الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

مصطفى العايدي : عندما يجتمع الشاعر والمحاربفي مشهد واحد! بقلم: سمير الفيل
















مصطفى العايدي : عندما يجتمع الشاعر والمحاربفي مشهد واحد!
 
بقلم: سمير الفيل
 
1

يمكنني أن أبدأ الحديث عن مصطفى عز الدينالعايدي من منطقة الطفولة ، فقد كنت أسكن شارع البدري الذي يمتد حتى جامع البحر ،ويسكن هو شارع جانبي متفرع من شارع النقراشي ، بالقرب من سيدي علي السقا ، لكن ثمةحارة مشتركة تجمعنا هي حارة " الست قبيلة " حيث يوجد بائع السبرتو والخلوالشاب الأخرس الذي يحب فتاة رقيقة الحال من الحارة ، وحيث بيوت لم يكن قد دخلهاالماء بعد فكنا نرى السقاء يحمل " القربة " ، ويصب الماء في أزيار فخارية. كانت مصر خارجة توا من هزيمة يونيو 1967 ، فسمعت عن المقاتل العايدي دون أن أقابلهحتى رأيته في إجازة ميدانية من كتيبته العسكرية.

2

كنا كشباب يملأ صدورنا الغضب ، وحدث أن وجدناأن منضدة يوم " الإثنين " لا تعبر عن طموحنا ؛ فصّك محمد علوش جملة دالة، هي " انطلاق الألحان في السكون ثورة " ، ودبج محسن يونس " مانفيستو" لجماعة 73 الأدبية ، وسافرنا إلى أماكن مختلفة ندعو لأدب جديد في بورسعيدوالمحلة الكبرى والمنصورة وغيرها ، وكان مصطفى العايدي هو الأكثر هدوء في الجماعةالتي أصدرت عددا وحيدا من المجلة بطريقة " الإستنسل " ثم انشغل الجميعبالانخراط في الجيش أو بالعمل في ورشة أوالوظيفة أو بالجلوس على المقهى لنجادل بعضنابعضا في السياسة حتى نشبت الحرب ، فإذا بمصطفى العايدي أحد جنود الموجات الأولىللعبور، كان محسن يونس في كتيبة دفاع جوي ، وكان قد تم تأجيل دخول دفعتي للجيشثلاث سنوات .
هانحن  نترقب أخبار الجبهة بتلهف حتى إذا أتى العايديفي أول إجازة ميدانية ، جلست إليه ، استمع في هدوء إلى تفصيلات الحرب ، وحدث أندونت ذلك في أوراق احتفظت بها ، صارت هي المادة الخام لروايتي الأولى " رجالوشظايا " والتي كتبتها في وقت مبكر خلال عام الحرب نفسه ، ثم دخلت الجيش بعدالحرب بعام فأكملت الصورة من خلال حكي بعد جنود الكتيبة 18 مشاة ثم الكتيبة 16 مشاة، وهي التي انطحنت في معارك قاسية في موقعها الملاصق للدفرسوار خلال مغامرة "أريل شارون " لإحداث الثغرة والعبور المضاد للضفة الغربية.
الشيء الغريب أن حكي العايدي للأحداث كاندراميا للغاية ، فحين صهرته التجربة تخلى عن إيقاع الشعر تماما ، واستحضر خشونةالمعارك ، وهو الشيء الذي انتقل بدوره لكتابتي للرواية الأولى التي عبرت فيها عنالحرب من خلال طاقم هاون 82 مم ، وهي سريتي في الجبهة بعد انطفاء الحرب مع وجودمفاوضات الكيلو 101 وبكاء الجنرال النحيف الجمسي بعد أن ضيعت السياسة ما كسبناهبالحرب ، حسب تصوري.

3

كان في بيت العايدي آلة كاتبة ، كنا نستعين بهافي كتابة أعمالنا المبكرة ، وكان للعايدي تجارب ناضجة في شعر العامية منها "حواديت عم ياقوت" ، وكان يسمعنا إياها خلال إجازاته قبل أن يستقر تماما عندمرفأ محدد ، هو شعر الفصحى . كان العايدي دائما كريما مع أصدقائه ، وحدث أنه في الإجازةالأولى التي نزلها من الميدان  أن أحضر بعضالمتعلقات الإسرائيلية مثل قطع صاج عليها كتابة بالعبرية ، وبعض المقذوفات ،والعملات المعدنية ، وقصائص الصحف ، ثم خوذة طيار إسرائيلي بلونها الزيتي ، فكرتفي أن أقيم بمدرستي معرضا صغيرا للغنائم ، وقد وافق أن يعيرني تلك الخوذة /الغنيمة، واستمر المعرض أسبوعا ، وفي نهايته اختفت الخوذة ، فحزنت جدا وأخبرتالمقاتل مصطفى العايدي الذي أبدى تسامحا لما حدث ، وكان أن كتبت نصا سرديابعنوان" كيف يحارب الجندي بلا خوذة ؟ " وتقدمت بها في مسابقة قومية فحصدالمركز الأول.
كانت الفكرة المحورية للقصة أن الجنود الذين خاضواغمار الحرب في  الميدان حين عادوا منالجبهة لم يكن هناك من يحميهم من جشع السماسرة وكبار الرأسماليين ، وأظن أن هذهكانت قراءة مبكرة جدا لما حدث في مصر بعد ذلك من تغيير في ميزان القيم تلمسته بصبرمن خلال مناقشات مستفيضة مع رجال ومناضلين مثل علي زهران وأنيس البياع والسيدالنماس ، وعبدالرحمن أبوطايل والحسيني عبدالعال ، وغيرهم من رموز ذلك الجيل.

