الأربعاء، 12 سبتمبر 2007

أغنية الولد الفوضوي




إهداء

إلى أزاهير محبتكم ..

أهدى أغنيتي

محمود
………..

القسم الأول

مكابدات

تعتلى الطريق

مهداة إلى الشهيدة: سناء محيدلى
رأيتها تمر
تخاطب الجموعْ
وتارةً تخاطبُ الطلول والمدى،
تلوحُ فى قتامة الأفق
كدمعةٍ فى جفن غيمةٍ
ترشرشُ الحديث ساعةً،
وساعةً تفتش الطريق..
تكوّر الندى
تستنطقُ الأبواب
تنخر السكوتْ.
رأيتها تمر من هناك
توشوش الطريق
عن تِبرهَا
وجمرها
وطفلها النبى.
رأيتها تغسل السكون
تخش فى وضاءة المخيم،
وتطلق البشارة
زيتونةً تشبُّ فى فنارة،
تُسرّح الأفراس من عيونها
وتعتلى الطريق!
نوفمبر 1987


**

الوطن المسافر

يا أيُّها الوطنُ المسافر
فى دَمِى
ما زال وجْهك
قِبْلتى
ما زال اسمكَ
أغنياتُ قصائدِى
قَيلولتى
ومعابدى …
.. .. ..
يا أيُّها الـْ …
ما زالَ رسمكَ فى ضُلوعى
عارياً
ومكابراً
رغم الوجوه بلا ملامحْ
رغم ارتعاشات الأمانْ!
يناير 1984


**

تساؤلات 000
فى زمن الردة

كيفَ لى …
أن أهيئ هذى البلادَ لعرسٍ بَهىّ؟
قالها طفل هذا الجليل ..
قلتُ: كيف التهيؤُ
والعربُ الأقربونَ
والعربُ الأبعدونَ
وما بينَ بينْ …
سَرّجوا خيلهم خِلسةً
تاركينَ المخيمَ
والجرحَ
تحت الهجير ….
بين فكّى حصار
ايهاْ!
الفارسُ المنتظرْ.
كيف نعطيكَ والكفُّ شحٌّ شَحِيحْ؟
كيف تمسكُ ما تشتهى؟
كيف يأتى المدد؟
والعواصفُ فى الأرض تجمحْ!
والسماء تُفتّحُ قُمصانهَا
للطيورِ الجوارحِ
هذى الطيورُ تجهّزُ مصطبةً للتواريخِ
مأدبةً للفتوحات
أغنيةً للسيوفِ القواطعِ !
كيفَ نُسرّبُ هذا المدد
والعواصفُ مستيقظة
تحتَ رمل الحدودْ!
كيفَ ننشلُ هذا الوطنْ؟
والرجالُ قعودْ!


أيُّها الفارسُ …
الآنَ من عتمةِ الكونِ …
جرّد حسامكَ ..
هيّا استبن …
للصباح الجديدْ
وافتح النافذةْ .. للصهيل
آنَ أن تحملَ الشُّعلة المهملهْ
آن أن تَعْتلِى المُهرة الجامحة !
ديسمبر 1992

**

إلى الجنوبى

وكنت هناكَ..
تجمل ذاك الخراب الوسيعْ ،
فى المقهى كُنتَ تصاحب نرجيلةً
وقصيدة ،
وفى الحقلِ تُطلق تلك الجياد البهيّة ..
وتنفخُ فى جذوةِ الوقتِ
فيشتعلُ الحلم فِىّ ..
نهرولُ …
نسقطُ هذى السماء الخؤون !
قيلَ عنك الكثيرْ
قيل إنّك كنتَ تخبئُ بين ثنايا الحروف الشوارد عُشاً
لتمطره بالشدو البهى ،
قيل إِنك نجمٌ طالعٌ ..
تبحثُ عن فضاءاتٍ لَمْ تلوث بالأزيز
كم تراودها
تأتيكَ
.. تُرتبهَا
تُشعلُ فى حنايا أزقتها قناديلَ !
… … …
قيل عنكَ الكثيرُ الكثيرُ ..
فما زلتَ يا بن الجنوبِ المعتّقِ ..
تُطلق فوضاكَ فى اللُّغةِ العصيّة
تُرْبِكُهَا ..
من أذنيهَا تَشدُّ قِرطَ موسيقى المباهجِ /
موسيقى الحدادْ ،
كَمْ تُوشوشهًا ؟
" ولكِ أنتِ
دونَ النساء
متسعٌ فى دمى ..
ومى صبوةٌ فائرهْ
صبوةٌ ..
تفتحُ الآنَ حصن النبوءة
تَصعدُ غيم المسافهْ !"
مايو 1991

