في ذهنك البعيد،
أفتح صندوق رسائلك: ستراني أول المحفوظات!!
 
ربما تضلِّلك رائحتي الخشبية، كما تسمّي أَسْرِيَ ــ
نعم رائحتي أسيرتي وأنا أسيرتهم ،
أسيرة الأقدار المرفوعة والتي ماتزال تحت الطبع.
 
أنا هناك، وراء بابك الذي يشبه فوهة الصمت،
متى أطلقت قلقك نحوي وجدتني لقرون من النهد،
دفينتَك!
 
 ***


جسد وأربعون إصبعاً
 
 
كلماتك مليئة بالأصابع ــ
أصابعك مبصرة وجسدي ضرير،
أصابعك انفجار وجسدي قبلة موقوتة،
أصابعك النار،
أصابعي تقطع حبال الصوت،
أصابعي أميال من الشوق
تتنازع عواصفك
وتبقى ياقة قميصها معبأة بوقتك،
أما جسدي
فرغيف خبزٍ يأكله الشَّوق إليك،
قرنفل سيسجد عندما تلامس
كمنجات أصابعك سجاياه،
جسدي
شمعة منفية عن أعواد الثقاب،
مطعون بضوئك .
ساعاتي تغادرني لأتعرى إلا من مدنك.
شغفك يخز جسدي بأقصى العبق، وأندره..
ضجيجك يعربدُ من زمنِ (أعطني حريتي)!
لا يأسره الا إطلاق يديه.
جسدي معتقل، تكبله مئات اللاءات!
 
 
 
 
 ***
 
 
 
جنون
 
 
آه من جنون لا يتردد في ذرّ الحياة في عيني؛
كلما رميت نفسي
على شطآن فيوضه
وجدتّني أستحمّ بلذة لقاء يهذي ــ
وجدتُّها ــ رائحة الزعتر البرّي.
آه من جنون
يتقمصني كدُوريٍّ يرفرف بك جناحاه، وبي،
يشمّني عن بعدِ ألف زغب وزغب،
آه من جنون
كلما أغمضتُّ جفوني عليه
وجدتُّني مبتلة برائحتك
و.. غدك!


**


 
حريق
 
 
كيف السبيل لكملتي أن تطفئ حريقها فيك
يا فائق الضوء،
يا منقطع العطر،
وقد عقدتْ تفاحةُ قصيدتك الشعر حولي!
كيف،
وقد ارتداني صوتك
وكساني وجهك
حتى القصيدة
حتى أنت!
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بكم..
أشرف بتعليقاتكم..
محبتى