4

جمعتني بمصطفى العايدي وبمحمد علوش فرصةالعيش سويا لأسابيع في منظمة الشباب حيث كنا مرشحين للحصول على دورات متقدمة فيسلك القيادات التثقيفية ، وكانت هذا المدة كافية لنشكل أصواتا شعرية أصيلة ومتفجرةبين جموع الشباب ، كان هذا تقريبا في منتصف السبعينيات وكان معنا أيضا الزميلمحمود الدعدع وشاهين ، وآخرين . من الطرائف التي أتذكرها أن زملاء الدورة عرفوا خبرتناالشعرية ، وحدث مرة أن قابلني شابا من محافظة البحيرة يمسك كشكولا ضخما ، سألني :هل يمكن أن أقرأ لك قصيدة ؟
استسلمت للأمر، وتصورتها سطورا قليلة . قلت :لا مانع.
 فإذابه يفتح الكشكول ، و يلقي منه شعره بغاية التأثر ، ثم " يحزق "وبين كلفقرة وأخرى ، مرددا: " صديقي .... " ، ويكمل الكلام بسجع لا فن فيه ،ولا روح . كنا في نوبة راحة فاستوقفته بحدة ، وقلت له بمنتهى الجدية : لا . لا . أنتتتحدث في مسألة الصديق. صحيح؟
رد علي : نعم . قلت له بمنتهى الصرامة :صديقي مصطفى العايدي هو المتخصص في هذه المسألة . انتظر دقائق ، وسوف يكون معك.
كان مصطفى ممددا على سريره داخل العنبر فيمقر المنظمة الواقعة بقلب الجزيرة المواجه لبرج القاهرة. قلت له ، وأنا أدبرالمؤامرة : لحظة واحدة . هناك قصيدة عليك أن تسمعها من صاحبها.
سلمت الشاعر المدعي للشاعر المطبوع وفررتبجلدي . بعد حوالي نصف ساعة ، تحركت لدورة المياه ،  فإذا بالشاعر يردد بنفس الإيقاع المميت: " صديقي.... "  فنظر لي العايدي من بعيد لائما، وهو يكتم ضحكته . بعد أن قضى عليه المستشعر جاءني ليلكمني في كتفي ، بعتاب خفيف  : قضى علي صاحبك بشعره الرديء !
من مؤامراتنا في المعسكر أننا كنا نتفنن فيكيف نوقظ زميلا لنا بأشياء لا تخطر على بال. مرة سمير ، ومرة علوش ، ومرة شاهين ، ومرةالدعدع ، أخيرا جاء الدور على العايدي , كيف نوقظه من عز نومه؟  نفتق ذهن زميل لنا على أن نضع تحت وسادته قطعةخبز وبها "حلاوة طحينية ".
إنك ستدهش عندما ترى صفوفا من النمل جاءت منكل أطراف المعسكر لتتبع الحلوى ، وبعض النمل الجبان حين يشبع لا يجد غضاضة في قرصالنائم .
 هكذاقضينا أسبوعين كاملين بين  السياسة والشعروالمؤامرات الصغيرة التي كانت تخفف إلى حد كبير من مسألة التلقين العقائدي . كلتلك الأفعال الطائشة ، والظريفة كانت تكشف عن جوانب خفية في شخصية الزملاء وتحيطيومنا بشيء من البهجة واللطف !
 
 
5

لكن ماذا عن عقيدته الفنية ، وأفكاره حولماهية التجربة الشعرية ، وعن خصوصية أشعاره ؟ هذا ما نجده بشكل مستفيض في حوار أجريتهمعه ، وتم نشره في جريدة " اليوم " السعودية التي كنت أعمل بها محرراأدبيا ، وذلك بتاريخ 5 يونيو 1995 ، أي قبل مغادرة الدمام بشهر واحد .
يتحدث العايدي عن تجربته قائلا : " أعتقدأن مهمة البحث عن لغة شعرية جديدة أمر عسير ، حيث تظل المهمة قائمة في بحثها عنالقيم الجمالية والفنية المرتبطة بإيقاع العصر ، وعلى الشعراء أن يحولوا لغتهم منمجرد أداة للتعبير والبوح إلى لغة أخرى جديدة ، هي لغة الدهشة والاكتشاف المناهضللثابت والمألوف ، وكلنا يسعى لذلك ، والموهوب هو الذي يحقق إنجازا " .
وعن لغة الخطاب المعاصر ، يقول : " أرىأن الشعراء الذين استطاعوا أن يمتلكوا لغة الخطاب الشعري العصري هم أولئك الذينعرفوا تراثهم العربي القديم ، وقلبوا أوراقه بصبر ، وعكفوا على استجلاء لوامعه ،كذلك فإنهم اتجهوا للتراث العالمي ، ولم يستنكفوا الاستفادة من حمولاته الفنية ،فجاء الخطاب معبرا عن روح العصر ، وأطروحته الفكرية . وبالتالي فهو لا ينفصل عنواقعية الحياة الإنسانية حيث يتمثل ذلك في وضوح التجربة ، والتعمق في دقائقها دونتكرار ممجوج للظاهرة من الخارج " .
حول انشغاله بالشكل دون المضمون أو العكس ،يرى العايدي أنه " من المفترض أن إشكالية الشكل الشعري لم يعد لها أهمية أولى، حيث أن التجديد أو المغايرة الشعرية ليست قاصرة على العروض والأنساق الإيقاعيةبقدر ما تتصل بتقنيات تصويرية وجمالية أخرى تدشن النص ".
وفيما يخص مهمة الشاعر في هذا الزمن المرتبكيؤكد الشاعر العايدي أن " مهمته الأساسية هي تحويل التجارب اليومية إلى إبداعأصيل ، والخروج من الهامشي إلى الجوهري ، والتقاط العابر ، وتعريضه للضوء كي نعثرمن خلاله على المغزى والمعنى والإشارة . وهذا يعني أن تتسع ثقافة الشاعر ليمتلكالصياغة والإبانة الفنية التي تتيح له تشكيلا شعريا متميزا ، يمكنه من خلاله أنيوظف التراث دون أن يسقط في هوس التجريب والتجديد والمغامرة لمجرد الاختلاف ".
وعن مفهومه للحداثة يرى " أنها ليستفتحا جديدا ، وأن لنا أن نتخلص من أمر كثير من المصطلحات الرنانة ، وبعيدا عنغرابة هذا المصطلح أو ذاك ، فلا أرى في الحداثة الشعرية نفيا لتراثنا الشعريالعربي ، إذ أن ما أنتجه الأوائل من الشعر كان حداثيا وفق معايير سادت آنذاك .نقول دائما أن على الشاعر أن يعبر عن روح عصره ، متجاوزا حدود الذات إلى آفاق أوسعللذوات الأخرى ".
حين سألته عن ماهية الشاعر الأصيل ، كانجوابه كالتالي :" الشاعر الحقيقي هو الذي يرفض اللغة السائدة والمكررة. إنهالمؤرق دائما بهاجس الاختلاف ، وأول أدواته هي اللغة ، ميراثنا من اللغة العربيةهو الكنز الذي يشغلنا" .
ويستكمل رؤيته قائلا : " دور الشاعر هواكتشاف هذه اللغة ، والتنقيب عن جمالياتها ، فأنت كشاعر تجمع بين خبرة الأثري ،وصنعة الصائغ ، وعقلانية الفيلسوف .
هذه المهمة نجح فيها شعراء مثل أمريء القيسوأبي نواس وابن الرومي وأبو تمام وعلى رأس القائمة المتنبي ، ونجح فيها مع اختلافنوعية التجربة : أحمد شوقي والسياب ونازك الملائكة وأدونيس والجواهري والبردونيوصلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطي حجازي وأمل دنقل ، وعلى رأس القائمة المعاصرةمحمود درويش ".
يتحدث العايدي عن تجربة أربع سنوات قضاها فيدولة الإمارات العربي معارا كمدرس ، وهذا لم يمنعه من التواصل مع أدبائها ، وفيهذا الصدد يضيف : " لمست نشاطا متنوعا فترة تواجدي من عام 1986 إلى عام 1990، حيث شاركت في معظم الملتقيات الفكرية بالمجمع الثقافي بأبي ظبي.
إضافة إلى وجود اتحاد كتاب يقيم أمسيات شعريةلأدباء من مختلف الاتجاهات الفكرية ، وأهم الملامح هي وجود ملاحق أدبية تصدرهاجريدة الاتحاد وجريدة الخليج وجريدة الوحدة ، وهناك أسماء هامة مثل علي أبو الريشوحبيب الصايغ وأنور الخطيب وفضل النقيب وطه عبدالغني.
ومن الأصدقاء الذين أعجبني إنتاجهم الشعري :محمد أبوسالم ، وكريم معتوق ثم هناك جعفر الجمري وسالم أبو جهور ومحمد المزروعيوثاني السويدي .
والأسماء التي ذكرتها تقدم إبداعا متميزا ،وللأسف  هي غير معروفة عربيا بالصورة التيتناسب إسهاماتهم ".