**
عودة النشيد

وأوغلُ
صوبَ الجنوب
أفتشُ
عن قبراتٍ
بأجسادهنّ
يشيدن جسراً
لهذا الفؤادِ
ويطعمنَ شمس الظهيرة
يخبئن زغرودةً لا تملّ العطاءْ .
.. .. ..
وأوغلُ عبر الفصول
أزواجُ غَيْمِى،
أذيب الفواصل ما بين قلبى
وروح الحقيقهْ ،
أباغتُ خوفاً
تَبرّج فى حقلى واستلذّ المقام ،
وأجلو فوانيس روحى …
أشيعها فى الفضاءِ ،
أشيعها فى الحقولِ
لكى تمنح الطير
ميزانَ عدلٍ
يعيدُ النشيد إلى ثغر عشاقهِ ،
ويشدُّ الينابيع من سرة النيل جهراً
… يعيدُ السحابْ !
يناير 1990

**

وحـش

ثمّة وحشٌ يَبركُ
لا أدرى أينْ
هل يتربّصُ بى .. ؟؟
كيفَ ؟؟
وأنا لا أملكُ بعضاً من قوتهِ ،
إذنْ
أقفزُ ..
أقفزُ من نافذتك يا صحراءْ !
أبريل 1995

**

مقاطع صغيرة

محمودٌ …
جن ورب الكعبة
ها هو يسبحُ فى شرنقة اللّيل
يبحث ُعن أعراس الجن
وأعراس النيلِ
وأعراس الليلِ
… يبغى أغنية عُلويّة .
يبغى …
أن يمتزج الواقع والحلم
أن ترجع أطيار النورس
لتغنى …
أغنية خلاصْ .
محمود …
يركبُ رأسه
يتفوه باللامعقولْ
يتمنطقُ فى زمنٍ زواجه الصمت
يسرقُ من كل ميادين بلادهِ
آخر ساعات اللّيل
…. يَتسمّرُ فى الميدان
كمسلاتِ معابدِ مِصْر
تتفوهُ عيناه
لتخاطب قمراً ، كان
لتقبل ليلاً
ما عادت فيه نواميسٌ بِكرْ.
محمودُ …
هذا الولدُ
يخرجُ فى الليل
يتلصصُ بين حنايا الحارات
يبحثُ عن شئٍ
لا يدرى كُنْهه
شئٍ مطموس الجوهر
ويرتّقُ بعض قصائدهِ الغزليّةِ .
يُهديها للفتيات …
- الشقراوات .. السمراوات -
يتناسَى فى زحمتهِ الهوجاءْ
ينسى …
مايو 1987

**

الغراب

يطيرُ الغرابْ
يحطُّ الغرابُ .. ،
الغرابُ على شغفِ الوقتِ
يدخلُ شمس الحزانى
بصبحٍ عَفىّ ،
الغرابُ ..
اعْتَلَى رَبوةً فى الجحيمِ
وأفلتَ ناياً
بحجمِ الخرافهْ ،
.. تَمْتَمَ:
طأطأ النخلُ
هاماتهِ للخراب
ساذجاً
صادق التمرُ
أفواهَ من أسقطهْ ،
والجريدُ
يُظلّلُ من قَطّعهْ
.. غَمْغَمَ :
جِسْرهَا ما اكتملْ
والبلادُ
حريقٌ
بَلَلْ !
قنا - أبريل 1996

**

خارجا
يرتدى ديناميت السفر

مَاضياً
فى اتساعِ الْمَدى
مُثْقَلاً بالصبَّابهْ ،
نَازِفاً فَوْقَ حِجْر القَصيدةِ
تَارِيخَكَ الْمُشتعِلْ ،
حامِلاً عُودَك المنْكَسِر
شاهراً
غُنْوَةً خَبأتْها يَدَاكَ
عَلَى حَافَّةِ النَّار
فى لَيْلَةٍ مُظْلِمَهْ
المسالكُ
شاهرةٌ سَيْفَها
أبْغَضَتْكْ
غَلَّقَتْ دُونَكَ الآنَ أبْوابَها
ثُمَّ مَالَتْ تُمرّغُ أثْدَاءَهَا فى لآلئ
- مَنْ جَاءَها خِلْسَةً زَائِراً
وارْتضَتْ
أنْ تَلُوذ كَغَانِيةٍ
بالمُدامِ /
الوَتَرْ ،
يَالَها
فَتّحَتْ
هَنْدَمَتْ عُشَّهَا
للعشيقِ الذِى هَبَ يُسْقِطُ وَجْهَكَ فَوقَ الرماد
يَالحزْنُكَ
يا صاحِبى
خارجاً ..
ترْتدِى دينَاميتَ السَّفَرْ
رامحاً .
فَوْقَ خَطِّ الأديمِ /
الظَمأ
تبتغى
أنْ تُناطحَ فَقْراً
يَلُفُّ الحَدَائِقَ ،
يلتهمُ السُّنبلاتْ ،
تَبْتَغِى
شُرفَةً لسَنَابلِ
قَوسِ قُزحْ
شُرفَةً للعَبيرِ
المَطَرْ ،
تَبْتَغى
زَقْزَقَاتٍ عَلَى غُصْنِ جُمَيزَتِكْ ،
تَبْتَغى سَوْسَنَاتٍ تبَرَّجنَ فى المنحَنَى
تشتهِى الزنبقات اللواتى يُغَازلنَ هُدبَ الصَبَايا ،
تَبْتَغى ..
أن تَلمّ الحّنِينَ المُبَعْثرَ فى شفتى زوْجَتِكْ ،
وتُغَنِّى لها
غُنْوةً فى الصباحِ
وتَحْكى لها عن فضاءٍٍ
بهىٍّ
بعيدٍ
ونهرْ !
ديسمبر 1988

**

مكابدات فتى جنوبى

إلى: فتحى عبد السميع

مفتتحْ :
هذا دمى /
دَمُكْ
يدخلُ فى القصائدِ تارةً
وتارةً ..
ينداحُ فى غيم الكآبة
فمن يشاركُ الجنوبىّ الغناءْ ؟!
قال الفتى :
كانت الأشجار تضوى فى سما العتمة ،
لماذا الآنَ عتمةُ الأشياءِ تفترسُ الصباحْ ؟!
قلتُ يا فتى :
الحرفُ معتلٌّ /
ناقصٌ ،
الفعلُ عاجزٌ ،
فكيفَ نشدُّ فاتحة المغنّى ..
كيفَ نعيدُ شمساً
ليس يَنْكَحُهَا مغيبْ !
قال الفتى:
على قدمٍ نحيلةٍ
أهجُّ متشحاً بجيشٍ
لا يبينْ ..
أفتّشُ الطرقَ /
الخرائبَ
أسائلُ وهجَ براءةٍ متعبٍ فى عينِ طفلْ ،
هناك ..
أفاتِشُ
عنكَ /
عنّى
عن وطن يَبِيدْ !
على قدمٍ نحيلةٍ
أروحُ مدهوشا
أحثُّ خطاى
ألسعها ..
حيث هنالكَ قريةٌ تنعمُ فى صَمْتِهَا ،
أشدُّ ذاكرة القُرى
أعانقُ نخلة الجدّ العجوز
أهزّها ..
يَسّاقطُ الخوفُ ..
الآنَ ..
أمرقُ من حقول كآبتى
أفتحُ فى براحِ الليلِ
نافذةً /
طريقْ !
.. ..
خاتمة :
وَحْدَكَ ..
تفتحُ بوابة الحزنِ ،
وحدكَ ..
تأكُلكَ الأبجديّة ،
وحدكَ ..
فى مقلتيْكَ تُخبّئُ
ما قد تعرّى من الفقراء .
وحدكَ ..
تقرأ ما قد تَعسَر من سورةِ العشقِ والتهلكهْ .
نوفمبر 1994