6

ماذا عن تجربة مصطفى العايدي الشعرية ؟ أظنأن هناك دراسات نقدية معمقة قد تناولت شعره ، منها دراسة الدكتور صلاح السرويبعنوان " الصورة والواقع في شعر مصطفى العايدي " وفيها يكتشف الناقدملامح البنية الجمالية في نصوص الشاعر.
يقول الدكتور السروي : " يقوم الطرحالشعري لدى مصطفى العايدي على الارتباط الحميم بالواقع بمعناه المباشر وغيرالمباشر ، والانفعال التام بتحولاته ، والتفاعل العاطفي ـ الفني مع مجريات أحداثه، بحيث يصح أن نطلق على أعمال هذا الشاعر أنها وثيقة تاريخية تجسد دلالة وأثر التحولاتالواقعية المجتمعية على الذات الحساسة لديه ، في محاولة للقبض على الجوهر العميقلهذه التحولات ، واكتشاف أثرها الروحي الذي يتبدى فنيا في القصيدة .
وهو في ذلك ينطلق من بنية دالة يجسدها نموذجالغربة ـ الانتماء ، الذي يطرح مفارقة المأزق الذي يحياه الشاعر المعاصر بعدانهيار الأحلام الكبار ، وتردي الأوضاع على الأصعدة الاجتماعية والوطنية ، حيثيبرز موقف الشاعر المحب لبلاده والمنتمي إليها ، ولكنه في نفس الوقت غير قادر علىالتوافق مع ما ينتابها من تحولات تمثل في المقام الأخير عنصر نكوص وانهيار . ممايؤدي إلى إحساسه بالاغتراب والهامشية . يبدو أن أحد طرفي النموذج لا يلغي الآخر ،ولا يتعداه ، بل يتجادل معه ويتصارع ".
وفي موضع آخر بالدراسة التي تتناول ديوان" الخروج من الجزر" ، يضيف الناقد : " إن تجربة مصطفى العايديبرمتها تقوم على شعرية الرؤيا أو الرغبة في استشفاف الواقع والغوص داخله ،  وهي لذلك مرتبطة بتحولاته على نحو جوهري وكلعملها هو أن تنقله من مداره النثري السببي المباشر إلى مدار خيالي ، يمتلك منطقهوصيرورته الخاصين ، بما يمكن أن يماثل التجربة المعملية التي تقوم على تغييرالوسائط للحصول على نتائج مغايرة ، وهو ما يتيح الفرصة لاستكناه الواقع ، وتعمقهعن طريق إعادة طرح مكوناته بمنطق الصورة الخبرية ، وإن كانت هذه العملية غيرمتخلصة بالكامل من أثر الأيدلوجية والخطاب الإنشادي ؛ فالشاعر يدخل إلى عالمالقصيدة بموقف محدد ذهنيا ، من الأشياء ، وكل ما في الأمر هو أن يحاول اختبار صحةهذا الموقف على مستوى الصورة الخيالية ، أو تأكيد هذا الموقف وتوثيقه شعريا".
أما الناقد الدكتور مدحت الجيار فيقدم دراسة تجمعبالنقد ثلاثة شعراء هم الدكتور عيد صالح والدكتورة عزة بدر ومصطفى العايدي .يتناول للعايدي ديوان " بلاغة المرايا "  وعنه يطرح وجهة نظره ، ومنها ما نقدمه هنا بشيءمن التصرف :
 " يرى مصطفى العايدي هذه الذات الضحية لفعل الآخر ، وأنه حين يجسدها يتحدثعنها كأنها ماتت ثم يبحث عن سر موتها في مقولات الشهود... وواضح أن اغتراب الذاتعنده مصاحب بحالة فزع من الآخر وبحالة اغتراب عن الآخر المسبب لكل مشكلاته. ...ثمتتراوح قصائده بالبحث عن هوية الذات التي تتحول في معظم قصائده إلى ( الآخر أوالهو ) ، وتحول ضمير المتكلم إلى خطاب أو ضمير غيبة ، وهي تتفحص الظاهرة نفسها وفيهذا السياق يشد العايدي كل من يجده في طريقه إلى بوتقته ليعيد صياغة أساه مخلوطابأسى الآخرين  ".
وفيما يخص الصورة فلدى الدكتور الجيار رأييسوقه كالتالي : " تعقد الصورة المثلى للذات في هذا الديوان ، أعني أنه لا أحد، إلا الفارس القديم ، الذي هو الشاعر نفسه . يحدق ليتأمل صورته في المرآة قلا يجدشيئا لأن ملامحه تتركه وتهاجر. فلا يرى شيئا في مرآة الذات الفارس القديمة ، فتزدادحالة نبرة الأسى والحزن ، ونفي الآخر ، ومرارة العناوين والسخرية المرة من الواقعوالناس . مصدر هذا الوهم والألم والضياع ؛ لذلك تنتشر في هذا الديوان مفردات الموت: الألم ، والقبر ، والعزاء ، والجثة ، وما يشابهها من مفردات الموت . ذلك الموتالذي نراه موتا بالجفاف ، وموتا من الداخل ، يأكل فيه البطل الشاعر نفسه من الغيظأو من الفهم  ، ولا نرى جثة دائما  ".