**

الحروف

الجدارُ يئن
يَملُّ الوقوف على الناصية
يشدُّ الرحال
إلى مدن
قد تغازل وجه الضياء
… الدقائقُ
تشكو المواقيت
المواقيتُ صرعى على شاطئىّ النهار
والنهارُ ينقب عن أحرفٍ للهوية
والهويةُ …
تهوى التزحلق فوق الكواكب
… تجئُ الحروف
وتغدو
وفى الأمسيات اللواتى سكبن الضياء
تضاجعُ ما تشتهيهِ
تعكّرُ صَفو المدى ،
وتلقى ..
بأحجارها البكر
تعدو
تعدو
وتعدو
تعانقُ وجه الخلاصْ .
أبريل 1985

**

القصائد مسكونة بالعفاريت

كيفَ لها أن تُعكّرَ صفوَ البياضِ
- بحبرِ أناشيدَ لا تُغتفرْ ؟
وكيفَ لها أن تُعلّق حبلَ صبابتهَا
- حولَ جيدِ النخيلْ ؟
القصائدُ خَجْلى
أهمسُ فى أذْنِهَا ….
متى نشتبِكُ فى لِقاءْ ؟
القصائدُ ساكنةٌ قَبوَها
قَبْوُهَا هل يَلِيقْ
قَبْوُهَا
واحةٌ /
أمْ
حَريقْ ؟
القصائدُ …
مسكونةٌ بالعفاريتِ
- رغم ذلكَ -
لا مُشكلةْ …
- إذنْ سوفَ تكتبُ -
كيفَ ؟
وتلكَ العفاريتُ ملعونةٌ
لا تحبُّ المساءَ
تُلاحقنى فى النّهار …
والنهارُ عَراءْ !
منذُ عامٍ أو يَزِيدْ …
كُلّما مرّ يومٌ
تَصْفَعُنى خمسٌ وثلاثونَ نجمةْ ،
أيا رجلاً ضاقَ بكَ مْأَمنُكْ …
أرهقتكَ مَقَاه
وأنتَ العصىُّ …
قَبُحتَ لمقبرةٍ من رُخَامْ !
منذ عامٍ أو يَزيدْ ..
واللّصوصُ يغيرونَ فَجْراً
- على عُزْلَتِكْ …
منذُ عامٍ وعامْ …
والالهُ الصغيرُ الذى يَسْكُنُكْ
فى هلعٍ يَسْألُكْ …
لِمَ أنتَ ماضِ
- إلى مَقْتَلِكْ ؟
أيهذا الالهُ الصغيرُ
الصديقُ ..
فلتكنْ طائراً
أو حكايَا
على شفةٍ فى طَرِيقْ
فلتكنْ جَمرةً …
فالنشيدُ الذى كانَ يرقصُ فى الحُنجرةْ ،
لَمْ يَعُدْ يستلذُّ السباحةَ فى المحبرهْ !

**

جرح

للجرحِ ..
متسعُ ونافذتانْ
نافذةٌ على وطنى
وأُخرى
ترى بَدَدِى !
ب
د
د
ى
مايو 1995

مرفأ

قالَ عُدْ
أيُّها الفارس
وأخطفَ الصبحَ من خلفِ هذى المتاريسْ .
واشبك اليدَ بالوهجِ الطالعِ
وارتجلْ
أغنيات الصباحْ
صبحكَ الآن
حملقَ فى داخلى
ها هو يبسطُ فى دفترى
صوته
صوته ..
لونه المشرئبْ ،
نادهاً
للعبير الذى يرقد الآنَ
فى ظلّ صفصافةٍ ناهده ،
نَادِهاً
للضُحى المختبئْ !
أغسطس 1989

**

بشارة

فى البدءِ
كان الحجرُ
قدسَ الأقداسْ
كانَ .. وما زال
تاريخاً يَحْكِى
يُحكى عنه
… والآن …
يَنفلقُ …
يُخْرِجُ من أحشائهِ
جيشاً وأبابيل
أيتها الأحجار
غَنّ للأطفالِ
وللثورة
أغنيةَ خلاصٍ
وبشارةْ !
يناير 1988

…………

القسم الثانى
….

أغنية العشق
*****

البنت 000
تستقطب الولد الفوضوى
….
المباهجُ منقوشةٌ فى جبينك
.. ها هى تُصغى إلىّ ، فَأُصغى إليها
تُطوّحُ قُبلتها فى الفضاء، …
تجرجر كَرْمِى إلى كرمها الأنثوىّ …
ألوذُ بها كالظمئْ.
أيُّها الصبح طِرْ
فاجئ الغاديات على التلِّ
بالشعر مغنطهن
وسافر …
فى ردهات العيون
تَسلّح بالكائنات التى لا تقر
وعبئ جفونكَ من خمرهن
تَقدّس فى خدرهن ،
وزاوج بينى وبين القصيدة ،
،
بينى وبين لُهاث النهود إلى الانبلاج المبكر -
قبل مجئ الأنوثة
… أيها الصبحُ .. انفض ما قد تبقى من الغبش
المتنامى على شاطئّيكَ ،
ولوّح لهن …
ومرهن أن يتوضأنَ بالمسكِ /
بالبرقِ /
بالرغبة الجامحةْ ،
مرهن يسجدن فى ساحة الاشتهاء ،
يراودن شعرى /
جمرى
ما قد تشرنق فى غُرة الفجر ،
يرسمن فوق الخدود أغرودةً يتفتّقُ عنها الدلال
الرهيفْ .
المفاتن ساكنة فى عيونكِ
تستقطبُ الولد الفوضوى
تشاكسه بالرباب ،
وتلقيه فى جبها المرمرىّ
وتورقُ فى حلمهِ ،
تسأل الشعر أن يحتويه ،
يزاوج فى ثغره الأحرف الشاردة.
أيتها الفتنةُ الطاغية ،
استضيئى بوهج المروج
وانشطرى فى دمى ،
غيمةً
وسهولاً
عرّشى كالزّبد …
وافتحى النافذهْ
للبراق الذى شطَّ من لُغتى الوارفة.
ديسمبر 1988
**
البنتُ الجوالةْ
إلى: فداء
تُشعلنى بلحاظ بداوتهَا
تفرشُ كل دروبِ القلبِ
تباريحاً
ودلالاً
تمطرنى لُغة البُسطاء
فأوغلُ فى الفرحِ القَروىّ
تحطُّ على غيمىِ النابضِ
كوكبها الغضْ
وَتُزَاحمنى…
تسرجُ خيْلى
تنطَلقُ إلى وادٍ مَقْمْر
تبحثُ عن عشبىِ النْائَم فى الظلِّ
تُوقِظهُ
تُسْلِمهُ ضَفِيرتهَا، والأُخرىَ
تُخفيهَا فى صدرِ الفجرْ
البنتُ الجوالهْ
أرض تُواقهْ
تستقطبُ خطْوى
وتمد جدائلَ سندسها المخفّى
تُناوشنى
وتطالعُ نجمى ،
أركضُ نحو الشمسْ
أخرجُ من جَنبيهَا
فضاءً
ومواويلاً سمراءْ
أخْرجُ من عينيها ..
مُدناً وبلاداً
وسمواتٍ خضراء
تسكنها ولدان الشعرِ
ولدانُ ،
تُشعلها بالخُضرةِ
بالمطرِ الغَرَلىّ !
أكتوبر 1989
**

قمرية

مَالت علىّ
وطوّحت بُستانَها
بُستانُها ألقٌ يجرُّ الليل من سكناته
يدخلهُ فى وهج الطريق
ويرسم فى خدّه
ناياً
وقبرةً طروبْ .
نادت علىّ
يا أسود العينين
هيَا تزين بالصباحات
دس - أخيلتى الشفيفة -
فى سماء الحورِ
فى ليل السفين
رش صوتى فى عيون الرمل
والأشعار
تخرج سنابلك السمانْ !
قمرية
شدّتْ على وترِ الأفقْ
فتمايلَ
الولدُ
الأبىُّ
تَمايَلتْ
غمزت بعينيها
براكين الفؤادِ
وأدخلتهُ حديقةً
فواحةً
لعبيرها
ألقٌ يزغدُ فى نوافذ شعره
… هى رتّبت
لغة العيون
كيما يباغت صبوة الصبح المشاكس
يعتلى
أفق القصيدْ !