7
منذ العام 1968 وهو يلازمني في ندوات كثيرةحضرناها سويا في القاهرة والإسكندرية  والشرقية والدقهلية وسيناء والإسماعيلية وفيبورسعيد.
كان مصطفى العايدي على الدوام رفيقا مهذبا ،ولديه حس إنساني عال ، وكم من مرة احتجت إليه في شيء خارج نطاق الأدب فكان حاضراوملبيا لما أطلب وزيادة.
ربما هذا لا يمكن أن نستخلصه بدون المعايشةوالسفر والاقتراب الحثيث من مناطق قلقلة في الحياة الصعبة التي نعيشها. أذكر أنصديقا مشتركا لنا ، حدثه مرة عن مأساة السوريين النازحين من بلادهم ، والمقيمين فيدمياط الجديدة ،  وجدته ساعتها  يحمل جوالا كبيرا من الأرز وأشياء أخرى يقدمهابسماحة نفس وبفيض إنسانية ، ليساهم في تخفيف معاناة هذا الشعب الكريم الذي شتتهتقلبات السياسة.
ربما لم أتمكن من قول كل ما لدي عن مصطفىالعايدي الإنسان والأديب لكنني أشير إلى مساهمته الدائمة في أي تكليف يسند إليهسواء بتقديم دراسة ، أو الحديث عن ديوان جديد ، أو الاشتراك لسنوات طويلة مع عددمن شعراء دمياط في الذهاب للمدارس والكليات الجامعية للحديث عن حرب أكتوبر 1973 ؛لإحياء الذاكرة الوطنية في نفوس أجيال جديدة من الشباب والفتيات. وأذكر في هذا الشأنأسماء الراحلين : محروس الصياد ، ومحمد العتر ، وطه شطا ، والسيد الغواب أحيانا.
إن هذا الهاجس الوطني الذي يناوش هذا الجيلالذي حارب الصهاينة ، وظل حالما بالحرية والعدل الاجتماعي وضرورة التنمية ، يؤكدلنا من جديد أن الكتابة وحدها لا تغير الواقع بل لابد من الحركة الفاعلة بين الناسلتأسيس رؤى جدية ومتقدمة للواقع .

8
تحية لكاتب يجمع بين صلابة المحارب ، ومغامرةالشاعر ، ورقة الإنسان الذي يعشق كل شيء جميل في الحياة.
 
دمياط في 10 أكتوبر 2014.




الفنانة المصرية ابتسام حلمى شافعى فنانة التصوير الضوئى






الفنانة  المصرية ابتسام حلمى شافعى  
فنانة التصوير الضوئى




عرض 1383229_10152064173898562_1341925550_n.jpg


ابتسام حلمى شافعى  
 مواليد القاهره
* خريجة كلية تجارة جامعة القاهرة  
*  خريجة كلية فنون جميله دراسات حره من منتصف الثمانينات الى التسعينات ..  
* درست مبادئ فن الديكور مع الفنان المهندس نهاد بهجت ..  حصلت على دبلومه فى فن الجرافيك  ..  
* حصلت على دبلومه فى فن التصوير من نادى القاهره للتصوير cbc  ..
* عضو بنادى مصر للتصوير الفوتو غرافى ..
* عضو بجمعية الفنون الجميله ..
* عضو مشارك بنادى الكاميرا بالاسماعليه ..
 * مؤسسة ورش المعادى بيتشو للرسم ..
* عضوة بجماعة ايزيس الفنيه والاشتراك معهم فى فاعلية ربيع النيل بنادى الكشافه البحرىه المصريه ..
 * عضوه بجماعة عريبه الفنيه ..
* عضوه جديده بجمعية المحافظه على التراث .. 
*  اشتركت فى مبادره فنيه لدعم صندوق تحيا مصر برعاية قطاع صندوق التنمية الثقافيه

* اشتركت مع مؤسسة اوستراكا للفنون بأول قافله فنيه لوثيق حفر قناة السويس الجديده اشتركت مع مؤسسة اوستراكا للفنون بأول قافله فنيه لوثيق حفر قناة السويس الجديده.