**


مقاطع إلى
زينب

وزينبُ
بنتٌ
وحقلٌ
وّمَاءْ
حوالينا تضحكُ
يخضرُّ صمتُ المواقيتِ
تضحكُ
يرتجُّ فى ثغرها
- كل هذا العبيرِ
ويضحكُ
تضحكُ
يهتز نهد الصباحاتِ فى حلقها !
لزينبَ
رائحةٌ تسكرُ البحر دوماً
أرافقهَا فى المسيرِ
لنلقى على صبحهِ نفحةً من براءتنَا
فى المساءِ
نباغتهُ بالحضورِ المزركش
إننا الآنَ ….
نشعلُ فى سمعهِ
غنوةً من زمانِ الطفولةِ
إنها الآنَ …
تطلقُ فى رملهِ ظلّها الأنثوىّ
وزينبُ
بِقربها مواسمى مَنّانة
مواسمى تُزيّن القصيد بالدلال المستبدِّ
وتشعلُ الفضاءَ
بالغناءْ
وتملأُ السماءَ
بالأريجِ
والحنوّ
لزينبَ
هذا الحضور الشفيفْ
ولى ..
كل هذا السمار المنمّقُ فى راحتَيها
شموسٌ /
غِناءْ !
لزينب
عشق نبىّ
هى
والنخيلُ عَطاءْ
هى
والنخيلُ سَوَاءْ !
ديسمبر 1990

**

جياد المواعيد

تجئُ ..
جيادُ المواعيدِ جوعى
تشاكسُ صمتى ،
تهزُّ حقولى ..
يَسّاقط الرطب .
وترحلُ …
عبرَ تخوم المدى
تفاجئُ قلبىَ فى لحظةٍ
- قد كساها النُّعاس -
تفاجئنى بالعيون
- التى ترسم العشقَ
فوقَ القُرى أنجماً
- تُسطّرُ وهج المسافة
تهدهدُ
أغرودةً للشروقِ المفاجئِ فى مقلتيهَا
ولا تستكينْ
جيادُ المواعيدِ
تركضُ نحوى
تُفتّشُ …
عن رسمكِ المستبدِّ
تَخطُّ على شفتيكِ
ترانيمَ بحرٍ
عصىٍّ
وبعضاً من الصور الطازجهْ .
فبراير 1987

**

إلى ذات الوجه المستدير

وجهكِ المستدير
كَعبّاد شمسٍ
يُحدّثُ عشب البراءة
عن الأمنيات اللّواتى تَقاعسنَ
فى رحلةِ التوق
عن غُربة الياسمين ،
وعن سوسنات تقافزنَ فى الجوع العاطفىّ
وهيأنَ لى
أيكةً جامحهْ .
وجهكِ المستديرْ
كعباد شمس
يُعانقُ فى رعشةِ الصبح وجهى
يَهزُّ نعاس نوافذىَ المغلقة
يَأخُذنى
حيثُ نخلكِ
نَخْلُكِ
ها هو يرقصُ
ملتحفاً
بالخجلِ القروىّ .
عيناك
ترفلُ فى غبشى
وتهزُّ غطيط عصافيرى
تُسكن كل أنوثة هذا العالم فى عينيهَا
وبعينيهَا تُبارزنى !
أستحلفُ رقّة هدُبيها
أن تُمطرنى شعراً
تمنحنى ثوباً
فضفاضاً
مغزولاً بخيوط الفجرْ .
أوقفُ زمن الكون
وأمرّغُ عينىّ
فى سُمرة عينيها
فى خُصل حقيقة كوثرها ..
صَوتكِ
يخرجُ مخضوضراً
كالحدائقِ
كالظلَّ
يستقطبُ المتعبين
ويُهدى لسرب الفراشات ما تشتهيه
يُعيدُ لهذى النوارس
تغريدة الموج
نبض السويعات
إطلالةً للفنار المشوقْ !
مارس 1990

**

الغزالة

الغزالةُ
خارجةٌ من حقول الكآبةِ
داخلةٌ فى دلالِ الفصولِ
فها هى تَخلعُ ميقاتهَا
وتميلُ على شاطئىّ
تهمسُ …
قد فاجأتنى الزنابقُ
دَسّتْ جمار التوهج فى طالعى
فى أضلعِى نَقَشَتْ شدوها المستحمّ بصوتِ الشواديفِ
تهمسُ …
لا تبتئسْ …
قد نضوتُ لك الصبوة البكر
طَوّحْ فُؤادكَ فى وشوشات البنفسجِ
عَجّلْ بقطفِ الثمار اللوّاتى تَحفُّ الأديم
وافِتكْ بخوفكَ
يورقُ نايكَ
ورداً
وظلا
لا تبتئسْ …
فى القلبِ يمرحُ توقك
يبنى سماء من الياسمين
يقفزُ من شرفتى
ويشمّرُ عن ساعديه
وينقشُ فى عتمةِ البوحِ
اسمكَ
رسمكَ
مَا قَدْ تَخفّى ….
ديسمبر 1989