*المعارض الفنية 

عملت يدا بيد مع الفنان حلمى التونى .. والفنان صلاح طاهر .. وكنت من طلاب الفنان الوشاحى والفنان حسن عبد الفنان والفنان الصديقه سلمى عبد العزيز


* المعارض :

معرض ملتقى المرأه الريفيه ببيت السنارى مع الورش التابعه لهذا المعرض

* معرض بقصر الامير طاظ مشترك تابع لصندوق التنميه الثقافيه

* معرض مع مجموعة بصمات بأيليه القاهره

* معرض خاص ’’ وسط الدايره " بساقية الصاوى وقام وقتها بالافتتاح وزير الثقافه الاسبق محمد الصاوى ووكيل وزارة الثقافه وقتها محسن شعلان

* والاشتراك بمعرض المرأه بين السينما والفوتوغرافيا بقصر السينما

*  معرض مشترك بأتيليه القاهره " افاق فنيه مصريه مغربيه " مع الفنان المغربى حميد وقام بالافتتام الفنان محمد الجناينى رئيس مجلس ادارة الاتيليه والفنان عبد الرازق عكاشه والدكتور محمد الصبان










































عرض DSC_0552.JPG


عرض DSC_0653.JPG



عرض DSC_0606.JPG



عرض 276.jpg


























الاثنين، 27 أكتوبر 2014

أسيرُ الياسمينْ شعر: سلوى فرح















أسيرُ الياسمينْ




شعر:

سلوى فرح

......



أَسيرُ الياسمينْ

اعتِقْ أَحلامكَ على عتبَةِ شفتيّ
نبضُ شرايينيْ صارخٌ
وعبراتُ شوقي حُمَم
أعذرني حبيبي
أَنتَ أَسيرُ مملكةِ الياسمينْ
أَبثُ فيكَ طقوسَ العشق 
أَمواجي هائجَةٌ
وثورتي عارمةٌ
تَسْري بين عُروقيَ
لا نجاةَ لك إِلاَّ بي 
عَبَقي يُداعِبُ خلجاتِ نبضِكَ
ونجمي يُهامسُ روحك..
رفقاً بأنوثَتي
اُسلُكْ روافدي..
وَاقرأ قَواميْسي
أَغزلُ طوقَ نجاةٍ
مِنْ وهجِ المحبَّةِ
للعاشقينَ أُهديْ وشاحَ الشَّمسِ
أغرفُ الحكمةَ
منْ صُلبِ الزَّمان
وأُهَدْهدُ أَحلام الرَّبيعِ
ليغفو الزهرُ
على أَنغامِ همساتي
يا مَنْ يحملُ سِرَّ الكونِ في قلبهِ
وَيَنْبَعِثُ عطرُ اللَّيلِ مِنْ أَنفاسه
عشْقي نفحاتٌ إلهيَّةٌ
كُنْ ندى زهوري
كلَّما اشتدَّ الهجيرُ وتلظَّى الظَّمأُ
أَما آنَ لصمتكَ أَنْ ينتهي ؟
ضُمََّني إِليك
قبِّلني خلسَةً 
بين تَموّجِ السَّنابلِ
واسْقِ بتلاتِ ورودِي
لا تَسدُّ رمقِي قَطرةُ غيثٍ
أَتوقُ إلىْ سَخاءِ مُزْنِكَ
كندا 

الأحد، 19 أكتوبر 2014

قنديل النعيم شعر: نزهة تمار















قنديل النعيم

شعر:

نزهة تمار



كم من نورس غاضب .. 
وفراشات النور تحلق .. 
بين الومضة واللهيب .. 
ليغدو .. 
قنديل النعيم ..
شرف ..

_______

على وتر صدرك .. 
سأنجب طفلين .. 
واحدا منسلخا .. 
عن أسطورة جلجاميش .. 
كي لا يفضح النار .. 
والثاني .. 
يمسح عرق الماء .. 
ويجعله قابلا للنسيان ..

_______

يراني .. 
في هضاب ايقاعه .. 
يصرخ بي .. 
أبقى خطيئته .. 
للمعرفة .. 
خسرت الأمكنة .. 
لم أخسر باب طيني .. 
بين الأحصنة .. 
وبعض الأغنيات .. 
تنقصني .. 
وأنا فيه ..

_______

بين هزيم أصابع .. 
غير اَمنة .. 
ضاع حليب ووجد .. 
حدّق ليل ..
ضلَّ قلبه ..
ينبئ بندى أفكار .. 
عانقت .. 
رائحة قنّاص .. 
لروحين .. 
ودرب ..

________

أمطري لنا يا رغائد الوقت .. 
فعزلة السكون .. 
دوحة .. 
يضاهي سرّها .. 
الوجل ..

________


ليلتك تدنو..
بكوكب خصب .. 
يغازل رخام جفني 
يعلم النوم خيانتي!
ليلتك ..
جسد يختزل مرايا احلامي.. 
موسمٌ يجود بزعتر الشوق
يلون مداه بلحن الرجولةِ
يرسمني سنابل حصاد
تشتاق حاصدها ..
اقترب
أنه حزني المعجون بالزبد
يرتل الزمن حول عينيك
يتكتم على سر لؤلؤة
مثيرا للشغف
مثيرا لصلاة ثنائية! ..
يقطع القلائد
وينثرها في موسم جديد ..


****


السبت، 18 أكتوبر 2014

تأملات طائر في قصائد مغربي






تأملات طائر في قصائد مغربي
 
محمود مغربي يوازن بين الذاتية والغيرية، بين الوطني والقومي، بين جلسة المقهى الثرثارة وحركة الشارع الفياضة بالقصائد.
 
ميدل ايست أونلاين
بقلم: د. مجدي توفيق
أوتار دقيقة
محمود مغربى شاعر مجيد، قدمَّ نفسه للقراء بديوانه السابق "أغنية الولد الفوضوي"، فكان تقديماً ممتازاً دل على شاعر لغته غنائية فياضة بالشعور، ودلت كل كلمة من كلمات عنوان ديوانه على سمةٍ من سمات دلت كلمة (أغنية) على نوع اللغة الشعرية التى يستخدمها، وهي لغة غنائية كما قلت لا تعول كثيراً على الحكي والسرد كما يعول عليهما كثير من الشعراء المعاصرين.
ودلت كلمة (الولد) على نظرة الشاعر لذاته نظرة خاصة تناسبها كلمة الولد، ولعل القارئ قد لاحظ الطريقة التي يستخدم بها الناس هذه الكلمة، وهي طريقة تتراوح بها بين معنيين متناقضين، فهم يقللون من قيمة إنسان ما حين يسمونه بولد، وهم يشيرون إلى البطل العظيم بأنه (ولد).
والذات الشاعرة في الديوان السابق تشعر بعجزها شعوراً قوياً يناسبه المعنى الأول، وتحلم بالتغيير والثورة والمجتمع الأفضل، في الوقت نفسه، حلماً يناسبه المعنى الآخر، ولا يزال المعنيان حاضران في الديوان الحالى "تأملات طائر".
فهو من جهة، يقول في مطلع قصيدته "إلى حبيبتى بغداد!":
يا حبيبتى
بندقيتى معطلة
لذا
لا تندهشي
عندما أفتح أبوابي للصوص
وأنحني إجلالاً
وهو من جهة أخرى، يختم قصيدته التي يخاطب فيها رسام الكاريكاتير الراحل ناجي العلي قائلاً:
طلاب الدرس
وكل طوائف هذا الشعب
ينادونك
ما زالوا
لن يبهرهم ذاك الضوء المدريدي،
إنهم الآن
يلتحفون الثورة
الموضع الأول فيه شعور جسيم بالعجز يصل إلى درجة أن يفتح الأبواب للصوص وينحني لهم إجلالاً، فلا فائدة من مواجهتهم ما دامت البندقية معطلة، وبطبيعة الحال لن يفتح الأبواب للصوص فتحاً حقيقياً، ولكنه يريد أن يقول إن التردي العربي، والعجز الشديد عن مواجهة الأعداء لأغرابه معه حين يصل الأمر إلى حد إجلال اللصوص، وفي الوقت الذي يبلغ فيه الوعي بالعجز هذا المدى نجد الموضع الآخر يؤكد أن روح الشعب لا تزال تلتحف بالثورة، لا يخمد روح الثورة فيهم معاهدات السلام التي دشنتها لقاءات مدريد.
فالذات من جهة، ترى نفسها كياناً ضعيفاً عاجزاً، وتراها، من جهة أخرى كياناً لا يكف عن أن يحلم بالثورة والتغيير.
ويبدو أن الالتباس بين هاتين الحالتين هو ما رشح للشاعر الكلمة الثالثة من كلمات عنوان الديوان السابق، كلمة (الفوضوي) فهي تناسب حلم الثورة بما تدل عليه من رفض للانتماء للحاضر القائم، وتجاوز لما هو شائع وسائد من قوانين للواقع المتردي، ولكنها في الوقت نفسه، لا تبلغ حد أن تسمى الذات بالثورة، بل تسميها بالفوضى التى طالما استخدمها أعداء الثورة والتغيير نعتاً للحلم الثوري يسئ إليه ويدينه.
ونستطيع أن نقول إن الديوان الحالي يتابع الديوان السابق في هذا كله: اللغة الغنائية البسيطة، ذات المقاطع القصيرة التي تجعل الديوان خفيفاً على قارئه يلتهمه التهاماً، وصورة الذات المتراوحة بين اليأس والحلم، بين العجز والثورة.
ولكن المقارنة بين العنوانين: العنوان السابق والعنوان الحالي، يمكن أن تدلنا على تغيير جديد بين الديوانين، فالديوان الحالي يستبدل بالأغنية التأملات، ويستبدل بالولد الرابض على الأرض، الجالس على المقهى يرقب السائرين والسائرات وما يحملون في جوانحهم من قصائد، يستبدلون بهذا كله طائراً محلقاً يتأمل ذاته وحياته وعالمه الأرضي.
ولا يزال الديوان الحالي ينطلق من حالة حب للحياة ـ على الرغم من اليأس كله، والإحباط كله ـ يتجسد في صورة محبوبة تلوح ولا يفصح عن كينونة ثابتة لنفسها فهي الوطن، وهي الحلم، وهي السعادة، وهي أشياء كثيرة أخرى تتسع لها:
الصباح
الذي كم تباهت به
تماماً تلاشى
رغم ذلك
لسلطانها
سطوة في قلب عشاقها
ومع أنها تحتمل أن تكون امرأة معينة فإن الأرجح والأشد ظهوراً أنها شيء محلق كطائر الرمز، لذا تتسع لجمهرة من العشاق لها عليهم سطوة، واقترانها بالصباح يفسره كونها ـ من بعض الوجوه ـ شهرزاد التي تشغل الليل بالحكايات، وتنتقل إلى الراحة مع مقدم الصباح :
شهرزاد
ودعت بستانها
حكاياها
رغم ذلك
تهندس المساء في هدوء
ومن المؤكد أن صورة شهرزاد مختلفة عن الصورة الموروثة المعروفة، فهذه قد ودعت بستانها وحكاياها، ولكنها في جوهرها لا تزال تهندس الأحلام طوال المساء. وأرجو ألا تجعلنا الأحلام نتصورها كياناً ناعماً هادئاً يمكن أن ينطوي على صورة للمرأة المشتهاه، أو على نوع من أنشطة العزيزة، ولكنها كيان ذو سطوة وصعاب :
قالت
عد من حيث أتيت
لا تتبعني
فأنا نار !
قلت :
للنار سأمضي
علىّ أشعل بعضاً
من ثلج السنوات
هي كيان يعد من بعض الوجوه، ناراً يتجه إليها كالفراشة.
ويبدو أن التباس صورتها بصورة المرأة هو الأمر الذي جعل الديوان حريصاً على الفصل بين صورة المحبوبة هذه وصورة الزوجة، بداية من :
قالت
لا أكره زوجي المسكين
ولا أحبه
لأنه فقير
بلا بصيرة
ليدرك مباهجي
فقط
وحدك أنت
الشاهد العيان
وهذا الخطاب الذي يصدر عن لسان الأنثى يقابله مواضع أخرى يأتي فيها الخطاب على لسان الرجل العاشق:
فقط للزوجة أن تهيئ الجسد
وللحبيبة وحدها
أن تنشر مفرداتها
على حبل روحي
ليقيم التقابل واضحاً بين الزوجة والمحبوبة، تصبح فيه علاقته بالزوجة علاقة جسدية وتصبح فيه علاقته بالمحبوبة علاقة روحية محضة في المقابل، ولقد جر هذا التصور للزواج الديوان إلى مقاطع يبدو فيها الشاعر عدواً للزواج بصورة تجلب الابتسام في بعض المواضع ولا تخدم الروح العامة للديوان.
وفي تقديرى أن فكرة التقابل بين صور المرأة المختلفة في الديوان قد جرت إلى شيء من الإسراف في هذا الجانب.
وأرجو ألا يتخيل القارئ أني أرى الديوان غارقاً في الذاتية، فسرعان ما يخرج الشاعر عن حدود ذاته ليرى في ناجي العلي صورة أخرى من همومه، ويرى في بغداد صورة أخرى من واقعه، ويستشرق أفقاً عربياً أوسع، أعتقد أنه أفق حاضر داخل حدود النفس بأحلامها ويأسها وفوضاها وتأملاتها جميعها.
وبفضل هذا التوازن بين الذاتية والغيرية، بين الأنا والآخر، بين الوطني والقومي، بين جلسة المقهى الثرثارة وحركة الشارع الفياضة بالقصائد، بين المراهق والعجوز الكامنين في نفس واحدة، يستطيع الديوان أن يلمس أوتاراً دقيقة يعزف عليها برهافة.
د. مجدي أحمد توفيق ـ القاهرة