**

القسم الثالث
…….
نشيد الألقْ الي أَفِينْ حَرَسَانْ

……….

نشيد الوجع

إلى: أفين حرسان


ما بيننَا
ألفُ نَشيدٍ راقصٍ
ألفُ صباحٍ مزدحمْ
.. ..
تكلّمى ..
تكلمى بالحظةَ القطفِ
كيفَ السبيلُ إلى حضورٍ طَيّعٍ
أو مُربكٍ
تَكلّمى ..
علّ الكآبةَ تَسْتَحى
تَرْحَلُ عن نوافذِنَا الفقيرةْ .
لِمَ يا حبيبى
تستفزُّ العصافيرَ ؟
- رغمَ ذلك -
تُدْخلُ أسماءهَا فى شقوقِ القصائدِ
لِمَ يا حبيبى ..
تَصْعَدُ لىِ ..
تصعدُ
تصعدُ ..
تَجْرَحُ زيتونةً تستبينُ إليكَ .. ؟
ثُمَ تَفْرِدُ خُصلاتِهَا فى أقاصىِ العبارهْ .
لمَ يا حبيبى ..
تُفْشى ما بيننَا للنهارِ /
المرايَا
وَتُهدى إلى العابرِ الفَظِّ ياسمينَ أسرارِنَا ،
هل لأنى أجرتكَ فىّ ..
وأسكنتُ أعضاءَك الباردة فى جِمارى .
أيتها البنتُ ..
موجِعةٌ أنت
حينَ تغيبينْ
موجعةٌ أكثرْ
حينَ أراكِ ..
لذا …
مِنْ مدنٍ إلى مدنٍ رحلتُ
عّلى أهربُ من جحيمٍ مُقبلٍ
علّ طريقاً
يُسلمنى لدهشةٍ متوحشةْ !
( قنا فى: فبراير / ابريل 1995)

**

ساطعاً بالحكايا
هكذا يخرج


لمئذنةٍ صادحةْ
طائرٌ يستبينْ
طائرٌ يختفى خَلفَ جُنحِ الكلام،
هكذا يخرجُ
حيثُ ذاكَ الفراغِ
ويندسُّ بينَ الوضوحِ
- وجذرِ القتامةِ
يدورُ
يدورُ
ويعلنُ :
رايتى مُفردة
خُلوتىِ فى أقاصىِ البعيدِ البعيدْ
" وأنَا أعلمُ
أنكم لن تروا وجهى "
من طائرٍ مارقٍ
أنكر الجمعُ ذلكْ
هكذا يَخرجُ
ساطعاً بالحكايا
ويندسُّ فى قلبِ صفصافةٍ فوقَ سُرةِ "قاسيون"*
صفصافةٍ لا تنامْ
هوذا حارسٌ ..
يتهجّى مزاميرَ تَخلعُ أناتِهَا للنُعاسِ
وتأْوى إلى شفةٍ طيّعهْ
أيها الطائرُ
ها أنذَا
قَد طوانى ليلُ التواشيحِ
قُلْ لى إذنْ
بأىّ الرُقى
نَعْتَلِى عَرشَ مُفردةٍ فى حقولِ الكلامْ ؟!
أكتوبر 1995

**

تداعيات

(صوت)


جاهر بعشقكَ يا ولدْ


جاهر بعشقك لليمامةِ


للبلادِ


وللعيون المستبدة


جاهر بفوضاك البهيّة


واقطفْ ….


واقطف من نخِيلكَ ما تشتهى !


(صوت آخر)


موغلٌ أنتَ يا سيدى فى الصبابةِ


والصبابةُ موغلةٌ فى الكآبةِ


كيفَ إذنْ …


يستبينُ الفرحْ ؟!