الخميس، 16 أكتوبر 2014

عطرُكَ يحفظُ سرِّي للاديبة : قمر صبري الجاسم




عطرُكَ يحفظُ سرِّي

للاديبة :


قمر صبري الجاسم 








....................
على غفْلةٍ مِنْ ذراعَيكَ أغفو
و عِطرُكَ يحفظُ سرِّي
و أشربُ مِنْ خمرِ نومِكَ
يسْكرُ مِنْ دفءِ حلْمي
أدلِّلُ شَعري على راحَتيهِ
أمشِّطُ للعطرِ شِعري
لعطرِكَ سحرٌ يُناجي حناني
و يحملُني مثلَ دميةِ روحٍ
هنا مِنْ مكاني
ليأخذَني حيثُ أنتَ ..
يحقِّقُ بعضَ الأماني
لهُ قبلةٌ تحفظُ الثغْرَ غيباً
و كلَّ تفاصيلِ شوقي
تُكسِّرُ برْدَ حدودِ الزمانِ
لعطرِكَ كفٌّ تُحلِّقُ مثلَ القصيدةِ 
في شَعرِ حزني
تُخفِّفُ عني الوداعَ 
و تُفرِغُ لي كأسَ ظنّي
تطيرُ قصائِدُهُ في رجائي
تحطُّ على صدرِ وَحْيي
كأنَّ لعطرِكَ تجْربةً في الهوى 
ألف ضمّهْ
لهُ باعُ حزنٍ طويلٍ 
يُعاملُني كالمُعاني, برحْمهْ
يردُّ عليَّ إذا ما اتّصلتُ
و يرسلُ ردَّاً إذا ما كتبتُ
بمقدورِ عطرِكَ ألا ينامَ 
إذا ما استطعتُ
و يمسحُ شوقي إذا ما بكيتُ
يُعاملُني مثل أوفى صديقْ
و يشعرُ بي إنْ شَعرتُ بضيقْ
يُسلِّمُ كلَّ انتظارٍ عليَّ
تفوحُ ابتسامتُهُ مِنْ يدَيَّ
يدوِّخُ قلبي إذا لي هَمَسْ
و يسلبُ روحي 
إذا دقَّ للأمنياتِ الجَرَسْ
كأنّي بسجنِ انتظارِكَ أحبو
و عطرُكَ يكسِرُ ورْدَ الحَرسْ
فمِنْ أيِّ ثوبٍ 
تعلَّمَ عطرُكَ هذا الحنانْ ؟
و مِنْ أيِّ صدْرٍ 
تفتَّحَ في قلبِهِ الأرجوانْ ؟
أراهُ فأشعرُ أنّي أراكَ
أُقبِّلُهُ ,أستَحي مِنْ شَذاكَ
لعطرِكَ هذا الذي بَلَّ ريقَ ثيابي
و أقسمتُ ألا أُغسِّلَها بالوداعْ
أُجدِّدُ عهْدَ الضياعْ
تورَّدَ خدُّ ثيابي 
بدا خصرُها واجماً 
حين قبَّلْتَهُ في شفاهِ الذراعْ
هنا ظلَّ عندي و أنتَ ذهبتَ
لروحٍ بعيدهْ
متى سوف تأتي 
لتسقي بعطرِكَ 
شَوقَ ثيابي الجديدهْ ؟
.............

الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

'العتمة تنسحب رويدا' في متحف السيرة الهلالية بأبنود










'العتمة تنسحب رويدا' في متحف السيرة الهلالية بأبنود
 
مدير متحف السيرة: عبدالرحمن الأبنودي قام على مدار 30 عاما بجمع السيرة لتكون ملتقي فكريا للتراث الشعبي.
 
ميدل ايست أونلاين
ملتقي فكري للتراث الشعبي
قنا (مصر) ـ ضمن فعاليات احتفالات اكتوبر أقيمت بمتحف السيرة الهلالية ومكتبة ابنود بمحافظة قنا بصعيد مصر، احتفالية ثقافية احتفاء بأعياد انتصار اكتوبر المجيدة، شارك في بدايتها الشاعر والفنان صفوت البططي أحد ابطال اكتوبر وتحدث حول ذكرياته وايام اكتوبر المجيدة وأهم صور البطولة للجندي المصري التي قدمت دروسا للعالم، وألقى على الحضور مجموعة من قصائده التي كتبها في تلك الفترة.
وبعدها قدم الدكتور محمد مبارك الشاذلي البنداري عضو هيئة التدريس بجامعة الازهر ورقة حول "ابداع الدلالة في مجموعات الشاعر محمود مغربي"، وتناول فيها "أغنية الولد الفوضوي، العتمة تنسحب رويدا، تأملات طائر، صدفة بغمازتين".
قال فيها: "هذه قراءة في إبداع الدلالة عند الشاعر محمود مغربي، تناولتُ فيها دلالة الكلمة عند الشاعر الذى يرى الطامة والكارثة التي تحاك باللغة والأمة، فهو في دواوينه يستشرفها مثل زرقاء اليمامة ويتأثر بشاعر الجنوب ابن بلدته أمل دنقل، ونرى صوت الشاعر جهوريا يقظا غير زائغ أو متردد في دواوينه "أغنية الولد الفوضوي، تأملات طائر، العتمة تنسحب رويدا، صدفة بغمازتين".
ونرى في ديوانه الأخير "صدفة بغمازتين" نضج الشاعر الفني واستخدامه لمعان سامية ومدلولات مختزلة تجلت من الإهداء ... إليها، وفي أسماء القصائد التي أغرم شاعرنا فيها بالكلمة المغردة مثل صدفة، ازميل، جمرة، خجول، الكريسماس، سحابة، كارثة، داهية، تجليات، .. وغيرها.
ونرى الشاعر وقد حرص على إبراز المحبة ومفرداتها في قصيدة الكريسماس، بل أكثر من حرف الحاء الذى يدل على السعة في العربية وهي مطلوبة من أجل الحب.
إن اختيار الشاعر للكلمات والأحرف التي امتزجت مع موضوع القصيدة شكلت مع الأبحر التي استخدمها نظما إيقاعيا صوتيا رائعا، لذا جاءت عاطفة الشاعر تموج بالحب والغيرة على الوطن ولا غرو أن تكون صادقة.
والصوت كما نعلم يلعب دورا مهما فى إبداع المعنى في الشعر عامة لذا اختار الشاعر مغربي أصواته بعناية فائقة بدءا من العنوان للديوان وجاء المعجم الشعري عنده ثريا بالمفردات ذات الدلالة البعيدة، فهو بحق لغة القصيدة الذي اختار فيه الشاعر الكلمات التي تؤلف لغته الشعرية.
وهو شكل من أشكال إنتاج الدلالة النصية وقد قمتُ بعمل إحصاء لبعض الأصوات في دواوين الشاعر وتكرارها، وكذا معجم لغوي للشاعر لمعرفة الإبداع اللغوي عند الشاعر مغربي.
نتمنى أن يكمل الشاعر رحلته مع إبداع الكلمة لينهل النقاد من لغته السامية ويحاولوا وصف اللغة ونغمها في هذه الفترة لتبقى للأجيال القادمة تاريخا تالدا ومرحلة في حلقة من حلقات لغة القرآن".
واختتمت الاحتفالية بامسية شعرية شارك فيها الشعراء أشرف ناجي، عبدالحميد أحمد علي، أحمد خليل، كما شارك من شعراء أبنود الشاب أحمد طلعت.
حضر الاحتفالية جمهور كبير من أهالي ابنود والقرى المجاورة، وحضرها من الاعلاميين الفنان نصرالدين القوصى.
وبعد انتهاء الاحتفالية زار الشعراء والحضور متحف السيرة الهلالية الذي يضم أعمال الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، وشاهدوا مجلدات السيرة الهلالية التي جمعها، كما يوجد بالمتحف مقتنيات رواد السيرة الهلالية.
ويظل المتحف والمكتبة تأكيد على مكانة مصر وريادتها ودورها في حماية وتوثيق التراث الشعبي المصري والعربي غير المادي, ويدل على قيمة وعظمة مكانة السيرة الهلالية لدي المصريين بوجه خاص والعرب بوجه عام، بوصفها واحدة من أهم السير الشعبية العربية وأكبر عمل أدبي ملحمي في التراث العربي، أطلق عليها البعض "إلياذة العرب".
وقال أحمد خليل مدير متحف السيرة إن الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي قام على مدار 30 عاما بجمع هذه السيرة لتكون ملتقي فكريا للتراث الشعبي، طاف خلالها بين رواة وشعراء السيرة الهلالية على مختلف هوياتهم ممن أضافوا إلى الوجدان الشعبي وأثروا برواياتهم للسيرة الخيال والقدرات السردية لأبناء الثقافة العربية.
وتضم مكتبة أبنود 9864 كتابا منها 2447 كتابا مهداة من الشاعر عبدالرحمن الأبنودي والكاتب الروائى جمال الغيطاني و500 من الهيئة المصرية العامة للكتاب، وكتب ودواوين مسموعة توثق لرواة السيرة الهلالية, بينما يحوي المتحف, قاعة عرض تضم صورا فوتوغرافية للأبنودي من أحقاب زمنية مختلفة، وغرفة لحفظ وعرض الشرائط والاسطوانات المدمجة، بالإضافة إلى 67 عملا فنيا من بينها أعمال معارة من قطاع الفنون التشكيلية.
يذكر ان متحف السيرة الهلالية يتبع قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية.